معظم مضادات الإكتئاب لا يعالج الألم المزمن

02 : 00

تعاون فريق من الباحثين من أستراليا وبلدان أخرى في تحليل مراجعات حول أثر مضادات الاكتئاب لمعالجة مشاكل الألم المزمن. استعمل هؤلاء الباحثون 26 مراجعة مختلفة في تحليلهم. كانت تلك المراجعات تغطّي أدوية من نوع السيرترالين والأميتريبتيلين لمعالجة أمراض مثل الألم العضلي التليفي والتهاب المفاصل الروماتويدي.



يذكر الباحثون أن بعض الأدوية ساعد المصابين بحالات مزمنة، لكن يجب أن يقيّم الأطباء برأيهم الإيجابيات والسلبيات مع مرضاهم. نُشرت نتائج الدراسة في "المجلة الطبية البريطانية".

راجع الباحثون مجموعة من قواعد البيانات لإيجاد تقييمات مناسبة للدراسة، ثم اختاروا 26 مراجعة لضمّها إلى دراستهم. شملت تلك المراجعات 156 تجربة شارك فيها 25 ألف شخص.

حدّد العلماء ثماني فئات من مضادات الاكتئاب التي استُعمِلت لمعالجة 22 حالة مختلفة من الألم. شملت تلك الفئات مثبطات استرداد السيروتونين والنوربينفرين، ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.

كانت حالات الألم الخاضعة للدراسة متنوعة، منها الألم العضلي التليفي، وألم الظهر، والتهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة ألم المثانة، والصداع النصفي المزمن.

قارن الباحثون مضادات الاكتئاب بالحالة التي كانوا يعالجونها وصنّفوا العلاجات بين خيارات "فاعلة، أو غير فاعلة، أو غير حاسمة".

لم تكن نتائج هذه الدراسة واعدة جداً عند استعمال مضادات الاكتئاب لتسكين الألم. يوضح الباحثون في تقريرهم: "وجدنا أدلة على فاعلية مضادات الاكتئاب في 11 مقارنة (26%) من أصل 42 واردة في هذه المجموعة من المراجعات المنهجية". واستناداً إلى المراجعات التي حللها الباحثون، تبيّن أن مثبطات استرداد السيروتونين والنوربينفرين هي الأفضل في بعض حالات الألم.

يكتب الباحثون: "تكشف الأدلة التي كانت معتدلة في دقّتها أن مثبطات استرداد السيروتونين والنوربينفرين كانت فاعلة في استهداف ألم الظهر المزمن، وألم ما بعد الجراحة، والألم العضلي التليفي، وألم الاعتلال العصبي".

كان دولوكسيتين (سيمبالتا) وفينلافاكسين (إيفيكسور)، وهما علاجان من فئة مثبطات استرداد السيروتونين والنوربينفرين، أكثر فاعلية من غيرهما لمعالجة الألم. أما مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات، فلم تكن فاعلة جداً مع أن الأطباء يصفونها لتسكين الألم في حالات كثيرة. لاحظ الباحثون أن هذه الأدوية تشكّل حتى 75% من مضادات الاكتئاب التي يصفها الأطباء لاستهداف الألم، لكن تكشف مراجعتهم أن هذه الفئة من الأدوية لا تعالج إلا ثلاث حالات من الألم من أصل 14.

كانت مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية مفيدة لاستهداف الاكتئاب المرضي المصحوب مع ألم، لكنها لم تعالج حالات الألم وحدها.

أثبتت مثبطات استرداد السيروتونين والنوربينفرين فاعليتها لمعالجة الألم العضلي التليفي، لكن لم تبرز أي أدلة على منافع مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية مقارنةً بالدواء الوهمي لاستهداف هذه الحالة. كذلك، لم تنعكس مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية إيجاباً على ألم الظهر، أو عسر الهضم الوظيفي، أو ألم الصدر غير القلبي.

يقول المشرف على الدراسة، جيوفاني فيريرا، من "معهد صحة الجهاز العضلي الهيكلي وصحة العضلات والعظام" في جامعة سيدني: "قد يؤدي وصف قائمة من مضادات الاكتئاب، من دون مراعاة الأدلة المرتبطة بفاعلية كل نوع منها مع مختلف حالات الألم، إلى تضليل الأطباء والمرضى ودفعهم إلى اعتبار جميع مضادات الاكتئاب بالفاعلية نفسها لتسكين الألم. لقد أثبتنا أن الواقع مختلف".

كان جزء من مشاكل هذه الدراسة يتعلّق بغياب المراجعات المستقلة التي يستطيع العلماء تقييمها. يقول الدكتور سودهير غاد، طبيب نفسي في مدينة نيويورك: "تُعتبر قلة الدراسات المستقلّة في هذا المجال عائقاً كبيراً. ويتعلّق عائق آخر بطبيعة الدراسات بحد ذاتها واستناد محتواها إلى تقارير ذاتية بدل الاتكال على معايير موضوعية لتقييم مستوى تسكين الألم مثل نطاق الحركة، والقوة، والنوم، وقياسات محتملة للسيتوكينات. مع ذلك، أظن هذا النوع من الأبحاث يستحق الثناء رغم نقاط ضعفه. من الضروري أن نقيّم أثر استعمال مضادات الاكتئاب لمعالجة الألم. نحن نعتبر الألم مشكلة هامشية، لا محورية، لكنه يحمل طابعاً مزدوجاً بدرجات متفاوتة. من خلال فهم تأثير عدم معالجة الألم المركزي على مسار التعافي، يمكننا أن نستبق المشاكل".

تعليقاً على نقاط ضعف هذا المجال البحثي، تقول الدكتورة كيلي جونسون آربور، خبيرة في علم السموم في مستشفى جامعة "ميدستار جورج تاون" في واشنطن: "تتعلّق نقطة ضعف كبيرة في هذه الدراسة بارتباط نصف المقالات الخاضعة للمراجعة بالجهات المموّلة أو الناشطة في هذا القطاع، ما يعني أن نتائج الدراسة قد تتغيّر بسبب انحياز المشرفين عليها".


MISS 3