ألان سركيس

اللقاءات تُراوح مكانها: المبادرة البطريركية في خواتيمها غير السعيدة!

15 آذار 2023

01 : 59

مهمة بو نجم كانت أكثر من ضرورية (رمزي الحاج)

بعد انتهاء اللقاءات السابقة التي قام بها راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم بتكليف من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أعاد المطران المحاولة مرّة جديدة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الكتل المسيحية، وبانتظار «جوجلة» أفكار الجولة الجديدة، قبل بروز المعطى السعودي - الإيراني الذي قد يفتح باب الحوار الحذر ويؤثّر على ملفات المنطقة وليس لبنان.

ما زال التباعد كبيراً بين القوى والشخصيات المسيحية، لكن الإستنتاج الأبرز الذي خرج به بو نجم هو الإتفاق بين جميع المكوّنات المسيحية على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت، وعدم السماح بفرض رئيس بالقوة لا يرضى عنه المكوّن المسيحي، أما نقطة الإختلاف الجوهرية فتبقى في عدم الإتفاق على اسم موحّد. ويأتي هذا الموقف المسيحي الجامع من عدم القبول بفرض رئيس بالقوة بعد ترشيح كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي والأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية من دون تأمين الغطاء المسيحي لترشيح كهذا.

وعلى رغم دعواته المتكرّرة لانتخاب الرئيس، يرفض البطريرك الراعي أيضاً فرض رئيس على المسيحيين واللبنانيين يُعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويُدخل لبنان في سياسة المحاور ويشكّل استكمالاً لمنطق قطع علاقة لبنان مع العالم العربي والعالم أجمع. تُعتبر بكركي من أكثر الأطراف اقتناعاً بأنّ الأزمة الرئاسية هي وطنية وليست مسيحية، لكنها أرادت إزالة فتيل من يرمي كرة التعطيل في مرمى المسيحيين، خصوصاً بعدما فضحت تصرّفات «الثنائي الشيعي» المستور من اللعبة، وبرهنت عن وجود فريق يقاتل ويضرب كل شيء ولا سيّما «الميثاقية» من أجل الحفاظ على السلطة والحكم.

تؤشر نتائج جولة المطران بو نجم الأخيرة على مراوحة الأمور مكانها بين القوى المسيحية خصوصاً بعدما سرق التقارب السعودي - الإيراني الأضواء وطرح تحدّيات جديدة، فالإنتخابات الرئاسية ستكون اختباراً لمدى انعكاس هذا التقارب على ملفات المنطقة المشتعلة.

يُصرّ المطران بو نجم على ضرورة إحداث خرق ما، في وقت يطرح، وانطلاقاً من عظة البطريرك الأخيرة، جمع النواب المسيحيين في ما يشبه رياضة روحية وليس ضمن إطار إجتماع سياسي مثلما كان مطروحاً في الجولة الأولى من المشاورات، وبالتالي لا تزال الأمور تُراوح مكانها. لن يدخل بو نجم في «مستنقع» طرح أسماء مرشحة لرئاسة الجمهورية، فكل فريق يطرح سلّة أسماء، لكن بكركي لم تتبنَّ حتى الساعة أي اسم ولم تُغربل الأسماء عكس ما يُشاع، فعندما تقول البطريركية المارونية كلمتها الرئاسية تراهن على وصول هذه الكلمة إلى خواتيمها السعيدة لا الدخول في بازار أسماء أو سجالات أو حرق اسم من هنا أو هناك.

لا يمكن الجزم بفشل مهمة بو نجم، فما أظهرته اللقاءات هو وجود طرف قادر على التحاور مع جميع المكوّنات المسيحية في زمن انقطع فيه الحوار، وبالتالي قد يتوجّب على بكركي لعب دور متقدّم في المرحلة المقبلة وعندما يحين الموعد. وتؤكّد مصادر كنسية لـ»نداء الوطن» أن مهمة بو نجم كانت أكثر من ضرورية، وهي مستمرّة، وربما تؤسس لحوار مسيحي - مسيحي قد يتخطّى في المرحلة المقبلة أزمة إنتخاب رئيس للجمهورية، حتى لو لم تصل مبادرة بو نجم إلى خواتيمها السعيدة رئاسياً ووقفت المحاولات عند هذا الحدّ.

واعتبر بو نجم في بيان له أنّ «الأسماء التي يجري تداولها في الإعلام، على أنّها الأسماء المقترحة من قبل البطريرك الراعي، هي معلومات غير دقيقة، لأنّ غبطته لا يدخل في لعبة الأسماء، ولا يمكن اعتبار هذه اللائحة رسميّة من قبل بكركي، إذ إنّ هناك أسماء خارج الأسماء المتداولة».

تأمل بكركي في وصول التقارب السعودي - الإيراني إلى نتيجة تنعكس إيجاباً على لبنان، في حين ترى البطريركية أنه لو صدقت النوايا لكان الإنتخاب مُتاحاً اليوم قبل الغد، ففي السابق كانوا يضعون كرة التعطيل في مرمى التأزم الإقليمي، واليوم بعد هذه الإنفراجات يبقى السؤال: ما الذي يُعيق مسألة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟