طوني فرنسيس

مارسيل خليفة في رام الله

16 آذار 2023

02 : 00

يوم 13 آذار يومٌ فلسطيني مميّز. هو ليس ذكرى انتفاضة أو معركة مع الاحتلال، وليس محطة للإحتفال بشخصية من شخصيات المواجهة المديدة على امتداد النضال من أجل الوطن المستقل. هو مناسبة تجديد المعنى الحضاري للقضية الفلسطينية، اتخذت من ذكرى ميلاد الشاعر محمود درويش يوماً سنوياً للثقافة الفلسطينية.

فعشية عيد «المساخر» اليهودي وعيد «الأربعاء الأحمر» الفارسي تحيي الأرض الفلسطينية يومها للثقافة. إنّها أعجوبة الشعب الرازح تحت الاحتلال منذ عقود وهي في الوقت نفسه ردّه على المحاولات الدؤوبة لإقتلاعه وتذويبه.

وفي حين تعيش الأراضي المحتلة، خصوصاً في الضفة الغربية وغزة أيامها على نار حامية من الصدامات مع الاحتلال ومستوطنيه، ويتحدث المتابعون عن احتمال انفجارات وانتفاضة شاملة جديدة، يجد الفلسطينيون وقتاً للاحتفال بالثقافة الفلسطينية والعربية، ولتكريم مبدعين فلسطينيين وعرب ومن العالم قدموا أعمالاً ونشاطات مميزة تخدم قضية التحرر الوطني الأخيرة في القرن الواحد والعشرين.

في 13 آذار قدمت وزارة الثقافة الفلسطينية جردة بالنشاط الثقافي في البلد المحتل يوازي وربما يفوق في مغزاه جردة النضالات والمواجهات والضحايا والاسرى. فليس قليلاً في أرض ترزح تحت الاحتلال أن تنتشر المراكز الثقافية ليبلغ عددها 584 مركزاً خلال العام الماضي، وتزداد الأنشطة الثقافية بنسبة 40 في المئة ليشارك فيها 588 ألف مواطن. ويبلغ عدد المسارح العاملة 17 مسرحاً عرضت على خشباتها 346 مسرحية أمام حضور بلغ تعداده 43 ألفاً. وإلى المراكز الثقافية والمسارح بلغ عدد المتاحف 32 متحفاً زوارها فاقوا الـ265 ألفاً، 77 في المئة منهم فلسطينيون.

13 آذار بدا أنه يوم لحيوية شعب يعرف أنّ مخزونه الثقافي هو سلاحه الأمضى الذي سيوفر له الصمود في معركته القاسية، وفي هذا اليوم اختارت مؤسسة محمود درويش في رام الله تكريم رموز ثقافية لها حضورها في الوعي الفلسطيني. الفنان اللبناني مارسيل خليفة كان المبدع العربي بينهم. سلمى الخضراء الجيوسي كانت المبدعة الفلسطينية، والاكاديمية الإيطالية ايزابيلا كاميرا دي افليتو كرمت بجائزة المبدع العالمي.

إستحق خليفة جائزة المبدع العربي التي أهدى قيمتها لمؤسسة درويش، لأنه على قول عضو اللجنة التحكيمية الدكتور موسى الخوري «أغنى التراث الموسيقي والغنائي العربي بإضافات لافتة، وصدحت موسيقاه وصوته في كل الحواضر العربية والعالمية وحفر عميقاً في ذاكرة الجماهير العربية، وأثر على وعيها، وأسهم في تطوير ضمائرها وتشكيلها، علاوة على كونه خصّ الشعر الفلسطيني بإبداعه. فمحطات مساره الموسيقي مؤثثة بنصوص من هذا الشعر عموماً، وبشعر محمود درويش على وجه التعيين ...».

جاء تكريم خليفة في رام الله إضافة لما قالته لجنة الجائزة، تتويجاً لعلاقة عمرها عقود بين صوت الفنان وكلمته وموسيقاه وبين أجيالٍ من الفلسطينيين والعرب، فأغانيه حاضرة في يوميات الأرض المحتلة مثلها مثل الحجارة في وجه الاحتلال. وبتكريمه تكرّم مؤسسة محمود درويش جهداً ابداعياً لم يهدأ يوماً في سبيل استعادة معنى الكلمة واللحن، وتكتب إضافة مضيئة في صفحة يوم الثقافة الفلسطينية.


MISS 3