بسام أبو زيد

الشغور والوكيل بدل الأصيل

17 آذار 2023

02 : 00

لا يشهد لبنان أي جهدٍ جدي لإنهاء الشغور الرئاسي ولا مشكلة لدى البعض إن طال هذا الشغور سنوات بانتظار أن يتحقق الهدف ويأتي الرئيس الذي يمثله. وفي هذا السياق ليس هناك من جهدٍ مثلاً لدى محور الممانعة سوى محاولة تأمين المزيد من الأصوات لمرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية كي تبلغ 65 وكي يؤمن النصاب بـ86، كما أنّه يراهن على تبدّل في موقف المملكة العربية السعودية ما يتيح لنواب سنّة ولنواب «اللقاء الديمقراطي» انتخاب مرشح الممانعة وأن تشارك «القوات اللبنانية» في تأمين النصاب من دون الإقتراع له.

السؤال متى يمكن أن يحدث هكذا سيناريو؟ لا أحد يمكنه الإجابة عن هذا السؤال، حتى الذين يعملون على تحقيق هذا السيناريو، فهم حتى الساعة استنفدوا كل الأسلحة المشروعة التي بحوزتهم ولم يبق أمامهم سوى الإنتظار والمراهنة على يأس الرافضين للمرشح الممانع، أو على كلمة سر تأتيهم من الخارج، علماً أنهم لو رأوا أنّ أساليب ووسائل أخرى قادرة على تبديل موقف المعارضين لهم لكانوا استخدموها منذ اليوم الأول لبدء «مشروع التحدي» كما يصفه المؤيدون للمرشح ميشال معوض. وهؤلاء المؤيدون أيضاً أدركوا أن لا مزيد من الجهود يبذلونها لتعطي معوض المزيد من الأصوات في الإقتراع الرئاسي، ما يعني أنّ هذا الفريق أيضاً الموصوف بالسيادي لا يزال عاجزاً عن تأمين الـ65 صوتاً والـ86 نائباً في القاعة، وهو يعيش أيضاً هاجس تراجع أي طرف عن توجهات المعارضة ليلتحق بالفريق الآخر.

الاهتمام لا يطال أيضاً مخاطر الشغور في المواقع الأخرى في الدولة، فالتفكير هو بالوكيل الذي سيتولى منصب الأصيل، وهذا ما انسحب على المديرية العامة للأمن العام، وسينسحب على حاكمية مصرف لبنان وعلى موقع قائد الجيش إن طال الشغور الرئاسي وغيرها من المواقع. والمهم بالنسبة لهذه القوى هو الركون إلى الوكيل في هذه المرحلة الموقتة التي لا أحد يعرف كم ستطول بانتظار الإتيان بأصيل يكون موالياً بشكل كامل للقوة السياسية التي تحتكر هذا المنصب أو ذاك.

وهنا لا يد من الإشارة أيضاً إلى أن تعيين أي أصيل مرتبط مباشرة بمن سيكون رئيساً للجمهورية وكيفية تقاسم الحصص معه، إذ إنّ هذا الرئيس لن يكون منفرداً متعففاً عن المطالبة بمناصب ومواقع، وستكون شهوته أكبر إن كان ممثلاً لقوة سياسية فعندها سيعمل على تسخير ما تبقى من مقومات الدولة والبلد لصالح القوة السياسية التي ينتمي إليها ولصالح المؤيدين له.

وانطلاقاً من كل ما تقدم يمكن القول إن العقلية التي ما زالت تتحكم بتشكيل السلطة في لبنان وتوزيع مواقع النفوذ فيها، هي الوصفة المثالية للإستمرار في الإنهيار في لبنان ووضع اليد على ما تبقى من موارد في البلد أو ما قد يظهر منها ولا سيما في قطاع النفط والغاز. ففي علم السياسة والاقتصاد لا ينطلق ازدهار واقتصاد في أي بلد إلا من خلال استقرارٍ سياسي قوامه حكومة تشكل فريق عمل واحداً لا مساحة للمحاصصة والتعطيل، وقرار سياسي يحيّد لبنان عن صراعات المنطقة وحروبها وحدود مضبوطة بوجه أي نوع من أنواع التهريب والمعابر غير الشرعية.

قد تكون تلبية هذه الشروط معجزةً لا يمكن أن تحصل في زمن المعجزات، فكيف إذا كان الزمن الذي يمر به لبنان هو زمن التسويات على حساب كل ما تبقى والاستمرار في دورة الخراب ودغدغة مشاعر التعساء بشعارات فارغة تبدأ من الكرامة ولا تنتهي بهزيمة الاستعمار؟!


MISS 3