ريتا ابراهيم فريد

العمل الإنساني يملأ حياتكم بالحب

All for one Lebanon تطلق مركزاً لمواجهة الأزمات

20 آذار 2023

02 : 01

متطوّعون يوضّبون المساعدات
رغم الظروف المعيشية التي تشتدّ صعوبة يوماً بعد يوم حتى باتت تطال الجميع، إلا أنّ متطوّعي All for one Lebanon ما زالوا مستمرّين منذ خمس سنوات في تقديم المساعدة وإطلاق الماراتونات والنشاطات الإنسانية المختلفة، ولم يتوقّفوا عن ذلك لو لشهرٍ واحد. واليوم هم بصدد التحضير لإطلاق "مركز لمواجهة الأزمات"، بحسب ما أعلنت صاحبة المبادرة الصحافية ناتالي واكد عبر مواقع التواصل الإجتماعي. "نداء الوطن" تواصلت مع ناتالي التي شدّدت على أهمية العمل الإنساني والتطوّعي، مشيرةً الى تدخّل العناية الإلهية في مباركة كلّ خطوة وتسهيل كلّ الصعوبات.

إلى جانب كل النشاطات الإنسانية التي تقومون بها منذ سنوات، أنتم اليوم بصدد إطلاق "مركز لمواجهة الأزمات". في أيّ إطار تأتي هذه المبادرة؟

كنّا قد أنشأنا في السابق مركزاً للطوارئ في منطقة الربوة، لكن حينها لم نكن نواجه أزمات بهذه الحدّة. وكنا نحاول تأمين المونة والتدفئة للأسر بما يشمل البطانيات وحليب الأطفال والحفاضات، إضافة الى وجبات ساخنة لكلّ من يحتاجها. اليوم قرّرنا أن نطلق مركزاً جديداً للطوارئ بهدف مواجهة أيّ أزمة جديدة قد نتعرّض لها مثل الزلازل أو الهزّات، بحيث يشكّل مكاناً آمناً لاستقبال المتضرّرين والباحثين عن مأوى الى أن يرتّبوا أوضاعهم. وسيكون مجهّزاً بالفرشات للمنامة وأدوات الاسعافات الأولية السريعة كتضميد الجروح وأدوية الطوارئ، إضافة الى الموادّ الغذائية والمياه. علماً أنّ عائلات كثيرة من جميع المناطق اللبنانية اضطرّت الى إخلاء منازلها بسبب التصدّع أو لعدم قدرتها على تسديد الإيجار.



تقولين إنّ يسوع هو من يدعمــــــك والجندي هو القديس شربل. كيـــــــــف تصفين دور العناية الإلهية في مباركــة وتسهيل خطواتكم كي تستمرّوا بتقديم المساعدة رغم صعوبة الظروف؟

من الطبيعي أن نشعر أحياناً بالضعف جراء التعب الجسدي. وقد ننسى أنّ علينا ألا نخاف. فيسوع معنا في كل لحظة والقديس شربل يرافقنا دوماً. وأنا أشعر بحضوره وبأنّه يمسك بيدي، وقد اختبرتُ ذلك بشكلٍ خاصّ خلال انفجار المرفأ. حيث حلمتُ به صباحاً وكنتُ أشعر بضعف كبير وأتساءل عن قدرتي على فعل شيء ما، فقال لي: "أنا اللي رح أعمل، قومي". وبالفعل كان قبل أسبوعين قد سهّل خطواتنا وساعدنا على تجهيز شاحنات لنقل المونة وصناديق المياه، ولو لم نقم بذلك لما استطعنا مواجهة هذه الكارثة بسرعة. واليوم أشدّد أمام المتطوّعين على ألا يقلقوا بسبب صعوبة المواصلات أو الظروف المعيشية، فالقديس شربل سيتدبّر كل شيء. وبقوّة الرب الذي يمنحنا الإرادة، سنكون حاضرين لتقديم المساعدة خلال شهر رمضان الكريم وخلال عيد الفصح.

هناك إصرار في معظم إطلالاتك على أهمية زرع الإيمان بأننا سنتخطّى سوية هذه الأزمة، ما الذي يعزّز لديك هذا الأمل؟

في كلّ مرة أواجه فيها جبالاً من الصعوبات، أتساءل بيني وبين نفسي عن قدرتي على تقديم المساعدة لهذا العدد الكبير من الأسر، لكنّ الحلّ كان يتجلّى أمامنا فجأة. وأحياناً حين يكون الصندوق فارغاً من أيّ ليرة، كذلك جرار الغاز، وأتحدّث هُنا من واقع حياتنا اليومية كمتطوّعين في هذه المبادرة، كنتُ حينها أنظر الى صورة القديس شربل المعلّقة على الحائط في المركز وأقول له: "يلا يا مار شربل. ويا رب دخيلك". وفوراً كنا نتلقّى اتصالاً من متبرّعين يرغبون بتقديم المساعدة. الرب قال لنا "اطلبوا تجدوا"، فأين إيماننا؟ حتى لو تعبنا جسدياً، المهمّ أن تبقى معنويّاتنا مرتفعة.



ناتالي واكد صاحبة المبادرة

المتطوّعون خلال أحد النشاطات

قلب واحد للبنان واحد




في سياق حديثك عن المعنويات ومن خلال تجربتك، كيف يمكــــــــن للعمل الإنساني أن يعطي معنــــــى لحياتنا ويساعدنا على تجاوز هـــــذه المرحلة الصعبة؟

وصلتني منذ يومين رسالة صوتية من أشخاص من الشمال، كانوا قد طلبوا مني قبل سنتين زيارة المنطقة ومعاينة الأوضاع المأسوية للسكان. حينها استصعبتُ الأمر بسبب المواصلات وكيفية تأمين شاحنات محمّلة بالمواد اللازمة. فزوّدتهم بأرقام جمعيات أخرى، لكنّهم أصرّوا عليّ كي أزورهم. عدتُ وزرتهم بعد فترة بعد تدخّل العناية الإلهية التي باركت كل شيء وانطلقنا محمّلين بأطباق طعام ومواد قدّمت لنا مجاناً. بعد يومين، اتصلوا بي وأخبروني أنهم أطلقوا بدورهم مبادرات تطوّعية على غرار مبادرتنا. لا يمكنني وصف الفرح الذي شعرتُ به رغم كل التعب، فهناك من يقول لي إني لستُ بمفردي. وطالما هم مستمرّون عليّ بدوري أن أستمرّ. دائرة الإيمان والمحبة يجب ألا يتم خرقها، لأنها ستكبر تدريجياً على أمل أن ننهض مجدّداً في أقرب وقت.

كيف يمكن لكلمة الشكر أو دعوة الخير التي تسمعونها أن تتحوّل الى دافعٍ لكم حين تشعرون بالإحباط؟

ماذا يمكنني أن أقول. يكفي أنّ الأشخاص الذين نعجز عن الوصول إليهم، بدلاً من أن يعبّروا عن حزنهم، يطلبون مني ألا أشعر بالقلق ويقولون: "ما تعتلي همّ، يكفي اتصالك بنا الذي أعطانا إيماناً بأنّ كل شيء سيكون على ما يرام". وفي الوقت نفسه أشعر أنّهم أعطوني اندفاعاً أكبر بكلماتهم الجميلة. أودّ أن أشير أيضاً الى أني عشتُ رعباً ونوبات هلع مع بداية أزمة "كورونا". لكنّني عدتُ ونهضتُ وبادرتُ الى إطلاق ماراتون المساعدات. وأعتقد أنّ ذلك خلّصني من التوتّر والقلق الذي كان يتملّكني في تلك الفترة.

ماذا تقولين للشباب اللبناني لتشجيعهم على المشاركة بمبادرات وأعمال إنسانية؟

سأعطيهم مثالاً عن إبني. منذ أن كان في سنّ الـ15 كنتُ أصطحبه للمشاركة معي في العمل الإنساني. لم يكن يكترث لذلك في السابق ولم يكن يشعر بأنّه معنيّ. الى أن شارك في أحد نشاطات عيد الميلاد حين كنّا نجهّز الهدايا للأطفال ونحضّر قوالب الحلوى والزينة لتوزيعها. فصارحني بأنّ هذا أجمل عيد ميلاد مرّ عليه في حياته، ومنذ ذلك اليوم تغيّر وبات يسبقني الى العمل الإنساني. من هنا أقول لكلّ الشباب الذين يشعرون بالفراغ اليوم بعدما خسروا معظم نشاطاتهم وتغيّر كل نمط حياتهم: حين تبادرون الى مساعدة الذين لم يتبقّ لهم شيء، ستمتلىء حياتكم بالحب وبقوةّ العزيمة. وقد يخرج من هذا الجيل الجديد أبطال ينقذون هذه الوطن.


MISS 3