جاد حداد

Brahms: The Boy II... خطوة ناقصة!

6 آذار 2020

11 : 52

تسود في الآونة الأخيرة نزعة غير متوقعة حيث تكون الأجزاء قوية من الناحية الإبداعية أكثر من الفيلم الأصلي. هذا ما حصل مع Ouija: Origin of Evil (ويجا: أصل الشر) وAnnabelle: Creation (أنابيل: الخلق)، فقد كان كلاهما أفضل من الأفلام التي سبقتهما. لهذا السبب، توقع البعض على الأرجح أن يكون Brahms: The Boy II (برامز: الفتى 2) مشروعاً واعداً. لكنها فكرة خاطئة! قد يبدو هذا الحكم قاسياً، لكن حتى محبو الفيلم الأصلي ما كانوا يتوقعون صدور جزء جديد منه.

كان الفيلم الأول ذكياً من ناحية معينة، فحاول إقناع المشاهدين بأنه يتمحور حول دمية ممسوسة، ثم غيّر هذا الخط السردي في المشاهد الأخيرة. إنها قصة امرأة كُلّفت بالاعتناء بدمية وكأنه فتى حقيقي، ثم تقتنع بأنه حقيقي فعلاً قبل أن تكتشف أن رجلاً آخر يعيش في الجدار. استند العمل على الأقل إلى مضمون سردي بسيط مقارنةً بالأفكار غير المنطقية التي يصل إليها Brahms: The Boy II في نهاية المطاف. وكأن أحداً بدأ هذا المشروع متسائلاً: كيف نستطيع أن نرفع مستوى الجنون بعد نهاية الجزء الأول؟ ينطلق الجزء الثاني من هذا السؤال على ما يبدو.

للأسف، حتى هذا السؤال يعطي الفيلم بُعداً أكثر متعة مما هو عليه. هو يكسر قاعدة جوهرية في عالم صناعة الأفلام مفادها أن الفيلم يجب أن يكون ممتعاً على الأقل إذا كان يفتقر إلى المنطق. أما الفيلم الذي يكون مملاً لهذه الدرجة وغير متماسك من الناحية السردية فيُعتبر مريعاً بمعنى الكلمة. والأسوأ من ذلك هو أن المشهد الأخير يعطي انطباعاً بأن الفيلم قد يتخذ المنحى الجنوني الذي يحتاج إليه كي يبقى في ذاكرة المشاهدين، لكنه يُمهّد بكل بساطة لنهاية مفتوحة ومزعجة وغير منطقية أكثر من اللامنطق الذي سبقها.




بالعودة إلى قصة الفيلم، تنتقل أم (كايتي هولمز) وزوجها (أوين يومان) وابنهما "جود" (كريستوفر كونفيري) إلى عقار ريفي يُعتبر مألوفاً بالنسبة إلى محبي الفيلم الأصلي. في التفصيل، تنتقل العائلة إلى بيت ضيافة ضمن ذلك العقار، وهو واحد من سلسلة قرارات سيئة في هذا الفيلم: كان الموقع عنصراً مهماً من الجزء الأول، لكنه ليس كذلك هذه المرة. في أول يوم لهم هناك، يجد "جود" الدمية المعروفة باسم "برامز" وهي مدفونة في الغابة. وبما أن "جود" كان شاهداً على الهجوم الذي تعرضت له والدته، سرعان ما يتوقف عن الكلام. لكن يبدو أن رفقة "برامز" تساعده على البوح بمشاعره... أو تجعله يفقد صوابه!حين تتخذ تصرفات "جود" منحىً مريباً ويبدأ بالتحديق في الفضاء بعينين جامدتين، تتساءل والدته إذا كان "برامز" ممسوساً ويصدر الأوامر كي ينفذها ابنها. يتكل المخرج ويليام برانت بيل على هذه الفكرة أكثر من الفيلم الأول. نشاهد كيف تتحرك عيناه ورأسه بطرقٍ كرتونية مريعة، مع أننا نتوقع دوماً أن ترتبط حالته هذه بصدمة الأم التي تجعلها تعيش بعض الهلوسات الخاصة بها (أو ربما نريد بذلك أن نعطي الفيلم طابعاً أكثر تشويقاً مما هو عليه).

يرتفع منسوب التشويق حين يبدأ "جود" بالتكلم عن تعاسة "برامز" مع والديه. أخيراً، يتجول شاب مريب اسمه "جوزيف" (رالف إينيسون) في المكان وهو يحمل بندقية صيد، ومن الواضح أنه يخفي سراً كبيراً أو يقتصر دوره على كشف الحقائق بطريقة غبية في المشهد الأخير (سرعان ما يتّضح أنه يحقق هذين الهدفين معاً). من الواضح أن هذا الجزء يتقاسم بعض العناصر مع الفيلم الأصلي على مستوى المواضيع، مثل إصابة امرأة بصدمة نفسية من جراء تعرّضها للعنف، فتكاد تفقد صوابها.

ومع ذلك يبقى الجو العام خانقاً. يتنقل هذا الفيلم بين مشاهد كايتي هولمز المرعوبة والدمية المريبة، وتتكرر اللقطات بينهما بشكلٍ مفرط. سرعان ما تصبح الأحداث باهتة ومملة لدرجة أن يتشتت عقل المشاهدين. تتعلق أكبر مشكلة بعدم أخذ أي مجازفات بارزة، وكأنها قصة أشباح من دون أشباح! إنه مجرّد فيلم جامد بقدر جمود ملامح "برامز". وحين ينذر أخيراً بتغيير مساره وطرح حدث مثير للاهتمام، ينتهي الفيلم قبل وصوله إلى الدقيقة التسعين. في النهاية، يجب أن يحتفظ القيّمون على العمل ببعض الأحداث للجزء الثالث!


MISS 3