"عملة نادرة" هو دراما مصرية من بطولة نيللي كريم، جمال سليمان، جومانا مراد، أحمد عيد، كمال أبو رية، فريدة سيف النصر، ندا موسى، محمد لطفي، علي الطيب، مريم الخشت، نهى صالح، محمد فهيم، رمزي العدل، هشام عاشور وعدد من الممثلين المصريين. وهو من تأليف مدحت العدل وإخراج ماندو العدل وإنتاج شركة العدل غروب للمنتج جمال العدل، ويتناول أيضاً مسألة التمرّد على الزعامات، حقوق المرأة في ظلّ الممارسات الذكورية وخصوصاً لناحية قضايا الميراث، الثأر، التطرف الديني وغيرها من العناوين الاجتماعية.
تدور القصة حول نادرة (نيللي كريم) التي تصبح أرملة بعد أيام قليلة على ولادة ابنها يوسف، حين يقوم مسعود (أحمد عيد) وهو شقيق زوجها، بقتل أخيه بلال (علي الطيب) طمعاً بالأرض التي سجّلها والده باسمه، على طريقة قايين وهابيل والجريمة الأولى التي ارتكبت في التاريخ. تدخل نادرة هُنا في مواجهات شرسة مع أهل زوجها وترفض الاستسلام لحرمانها من الميراث. فبحسب العادات، لا يمكن للمرأة أن ترث أرضاً. لذلك تخوض حرباً من أجل الحصول على حقوقها وحقوق ابنها، وتجد نفسها في مواجهة مع عبد الجبار (جمال سليمان)، وهو والد زوجها وزعيم البلدة الذي يلقّب بالـ"كبير"، والذي يتبيّن لاحقاً أنه قتل والدها حين كانت صغيرة.
إندماج واضح مع الحياة الصعيدية
المسلسل الذي تجري أحداثه في بلدة النجع في صعيد مصر، يعدّ مادة ممتازة لمحبّي المسلسلات التي تتناول الحياة الصعيدية. فهناك اندماج واضح بين الشخصيات وبين أسلوب الحياة على مختلف الصعد. وقد ركّز المخرج على أصغر التفاصيل، إن كان لناحية اللهجة أو اللباس أو طريقة التعاطي. كما أنّ النساء ظهرن على طبيعتهنّ من دون أي تبرّج أو تصفيف شعر أو حتى وضع مساحيق تخفي الحبوب في الوجه.
ورغم أنّ بعض الحلقات شهدت رتابة وغابت عنها عناصر التشويق، إلا أنّ الحضور القوي للنجمة نيللي كريم والفنان القدير جمال سليمان شكّل بحدّ ذاته عنصر جذب لمتابعة العمل.
تجدر الإشارة الى أنّ نيللي كريم تخوض للمرة الأولى هذا النوع من الأدوار، هي التي يُشهد لها بخروجها من الصورة النمطية للشقراء الجميلة صاحبة العينين الملوّنتين، حيث كنا قد لمسنا ذلك العام الماضي في مسلسل "فاتن أمل حربي"، ووثّقته اليوم بشخصية المرأة الصعيدية. فأثبتت مجدداً قدرتها على لعب مختلف أنواع الشخصيات.
صراع الإنسان مع نفسه
المسلسل يتناول بسلاسة أيضاً مسألة التطرّف الديني. بحيث يعيش في البلدة شبان متطرّفون يفسّرون الدين كما يحلو لهم ويعكسون ذلك بممارسات مؤذية تطال أسرتهم وجيرانهم وأهالي بلدتهم. لكن في المقابل، تظهر شخصية الشيخ المنزلاوي، هو رجل دين تقيّ وصالح. يلجأ أهالي البلدة إليه طلباً للمشورة لأنه يتحدّث بالعدل ويدعو الى الخير.
من جهة أخرى، ليست المرة الأولى التي يؤدي فيها جمال سليمان الشخصية الصعيدية. فكان سبق وتألّق في شخصية مندور أبو الذهب في مسلسل "حدائق الشيطان" الذي كان بوابة دخوله الى الدراما المصرية في العام 2006، تبعه همام أبو رسلان في مسلسل "أفراح ابليس" عام 2009، وشخصية "سيدنا السيد" عام 2012. لكنّه في شخصية "عبد الجبار" نجح في تجسيد التخبّط الذي يعيشه الإنسان بينه وبين نفسه، بحيث يشعر أحياناً أنه ينقسم الى نصفين. فهو يصلّي الفروض الخمسة ويقرأ في القرآن الكريم، ثمّ يقتل ويسرق ويحرق المنازل ويخطف البشر ويعذّبهم. ومع ذلك يشعر أحياناً بتأنيب الضمير، ثم يحاول أن يجد التبريرات لتصرّفاته. واللافت أنّ جمال سليمان أتقن إظهار هذه المشاعر والانفعالات من خلال تعابير وجهه أو نبرة صوته أو حركات يديه.
التخبّط ظهر أيضاً بشخصية عصام (هشام عاشور)، وهو الشاب المتعلّم المؤمن بالحرية، لكنّه يجد نفسه أسيراً للعادات والتقاليد من دون أن يشعر، فيواجه تحوّلات مفاجئة في شخصيته. هذا الجانب ظهر أيضاً في شخصية علاء (محمد فهيم)، الشقيق الثاني لزوج نادرة. فهو طيب ويحب زوجته، ويرفض أن يتزوج عليها كي لا يجعلها تشعر بالحزن، لكنه رغم ذلك يدخل في علاقة سرية غير شرعية مع إحدى النساء.
* يُعرض على قناة CBC وArt حكايات ومنصة Watch it
صراعات عدّة تتجلى في مسلسل "عملة نادرة" الذي يُعرض خلال شهر رمضان المبارك، أبرزها صراع الحداثة في مواجهة العادات والتقاليد، الصراع بين العائلات الكبيرة على المال والسلطة والمناصب، والصراع بين أفراد العائلة الواحدة. لكنّ اللافت هو تسليط الضوء على صراع الإنسان مع نفسه، الذي يظهر من خلال أكثر من شخصية وضمن مواقف عدة في المسلسل.
