ماجدة عازار

بعد التخلّف عن السداد "مرغم أخاك لا بطل"... إلى صندوق النقد الدولي دُرّ

9 آذار 2020

02 : 40

الثوّار في البقاع: لا ثقة بدياب (أسامة القادري)

بعد خطاب الرئيس حسان دياب والاعلان عن عجز الدولة دفع استحقاق اليوروبوند، بغطاء واضح من "حزب الله"، يمكن القول: لبنان إلى صندوق النقد الدولي دُر. ووفق ما تؤكد مصادر مصرفية بارزة لـ"نداء الوطن" فإن قرار التخلّف عن الدفع "أدخل لبنان مرحلة خطرة"، متخوفة من تداعياته على "أصول الدولة واموال المصارف اللبنانية لدى المصارف المراسلة وطائرات "الميدل ايست"، واحتياط الذهب، اضافة إلى أن شحّ الدولار سيؤثر حتماً على سعر الليرة اللبنانية"، وأكدت أن "ما حصل مش لعبة".

ورأت أن "لبنان أخطأ في عدم التفاوض مع الدائنين قبل اعلان قراره بالتخلّف عن سداد اليوروبوند"، مشيرة إلى أن "الدين الخارجي هو أقل من عشرة بالمئة ويُدفع على استحقاقات عدة، من أصل مجمل دين لبنان والذي يبلغ 90 ملياراً دين الدولة، و40 ملياراً دين المصرف المركزي الذي استدانت منه الدولة، ما مجموعه 130 مليار دولار، وبالتالي كان يجب دفع مليار دولار للخارج، إذ أن عدم الدفع فيه مخاطر كبيرة".

وأكدت المصادر "عودة لبنان، عاجلاً وليس آجلاً، الى المجتمع الدولي، لطلب مساعدة نقدية من صندوق النقد الدولي، وهو سيتوجه اليوم إليه من موقع ضعيف، لتخلّفه عن دفع سنداته، وليس من موقع القوة".

وختمت المصادر: "الرئيس دياب اعلن تعليق سداد استحقاق 9 آذار من اليوروبوند، لضرورة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الأساسية للشعب اللبناني. حسناً، وفّرنا مليار دولار، وهذا المبلغ قد يكفي لنحو شهر او شهرين، لكن ماذا نفعل بعد أن نستهلكه؟ نكون قد تسبّبنا بكل هذه المشاكل من أجل شهر ونصف الشهر؟ و"سودنا وجنا... فماذا فعلنا؟".

وكان "حزب الله" اعلن بوضوح تاييده قرار دياب، وقال عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق: "نحن ما كنا أبداً لنقبل أن تدفع الدولة السندات والديون الخارجية من أموال المودعين. وأكد أن الحزب يرحب بأي مساعدة خارجية شرط أن لا يتم التسلل لفرض وصاية وهيمنة خارجية على لبنان".

"المستقبل" و"الوطني الحر"

وفي جولة على موقف القوى السياسية، وفيما تحدد كتلة "المستقبل" بعد ظهر غد (الثلثاء) موقفها من خطوة رئيس الحكومة، رأى المستشار الاقتصادي للرئيس سعد الحريري نديم المنلا ان "لعدم الدفع بلا خطة متكاملة تداعيات سلبية، وكان من الافضل اعلان خطة متكاملة، وفيها اعلان الجدولة أو الهيكلة والتفاوض مع الدائنين، لأن لبنان لديه احتياجات تمويلية في المستقبل ومن المفترض أن يتعامل مع الامر بدقة متناهية". وعن الاستعانة بصندوق النقد قال المنلا لـ"نداء الوطن": "لبنان في ظل ازمته ليس قادراً على الخروج منها بقدراته الذاتية فالاحتياجات التمويلية كبيرة وتفرض عليه ان يتواصل مع الخارج، اي مع الاصدقاء والاشقاء وصندوق النقد الدولي، من هذا المنطلق نعتقد ان لا مفرّ من مخاطبة المجتمع الدولي".

من جهته، شرح النائب آلان عون لـ"نداء الوطن" عبارة "ليس لنا اي موقف عقائدي من صُندوق النقد الدولي" التي وردت في بيان "التيّار الوطني الحُرّ" أمس، وقال: "ليس عندنا موقف رفضي من الصندوق، والحاجة إليه أو لغيره من المؤسسات المالية لا تتحدّد مسبقاً، بل كجزء من الخطة الإصلاحية التي ستضعها الحكومة. فحاجات لبنان التمويلية يجب تأمينها بطريقة أو بأخرى وذلك ضمن حدود مبدأين: الأول هو عدم إقفال مسبقاً أي احتمال تمويل بما فيه صندوق النقد، والثاني هو عدم القبول بشروط "تفجيرية" قد تفجّر ثورة إجتماعية. والحلّ هو بالتفاوض مع المؤسسات المالية على قاعدة برنامج إصلاحي ذي مصداقية، وهذه نقطة الضعف الأساسية لأن تجربة وعود لبنان في المحطات السابقة لم تكن أبداً صادقة ومشجّعة".

وقال: "كنّا جميعاً نفضّل أن يتمّ التخلّف عن تسديد السندات بتفاهم مع الدائنين، ولكن للأسف لا الوقت المتبقّي ولا خطيئة المصارف التي باعت سنداتها إلى الأجانب وأعطتهم حق الفيتو، سمحت بأن يحصل هذا الإتفاق. تشدّد بعض حاملي السندات الخارجية بموقفهم التفاوضي، ظنّاً منهم أن لبنان سيدفع في اللحظة الأخيرة. الآن الموضوع اختلف وقرار تعليق التسديد أعلن رسمياً. رغم ذلك، هذا لا يمنع أن يحصل التفاوض مع الدائنين الذين سيقاربون اليوم عملية استعادة أموالهم أو قسم منها بواقعية أكبر وأوهام أقلّ".

"الديموقراطي" و"القوات"

واعتبر عضو كتلة "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبد الله ان"عدم دفع اليوروبوند خطوة كانت متوقعة بسبب العجز عن الدفع، إذ اننا سندفع كما جرت العادة من اموال المودعين والسيولة في مصرف لبنان قليلة لدرجة ان الدفع كان سيؤثر على بقايا الاموال المرصودة لدعم السلع الاساسية من محروقات وادوية وطحين".

وقال عبد الله لـ"نداء الوطن": "ما يجب التوقف عنده هو وجوب ان تكون المفاوضات مع الدائنين قد قطعت شوطاً في إطار الجدولة أو اعادة الهيكلة، مع الاعلان عن قرار عدم الدفع، وهو ما لم يحصل للاسف والمشكلة ان الامر ترافق مع رفض بعض الجهات السياسية التعاون مع صندوق النقد، اي قطع الطريق على اي امكانية لتأمين دفعة مادية مباشرة لانقاذ الاقتصاد الوطني، في انتظار ان تعلن الحكومة خطة انقاذية، وفي كلام رئيسها أمس لم نسمع خطة بل سمعنا تبريرات للموقف ونيات للعمل، نأمل ان تكون صحيحة لان لا مصلحة لاحد بفشل الحكومة لان البديل هو الفوضى والخراب"، وتابع: "سنضطرّ على قاعدة "مجبر اخاك لا بطل" للذهاب الى صندوق النقد الدولي، وندرك شروطه القاسية وموقفنا مبدئي من هذه المؤسسات، ولكن بين المرّ والامرّ علينا ان نرى ماذا سنختار".

أما عضو تكتل"الجمهورية القوية"، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني فاكد لـ"نداء الوطن" ان"قرار التخلف عن دفع اليوروبوند والدخول بمفاوضات لاعادة هيكلة الديون، يضع لبنان في خانة سلبية حرجة كوجهة للتمويل المستقبلي". وقال:"ما سمعناه من رئيس الحكومة هو خطوط عريضة لمبادئ مقاربة الخطة المالية، لكن المطلوب من الحكومة أكثر من ذلك وسريعاً، لان قراراً بهذا الحجم، وهو بمثابة اعلان افلاس، عليه ان يقترن بخطة مالية واقتصادية وإصلاحية متكاملة وجريئة، تتزامن مع اعلان التخلّف عن الدفع، والا سيُترك لبنان لمزاج المحللين وبيوت التمويل، وتُترك علاقاته المالية الدولية في مهبّ الريح. ومن المهم أيضاً عدم تحميل المواطن عبء كل الحلول، بل على المصارف عامة والدولة خاصة تحمّل الجزء الأكبر من كلفة الحل لأن سياساتها المالية أدت الى هذا الوضع".

كتائبياً، وعشية الموقف الرسمي الذي سيعلنه المكتب السياسي الكتائبي، ذكّر النائب الياس حنكش عبر "نداء الوطن" بالدعوة الى إطلاق عمليّة إعادة هيكلة شاملة للدين العام الخارجي والداخلي وان يترافق ذلك مع خطة انقاذية واضحة، وان تكون الاجراءات المتخذة على حساب الطبقة المستفيدة والانطلاق نحو محاسبة جدية بدءاً باسترداد الاموال المنهوبة، لكن الاساس يبقى ان اي اجراء جدّي لتحسين مالية الدولة من غير تغيير وجه لبنان الاقتصادي الحر، يجب ان يكون على حساب الطبقة المستفيدة من الاقتصاد الريعي الكسول والانتقال الى اقتصاد منتج جدي يستطيع ان ينهض بلبنان الى مستوى جديد من ادارة المال العام.


MISS 3