عماد موسى

في بركة سمير قصير

21 نيسان 2023

02 : 00

لم يبقَ فاعل أو مفعول به، أو صاحب رأي، أو صاحب صاحبة رأي، أو مغرّد أو ناشط أو عديم النشاط أو مناصر للطفولة البريئة أو عنصري أو مناهض للعنصرية أو حزبي أو مصلح مدني أو فيلسوف أو دعيّ لم يعلّق على فيديو وصور الصبية الثلاثة، من التابعية السورية يلهون شبه عراة، في بركة سمير قصير، وسط بيروت. مغالاة من جهة ومبالغة من جهة مقابلة. تخيلت تظاهرتين متقابلتين في الشارع يرفع كل منهما شعاراته. واحدة تندد بـ "استباحة" الأماكن العامة، ولو حملت أسماء شهداء وشخصيات كبرى وأخرى تدافع عن حقوق الإنسان الطبيعية في التمتع ببرك المياه المنعشة بخريرها، المبددة لمشاعر الغضب. للأولاد السوريين، ولأي جنسية انتموا، الحق أن يفترشوا كل المساحات الخضر وأن "ينتفوا" أوراق الورد في الحدائق العامة. وكي تكتمل الطفولة لا بأس من اللهو قليلاً على كتفي رياض الصلح وتلوين وجه بشارة الخوري وتسلّق تمثال الشهداء على سبيل الشيطنة والسعدنة ولن ينزعج اللبنانيون بالطبع من مشهد أكل الترمس و"عرانيس" الذرة في Beirut souks.

نضيف إلى ما سبق من مشاهد متخيلة، سؤالاً طافحاً بالمشاعر: ما المزعج إن استدرج ولد سرباً من الحمامات المستوطنة بجوار كاتدرائية مار جرجس وجامع محمد الأمين وتمكن من خنق حمامتين لطيفتين والفرار بعيداً لنتفهما وحملهما عشاءً شهياً إلى إخوته الصغار؟ وهذا ما حصل مرة ومرتين ونقله إليّ شاهد "شاف كل حاجة".

الساحات والشوارع ملك الناس، كما في لبنان كذلك حول "فونتانا دي تريفي"، بقلب روما النابض، أو في حرم نافورة قوس قزح في كوريا الجنوبية، وقرب نافورة بيلاجيو الراقصة في لاس فيغاس. في كل نوافير الساحات وبركها، يلهو الأولاد بالماء متى ارتفعت درجات الحرارة ويتبادل العشاق القبل تحت رذاذ المياه المتساقطة على وجوههم. المطلوب من الشرطة البلدية حماية الآداب فقط، في برك الشرق الأوسط والعالم، كي لا تبلغ الحماسة حد التعرّي. تدخين الحشيشة قرب نافورة أقل ضرراً من القبل. ما عدا ذلك فأهلاً بالأولاد والشباب وأهلهم، أكانوا سوريين أو سودانيين أو فلسطينيين أو حوثيين أو إيرانيين أو من بنغلادش العزيزة. بيروت ونوافيرها وبركها تتسع للجميع. ساحة الجديدة أيضاً ترحب بكم وساحة شتورة وساحة قصر بيت الدين. هناك توجد نافورة أيضاً. وسد المسيلحة مكان صالح للهو الموسمي.

أعتقد، أن سمير قصير، المنفتح إنسانياً والملتزم قضايا الحريات والكاتب في كل شأن وطني والطارح مسائل وأسئلة كبرى، كان ليقف للحظات أمام ساحته ونصبه وبركته متفرجاً على الأولاد مبتسماً... وساخراً من الجميع.


MISS 3