مجلس الأمن يُكرّس الاتفاق بين واشنطن و"طالبان"

الجيش الأميركي يُباشر انسحابه من أفغانستان

08 : 30

الانسحاب الكامل للقوّات الأميركيّة من أفغانستان يتوقّف على وفاء "طالبان" بالتزاماتها الأمنيّة (أ ف ب)

في إطار تطبيق المرحلة الأولى من "الاتفاق التاريخي" الذي وقّعته الولايات المتحدة مع حركة "طالبان" في الدوحة، بدأ الجيش الأميركي الانسحاب من قاعدتَيْن في أفغانستان تقعان في لشكر كاه عاصمة ولاية هلمند (جنوب) التي يُسيطر عليها المتمرّدون الإسلاميّون بشكل واسع وفي ولاية هرات (غرب)، بحسب مسؤول أميركي رفض كشف هويّته، بينما أعلن الناطق باسم حاكم ولاية هلمند عمر زواك من جهته أن "20 إلى 30" جنديّاً أجنبيّاً فقط غادروا لشكر كاه منذ نهاية الأسبوع.

وفي سياق متّصل، أكد قائد القيادة المركزيّة الأميركيّة كينيث ماكينزي بالأمس أن "طالبان" برهنت قدرتها على التصدّي لتنظيم "داعش" بدعم أميركي "محدود"، وذلك في إفادة خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ حول أحد أبرز التزامات الحركة في اتفاق السلام مع الولايات المتحدة.

وينصّ الاتفاق على التزام المتمرّدين مقاتلة الجماعات الجهاديّة المتواجدة في البلاد، كما خوض محادثات مع الحكومة الأفغانيّة. وقال ماكينزي: "شهدنا في الأشهر الأخيرة، في غرب أفغانستان، احتواء "طالبان" تنظيم "داعش" وسحقه ميدانيّاً في ولاية ننغرهار، وقد فعلوا ذلك بفعاليّة كبيرة"، مضيفاً: "كان هناك دعم محدود جدّاً من جانبنا"، كاشفاً للمرّة الأولى حصول تعاون عسكري بين الولايات المتحدة و"طالبان".

وتابع الجنرال الأميركي: "لقد برهنوا قدرتهم على ذلك. كان الأمر دمويّاً، لكنّهم فعلوها، لم يعد تنظيم "داعش" يُسيطر على الميدان في ولاية ننغرهار". لكن ماكينزي كان "أقلّ تفاؤلاً" في ما يتعلّق بوجود إرادة لدى "طالبان" لمقاتلة تنظيم "القاعدة" المسؤول عن هجمات 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة، والتي أعدّت لها بدعم من الحركة، وقال: "إنّه أمر يتعيّن عليهم أن يُبرهنوه، لم يُبرهنوه بعد". وكرّر ماكينزي موقفه أن الانسحاب الكامل للقوّات الأميركيّة من أفغانستان في غضون 14 شهراً يتوقّف على وفاء "طالبان" بالتزاماتها الأمنيّة. وقال: "ليس علينا أن نثق بهم، ليس علينا أن نُحبّهم، ليس علينا أن نُصدّق ما يقولون"، مضيفاً: "علينا أن نُراقب ما يفعلون"، ومؤكداً أن "الجيش الأميركي لم يُعدّ حتّى الآن أي خطّة عسكريّة" للإنسحاب من أفغانستان.

توازياً، وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع قرار أميركي يُكرّس الاتفاق الذي وقّع في 29 شباط بين واشنطن و"طالبان"، في خطوة نادرة للمجلس كون الاتّفاق تمّ بين دولة أجنبيّة وحركة مسلّحة. والقرار مفاجئ أيضاً لأنّ المجلس صادق على اتّفاق يتضمّن ملحقَيْن سرّيَيْن على صلة بمكافحة الإرهاب، لم يتمكّن أعضاؤه من الاطّلاع عليهما.

في الغضون، أعلن المتحدّث باسم وزارة الداخليّة الأفغانيّة نصرت رحيمي أن الساعات الأربع والعشرين الماضية شهدت 32 هجوماً في 32 ولاية من أصل 34 تضمّها البلاد، ما أسفر عن سقوط قتيلَيْن مدنيَّيْن وخمسة قتلى في صفوف قوّات الأمن و28 جريحاً. كما أعلن مسؤولون أفغان ضبط شاحنة عند الحدود مع باكستان محمّلة بعشرة أطنان من نيترات الأمونيوم، وهي مادة تُستخدم عادة في صنع الشحنات الناسفة، فيما أعلنت الرئاسة الأفغانيّة أنّها ستُفرج عن خمسة آلاف سجين من "طالبان" إذا انخفضت وتيرة العنف "في شكل ملحوظ".

وبدأت "طالبان"، التي تعتبر الاتفاق "انتصاراً" على الولايات المتحدة، تتحدّى إرادة واشنطن على حماية شركائها الأفغان من خلال عشرات الهجمات الدمويّة منذ توقيع "اتفاق الدوحة". وفي الثالث من آذار، شنّ الجيش الأميركي غارة جوّية على مواقع للحركة هي الأولى منذ توقيع الاتفاق، بعدما هاجم المتمرّدون القوّات الأفغانيّة في هلمند 43 مرّة في يوم واحد.

وتعهّدت الولايات المتحدة الراغبة في إنهاء أطول حرب في تاريخها، في إطار "اتفاق الدوحة"، بسحب كامل القوّات الأجنبيّة من أفغانستان بحلول 14 شهراً إذا احترمت "طالبان" تعهّداتها الأمنيّة. وبموجب الاتفاق المبرم، ينبغي أن يُخفّض عدد الجنود الأميركيين المتواجدين في البلاد من 12 ألفاً أو 13 ألفاً إلى 8600 بحلول منتصف تموز. وسيتوجّب إخلاء خمس قواعد من أصل عشرين في البلاد. لكن الناطق باسم القوّات الأميركيّة في أفغانستان الكولونيل سوني ليغيت أعلن الإثنين أن هذه القوّات ستحتفظ "بكلّ الإمكانات لتحقيق أهدافها".