ألان سركيس

الحدود اللبنانية - السورية... متى ينتهي الكابوس؟

13 آذار 2020

02 : 29

لا قرار سياسياً حكومياً في ضبط الحدود

مطلب ضبط الحدود اللبنانية - السورية ليس جديداً، إذ إنه يتجدّد مع كل حدث يحصل في الداخل أو على الحدود، وأعادت مسألة تفشي «كورونا» هذا الملف إلى دائرة الأضواء بعد الحديث عن دخول المرض عبر الحدود البريّة، في وقت أتى إغلاق الجيش لمعابر غير شرعية في الهرمل ليذكّر بأن هناك معابر غير مضبوطة.

تعتبر مسألة هذه الحدود قديمة جداً وتعود إلى ما بعد حقبة الإستقلال، وخلال ثورة 1958 كان السلاح يتدفق من سوريا بلا حسيب أو رقيب، من ثمّ أتى ضرب الأردن لمنظمة التحرير الفلسطينية في أيلول 1970 وتسهيل النظام السوري إنتقال عناصر المنظمة إلى لبنان لتفتح باب الجحيم على وطن الأرز.

إنطلقت الحرب الأهلية العام 1975 وباتت حدود لبنان مشرّعة بعد دخول الجيش السوري واعتباره لبنان وسوريا بلداً واحداً، من ثمّ أتى إتفاق «الطائف» ولم يجرؤ أحد على طرح ترسيم الحدود بين البلدين إلا بعد الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب في 25 أيار 2000، عندها، ولإستمرار «حزب الله» في الإحتفاظ بسلاحه خلق ذريعة مزارع شبعا حيث اعتبرت تل أبيب أنها أراض لا تخضع للقرار 425، في حين رفضت سلطة الوصاية ترسيم الحدود في تلك المنطقة وبقيت مزارع شبعا حجة لدى «محور الممانعة»، يستخدمه متى يشاء لإرسال رسائل إقليمية.

بعد الإنسحاب السوري في 26 نيسان من العام 2005 طرح فريق 14 آذار مسألة ضبط الحدود اللبنانية - السورية أولاً ومن ثمّ ترسيمها، ولا ينسى أحد في بدايات العام 2006 إنتقادات رئيس حزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط لقائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان، عندما قام بجولة إعلامية للقول إن الحدود مضبوطة، معتبراً ان ما يقوم به سليمان هو مسرحية لا تمرّ على أحد.

دارت الأحداث دورتها وحاول النظام السوري إستغلال مطلب ترسيم الحدود سياسياً، إلى أن أتت الثورة السورية وباتت الحدود مُشرّعة أمام من يريد دعم الثورة و»حزب الله»، الذي نقل مقاتليه من الجنوب والبقاع إلى الأراضي السورية ماحياً الحدود بين البلدين.وتشير مصادر أمنية متابعة إلى أن «الخطوة الأساسية والأهم في ضبط الحدود أتت بعد أحداث عرسال في 2 آب 2014، عندها اتّخذ القرار السياسي بعزل لبنان عن النيران السورية وحاول الجيش تغطية سلسلة جبال لبنان الشرقية قدر الإمكان، نظراً إلى المساحات الشاسعة الموجودة هناك».

وتلفت المصادر إلى أن «الدعم في هذه الخطوة أتى من دول عدة، لكن الدعم المنظم جاء من بريطانيا حيث ساعدت في بناء أفواج الحدود البرية المجهزة بتقنيات مراقبة، مما ساعد لبنان على مراقبة حدوده من شبعا وصولاً إلى القاع ووادي خالد».

وتعتبر أن «ضبط الحدود يحتاج إلى إمكانيات كبيرة وهذه المهمة تتطلب تضافر جهود كل الاجهزة الأمنية وتعاوناً من الجانب السوري أيضاً، وإلا سيبقى لبنان وحيداً في معركة ضبط حدوده، في حين أن ملاحقة المهربين لا تقف عند سدّ المنافذ غير الشرعية فحسب، فالمهرّب يفتش دائماً عن منافذ جديدة، خصوصاً أن الحدود متداخلة، وبالتالي يجب الملاحقة حتى داخل الأراضي اللبنانية وضرب شبكات التهريب».

ويبقى القرار السياسي ذات أهمية كبرى في ضبط الحدود، ويبدو أن الحكومة الحالية ليست في وارد اتخاذ مثل هكذا قرار جريء، وتتحجج بأن أولويتها هي معالجة الملفات الإقتصادية، وتتناسى أن ضبط الحدود يؤمّن موارد مالية مهمة للخزينة ويحمي الإقتصاد الوطني.

والغريب أن الحكومة تعتبر أن الحدود مضبوطة بنسبة كبيرة، بينما التهريب «ع عينك يا تاجر»، في حين أن القرار بهذا الشأن ليس عند الحكومة بل عند «حزب الله» الذي يستخدم الحدود للإنتقال بسلاسة من وإلى سوريا، كما يوجد بعض المهربين الذين يدورون في فلكه ولا يستطيع ضرب مصالحهم.

وفي المحصلة، فإن الحدود اللبنانية - السورية ستبقى الباب الذي يأتي منه الريح كلما هبت العواصف الإقليمية، وقرار الترسيم غير وارد حالياً في ظل نظام يعتبر نفسه أنه انتصر في الحرب.