جورج بوعبدو

المصمّم إيلي صعب: يليق ببيروت أن تكون عاصمة الموضة

6 أيار 2023

02 : 01

حلّ مصمّم الأزياء العالمي إيلي صعب ضيفاً مكرّماً على سلسلة "لقاء مع فنان" Meet the Artist التي تنظّمها السفارة الأميركية بحضور حشد من السياسيين والفنانين والإعلاميين والمواهب الناشئة في حقل تصميم الأزياء. صُمّمت "سلسلة "لقاء مع فنان" لتعزيز العلاقات بين الفنانين اللبنانيين المؤثرين والشباب الصاعد في الحقول الفنية والثقافية المختلفة ومنحهم منصةً للتواصل ضمن المجتمع الفني، وللتعلّم من خبرات الفنان القدوة وللإطلاع على برامج التبادل وفرص التمويل الخاصة بوزارة الخارجية الأميركية. وكانت الأمسية الحلقة التاسعة من سلسلة "لقاء مع فنان"، علماً أن البرنامج استضاف في فتراتٍ سابقة مشاهير من أمثال جورج خباز ورؤوف رفاعي ونديم شرفان من فرقة "مياس".




استهلّت السفيرة شيا اللقاء بترحيب مقتضب بالمصمّم الذي "وضع لبنان على خارطة الأزياء الراقية عالمياً وردم الهوّة بين الشرق والغرب، مادّاً الجسور بينهما بخيطٍ وإبرة وحرفيةٍ استثنائية". ودار حوارٌ عميق بين السفيرة والمصمّم الذي أسهب في الحديث عن مسيرته المهنية الممتدّة على أربعة عقود ومساهماته الفنية في لبنان والعالم؛ متحدثاً عن الصعوبات والتحديات التي واجهته منذ دغدغه حلم التصميم وكان لم يتجاوز بعد التاسعة من عمره. وأشار المصمّم الى أن الإرادة الصلبة عنصر أساسي للوصول الى الهدف.

ولم يفت المصمّم في اللقاء بأسره التأكيد على لبنانيّته وحبّه الوطن معرباً عن رغبته الشديدة في أن يعود بلد الفينيق الى مرحلة الإزدهار والحياة الجميلة لأن بيروت تستحقّ، لا بل يليق بها، أن تكون عاصمة الجمال والموضة في العالم. واعتبر صعب أنه "ليس هناك أفضل من اللبناني"، وبأنّ "بلدنا زاخر بالكفاءات لذا أنا متفائل ولا أحبّذ الحديث بتشاؤم وبصورةٍ ظلامية. "لا نحبّ كلبنانيين أن نرى هذا الكمّ من الصور السلبية عن بلدنا ومآسيه، ونأمل في عودته الى عصره الذهبي عندما كان مقصداً وملاذاً للشرق والغرب، وللبنان تاريخ وسمعة طيبة وقوته بشبابه المنتشر، والشعب اللبناني رائع"، أكّد بنبرةٍ حاسمة. لعلّ تلك العقلية كانت السبب الأساسي الذي دفعه بعد انفجار الرابع من آب وتدمير مشغله بالكامل الى محاربة اليأس بنشر صورة إيجابية عن بلده بدلاً من النحيب والبكاء المتواصل، محاولاً مساعدة البلد بطرق أخرى عبر إعادة تسليط الضوء عليه من شهرته متحدثاً عنه بإيجابية في إطلالاته العالمية. "نصيحتي للبناني هي ألا يستسلم لليأس، صحيح أننا نمرّ اليوم أيضاً بمرحلة صعبة ولكن باستطاعة روّاد الأعمال التطوّر عبر وسائل التواصل المتوافرة والعمل على توفير فرص عمل لمساعدة البلاد". يُقرن صعب قوله بالفعل فهو على ما يبدو يعمل منذ أكثر من ثلاث سنوات على مشروعٍ مهمّ يحمل عنوان "صنع في لبنان" داعياً كلّ شخص الى المشاركة فيه، كاشفاً أنه سيخصّص نحو 600 فرصة عمل للبنانيين في لبنان.





ويؤمن صعب بالجيل الجديد محاولاً مساندته ومساعدته قدر المستطاع جاهداً منذ أكثر من عشرين سنة على تأمين التعليم مقدّماً أكثر من برنامج تعليمي يتمحور حول تصميم الأزياء للشباب لإعطائهم فرصة الحلم "كي ينطلقوا ويذهبوا إلى البعيد". وقال: "أطلقت بالتعاون مع الجامعة اللبنانية الأميركية شهادة تصميم الأزياء وعندما وضعت يدي مع العديد من الجامعات والمعاهد، إنما قمت بذلك إيماناً مني بأنّ الشباب اللبناني طموح ومجتهد، وطموحي بأن يصبح لبنان من أكبر عواصم الموضة في العالم".

أما عن العلاقة بين الأزياء وصناعة الموضة وعالم الأعمال، فاعتبر صعب أنّ "المنتج" هو الأساس، مشيراً الى أنه عندما قرّر امتهان تصميم الأزياء آمن بضرورة تطوير بيئة الأعمال قبل التصاميم، "هناك أشخاص أطلقوا علامة تجارية وهم موهوبون ولديهم الكثير ليقولوه في عالم الموضة لكنهم لا يعرفون إدارة مواهبهم. النجاح التجاريّ مهم، وسرّ نجاحي هو "بالمنتج" الذي أقدّمه والذي جعل اسمي يكبر". وأكّد وجهة نظره بذكر نجاحه الكبير في حقل التصاميم المنزلية عبر منتج Elie Saab maison انطلاقاً من المبدأ نفسه، فبصمته في هذا المجال تلقى صدىً واسعاً مع أكثر من 20 مشروعاً له في المجال المذكور، معتبراً أنّ هذه المشاريع "تكمّل المسار الذي بدأه"، مشيراً إلى أنّه لو لم يكن مصمّماً لاختار اختصاص الهندسة المعمارية.

ولفت صعب الى أنه يعمل حالياً على افتتاح فروعٍ جديدة له في الولايات المتحدة الأميركية وتحديداً في ميامي هيوستن ودالاس ولوس أنجلس، وعلّق قائلاً: "السوق الأميركية مهمة للغاية ومن أقوى الأسواق، ولدينا أكثر من 150 نقطة بيع في الولايات المتحدة".





وما لبث أن فُتح المجال لأسئلة الحاضرين من المواهب الصاعدة الذين تجاذبوا أطراف الحديث مع المصمّم حول شؤون مختلفة تبدأ من "وصفته السحرية للنجاح"، مروراً بوصفه يوماً في حياته الخاصة، وصولاً الى دخول العالم عصر الذكاء الاصطناعي فهل نراه يلجأ إليه يوماً ما؟ جوابه جاء مميزاً كتصاميمه: "طول عمري وقفت مع الإنسان. فأنا لا أحبّ إلغاء الإنسان من التفاصيل والميادين المختلفة. ماذا سيحلّ بآلاف الموظفين؟ ماذا سيحصل للناس إن كنا بكبسة زرّ نستطيع استبدالهم؟ أنا لا أحبّذ بتاتاً هذا الأمر وهل أجمل أساساً من أن أمسك بورقةٍ وأرسم بقلم؟ فلذلك طعم مختلف برأيي".

وطرحت راقصة الباليه العالمية جورجيت جبارة سؤالاً حول ما إذا كان يقبل بتصميم لباس خاص يتناسب مع أجسام راقصي الباليه فأجاب أنه بصدد تعاون مع أوبرا "غارنييه" في باريس، لافتاً الى أنّ تصميم أزياء الباليه ليس بأمرٍ سهل فعلى المصمّم توخّي الدقة والتنبّه لحركات الراقصين ودورانهم وإلا التفّ الزيّ على الجسد بشكلٍ غير عملي منذ اللحظات الأولى".

وفي ختام الحوار مع المواهب الصاعدة شارك كلّ من وزير الصناعة جورج بوشيكيان والاقتصاد أمين سلام ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس في طرح أسئلة على المصمّم أثنت على إبداعه وصبّت بمعظمها حول شؤون وشجون البلد المنكوب اقتصادياً ومساهمة مبدع كإيلي صعب في نهضة البلاد وإعادتها الى سكّة التعافي والازدهار.


MISS 3