د. فادي كرم

بين الأدوار والأهداف

15 أيار 2023

02 : 00

تكاثرت في الفترة الأخيرة المبادرات العاملة على مسار الملفّ الرئاسي، وتنقّلت الشخصيات اللاعبة للأدوار بين الكتل النيابية ورؤساء الاحزاب، حاملةً معها الأفكار والطروحات الهادفة لخرق الحائط المانع لانتخاب رئيس للجمهورية، وجالت هذه الشخصيات مرّاتٍ ومرّات على مراكز القرار، حتى باتت القنوات المفتوحة بين كافة الأطراف المُتحالفة والمُتقاربة والمُتخاصمة يومية، ومتسارعة وحامية الوتيرة، وعلى الاقلّ أكثر من حرارة شبكات الاتصالات العاملة في لبنان والمتعثّرة والمتقطّعة. وتداخلت المبادرات وتسابقت حتى تحوّل بعضها مزايداتٍ، فتلاشت جدّيتها وابتعدت عن الأهداف التي قصدتها الأدوار بالاساس.



عندما دعا الرئيس نبيه برّي إلى الجلسة الاولى لانتخاب رئيس جمهورية تلاقت جميع الكتل تحت قبّة البرلمان اللبناني العريق بالصفحات التشريعية والدستورية والمنافسات الديمقراطية، وتبيّن لنواب كثر متواجدين في الجلسة أنّ ما يُلعب من أدوارٍ داخل القاعة لا يُعقل تصنيفه في خانة العمل البرلماني الديمقراطي بسبب افتقاده للحجج الديمقراطية الراعية لنظام الدستور اللبناني، اذ تحوّل معها أنّ الترشيح هو الخطأ، والدعوة إلى حوارات التسويات هو الصحّ، في حين أنّ الدستور اللبناني ينصّ صراحةً على كيفية انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع نصاباً ليس بمنخفض العدد لتأمين الشراكة والمشاركة ولاعترافه بالتباينات والمنافسات، وحكماً لاحترامه منطق تداول السلطة والمحاسبة للفريق الحاكم، وتكثّفت محاولات الفريق الداعي الى الحوارات لالغاء عامل المنافسة ونقل صناعة العمل السياسي الوطني من داخل قاعة البرلمان الى تسويات خارج البلاد، علّهم بذلك يحصلون على تمويلٍ لادوارهم ولاستمرارهم في بهلوانيات سحب الارانب.



فور إسقاط اللعبة البرلمانية الديمقراطية من قبل الداعين الى الحوارات، وبالمقابل اسقاط مؤامرة الحوار من قبل القوى المتمسّكة بالدستور اللبناني، تحقّقت توازنات من الصعب خرقها بالحسابات التقليدية، فاندفع عندها عدد من النواب للعب دور التقريب بين الاصطفافين ومحاولة نقل الايجابيات بين الممانعتين، وطُرحت اسماء قد يحصل الالتقاء عليها وتقدّمت المفاوضات وفتحت النوافذ في جدران الأزمة، فأضحت هذه الادوار جذاّبة للبعض الآخر الذي دخل متأخّراً فاستلحق نفسه وجال على رؤساء الكتل مُدعّماً بكاميرات الاعلام المتعطّش للخبر، فبان هدفه وانتهى دوره.



مع تناثر البلاد ومقوّماتها وهجرة أبنائها واستمرار مؤامرة ضمّه في محور الممانعة وتطبيعه، ينشط البعض في لعب أدوارٍ ذات اهداف وطنية، وينشط البعض الآخر للاستعراض، فيُستغلّ دوره من قبل اصحاب الاهداف المهدِّمة للبنان والعاملة على تغيير هوية بلد الارز، فحذارِ من أن يُصاب لبنان مجدّداً بضربةٍ تُهدِّد وجوده بسبب عشق البعض للادوار وانتظام من وراءهم لتحقيق هدف إلغاء الوطن.



(*) عضو تكتّل «الجمهورية القويّة»

MISS 3