صناديق المياه وذلّ المواطنين... متى يرتفع الإشتراك؟

02 : 00

البارحة، منذ الصباح الباكر، تقاطر اللبنانيون الى مؤسسات المياه ليسدّدوا إشتراك سنة 2023 وما فاتهم تسديده عن الأعوام السابقة. حالة من الذعر سادت بينهم بعدما سمعوا أن قراراً سيصدر عن مؤسسات مياه لبنان برفع الإشتراكات. إنها الثامنة صباح يوم الإثنين 15 أيار. إنه مركز برج حمود. الناس يقفون على الأدراج. هرج ومرج. وموظفة واحدة تأخذ المعلومات. وموظف واحد على الصندوق. هذا أسلوب المؤسسات اللبنانية دائماً في إذلال المواطن المسكين. لم يبالِ كثيرون فالإنتظار ساعة أو إثنتين أفضل بكثير من سداد ثمانية ملايين ليرة غداً بدل أربعة ملايين اليوم. المسنون كثيرون. الأقدام متعبة. والأعصاب متوترة. إمرأة تقدّمت في الصف الطويل سألت عن قيمة الإشتراك بدقة فقيل لها أربعة ملايين ومئة وأربعة وخمسون ليرة. عدّت ما في حزمتها. عدت مرة ثانية فثالثة وقالت: معي أربعة ملايين ومئة ألف فقط لا غير. فقال لها موظف يروح ويجيء. تحتاجين بعد الى 52 ألفاً. غادرت بعينين دامعتين. إمرأة ثانية غضبت من إمرأة ثالثة راحت تعد ما معها مرة واثنتين وثلاثاً على الصندوق وتخرج من حقيبتها «فراطة» جمعتها بالسراج والفتيلة. مشاهد مؤلمة. الدولة تريد تمويل نفسها من جيوب الناس الفارغة بعدما سرقت قروشهم البيضاء. نادى موظف الصندوق على أحدهم من بيت إسرائيل فاستغرب كثيرون إسم العائلة: إسرائيل؟ أجابت إحداهن: هي عائلة رب عملي الأرمني. الصف طال. والهرج والمرج أيضاً. والواسطة لها - مثل دائماً - مكان. هناك ناس بلا إحساس في كل المراحل والمطارح. ورجل حاول أن يمازح المتأففين قائلاً: هل تظنون أنكم ستسددون حسب الإشتراك الحالي وتنقذون أنفسكم من زيادة الإشتراك المنتظر؟ أخطأتم. سيُطلب منكم لاحقاً سداد الفرق. هي المرة الأولى التي يُروّج فيها الى رفع قيمة الإشتراك السنوي أكثر من مرة في السنة. فبأي حقّ يفعلون ذلك؟ المشهد البارحة في مؤسسة المياه مثير للحزن الكثير وللقرف الكبير. اللبنانيون ضحايا. مؤسسات المياه تريد المال لتصمد واللبنانيون يرضخون. اللبنانيون إستسلموا الى نزق دولة لكن بعيون دامعة. إمرأة وصلتها للتوّ رسالة جديدة من وزارة المال: إستفد من تخفيض أخير للغرامات اليوم بتسديد التكاليف الصادرة قبل 16 أيار 2023. صرخت في الجموع: دخيلكم خلصوني بقا بدي إلحق إدفع مستحقات المالية قبل أن تقفل الصناديق. هي دولة تلعب بأعصاب ناسها وهم ضعفاء مستسلمون.