خالد أبو شقرا

التضخّم في القطاع العام "بالون"... ما قبل الإنفجار الكبير

6 مليارات دولار رواتب وأجور 320 ألف "إبن دولة"

18 تموز 2019

14 : 15

التضخم يصيب أيضاً القوى المسلحة

شكّل بند أجور الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام حوالى 36 في المئة من مجمل نفقات الموازنة للعام 2018 المقدّرة بحدود 16 مليار دولار. فالتضخم في القطاع العام بلغ في السنوات الأخيرة ذروته. حيث وصل عدد الموظفين الى حوالى 320 ألف موظف، أي ما يمثل 25 في المئة من حجم القوى العاملة وهي نسبة مرتفعة جداً بالمقارنة مع اليابان مثلاً التي لا تتعدى فيها هذه النسبة 7 في المئة، و10 في المئة في كل من فرنسا وألمانيا.

لبنان بحسب الخبير في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، "مثله مثل كل البلدان المتخلّفة يعاني من انتفاخ القطاع العام بسبب ضعف النمو الاقتصادي في القطاع الخاص. فيصبح التوظيف في الدولة حلاً للحدّ من مشكلة البطالة. الامر الذي أدى على مرّ السنوات الى رفع التوظيف في الاسلاك العسكرية والمدارس الرسمية ومؤسسات الدولة، ووصل الى حد استحداث مؤسسات عامة لاستيعاب أعداد جديدة".

من أصل 320 ألف موظف في القطاع العام، يبلغ عديد القوات المسلحة 120 ألفاً بين أفراد ورتباء وضباط في مختلف الوحدات والقطاعات. وهو رقم بحسب العميد المتقاعد ناجي ملاعب، "يفوق بأشواط المعدلات العالمية المعتمدة حتى قبل دخول التقنيات الأمنية المتطورة ووسائل الاتصال الحديثة والتي تحدد عدد القوى الأمنية بحدود 7 بالألف".



شمس الدين



بناءً على هذه المعادلة، فإن مجمل القوى الأمنية التي يحتاجها لبنان ذو الـ 4 ملايين نسمة هو 28 ألفاً، فيما يتجاوز الرقم اليوم 40 الفاً، موزعين بين قوى أمن داخلي وأمن دولة وأمن عام. أما عديد الجيش الذي يبلغ 82 ألفاً فهو يُعتبر أيضاً متضخماً مقارنة بحاجة لبنان، ويفوق عديد الجيش في دول كثيرة أكبر في المساحة وعدد السكان.

أسباب التضخّم

يُرجع العميد ملاعب، هذا التضخم في القوى المسلحة الى ثلاثة أسباب رئيسة. الأول هو التوظيف السياسي واستسهال السياسيين فتح دورات التطوع لأغراض انتخابية ولإرضاء الشارع. والسبب الثاني هو تفريخ الأجهزة الأمنية لتوزيعها على الطوائف كما حدث عقب مؤتمر لوزان العام 1986الذي نتج منه (بفرض من عبد الحليم خدام) استحداث جهاز أمن الدولة إرضاء للطائفة الشيعية أسوة بالموارنة والسنة. وتضخّم هذا الجهاز من 550 عنصراً الى ما يفوق الـ 4 آلاف .

اما السبب الثالث فيتعلق بالاستخدام المفرط للقوى المسلحة حيث تحوّلت على سبيل المثال كتيبة الحرس الجمهوري الى لواء، تضاف اليها سرية من الامن الداخلي لتأمين حماية الرئيس وتنقلاته. وهناك أكثر من 4 آلاف عنصر موزعين لحماية الشخصيات، وغيرها الكثير من الأمثلة. والمشكلة الأكبر تكمن في ترقيات الضباط وتحديداً العمداء منهم. فبدل أن تكون الترقية وفق الشغور وباحترام الهرمية وحاجة المراكز تجرى الترقيات بشكل عشوائي. حيث وصل عدد العمداء الى 600 معظمهم لا يشغلون مراكز محددة، بل تجرى ترقيتهم ومن ثم تسريحهم مع كل مخصصاتهم وتعويضاتهم إفساحاً في المجال أمام ترقيات جديدة... وهكذا دواليك. وهو ما يُشكّل هدراً فاضحاً وعبئاً هائلاً على موازنة الدولة.



ملاعب



الأرقام تتكلّم


يؤكد الخبير محمد شمس الدين أن «الكلفة السنوية لموظفي القطاع العام أجمعين تصل الى حدود 6 مليارات دولار سنوياً. تضاف اليها الكلفة الباهظة للتقاعد التي بلغت نهاية العام الماضي ملياري دولار مقارنة بـ 200 مليون دولار العام 1995 و550 مليون دولار العام 2005».

إذاً، يشكّل بند الرواتب والأجور والتعويضات 8 مليارات دولار سنوياً من أصل واردات لا تتعدى الـ 12 ملياراً في أحسن الاحوال. وعليه فإن الدولة مطالبة اليوم بإعادة النظر في مجمل سياساتها التوظيفية والانكباب على ورشة حكومية لدراسة وتركيب القطاع العام من حيث الابنية والموظفين والدور والأداء، وإلا لا شيء سيمنع الانفجار. حتى ان وقف التوظيف وتأخير سن التقاعد والتسريح لن تنفع، بل سترتد بالمستقبل القريب زيادة في الكلفة نتيجة تكبّد الدولة خسارتين: الاولى هي الاستمرار في دفع المعاشات والثانية هي زيادة حجم معاشات التقاعد والتعويضات في المستقبل القريب.



MISS 3