ريتا ابراهيم فريد

"لو وُلِدَتْ مريم اليوم"... رحلة تأمليّة في الجانب الإنساني للسيدة العذراء

29 أيار 2023

02 : 05

جانب من المعرض
هو رحلة اندماج بين الوقت والخيال، ودعوة للسير في رحلة تأملية داخل الشخصية الخالدة لمريم العذراء. الفنانة الموهوبة آمنة مروّة، تروي قصّتها الجميلة مع السيدة مريم العذراء من خلال معرض فنّي أقامته في محترفها الفني في بدارو Naïve By Emne، والذي حمل عنوان If Mary was born today، أو «لو ولدت مريم اليوم»، وتضمّن مجموعة دمجت فيها تقنيات فنية عدّة من زجاج بليكسي وأضواء النيون والنقش اللينوغرافي، والمنحوتات التي أعيد تصوّرها. «نداء الوطن» تواصلت مع آمنة مروّة التي تحدّثت عن معرضها وعن علاقتها بمريم العذراء التي باتت مصدراً أساسياً للسلام والفرح.

الى جانب دور العبادة، حضور السيدة العذراء بشكل عام يكون في الأيقونات أو الرسومات الدينية. ومن المستغرب قليلاً أن نراها في معرضٍ فني. لماذا قررتِ استحضارها بهذه الطريقة؟

هذا المعرض ليس له طابع ديني ولا طائفي ولا حتى سياسي. علاقتي بمريم العذراء تعود الى طفولتي، حين كانت جدّتي المسلمة الشيعية من الجنوب تتردّد دوماً لزيارة سيدة مغدوشة. والأمر لم يكن مألوفاً في البلدة. لكن حين كانت تعود من الصلاة، كان وجهها يشعّ راحة وسلاماً، وينعكس ذلك عليّ حين أنظر إليها. بالتالي، فكرة مريم العذراء بالنسبة إلي لم تكن يوماً دينية بقدر ما كانت رمزاً للحب والسلام. وبالعودة الى المعرض، أنا لم أغيّر أبداً في شكل العذراء، ولم أمسّ بالغطاء الذي تضعه على رأسها. لكنني حاولتُ أن أغيّر بحركتها. فلمَ علينا أن نجسّدها دوماً بتمثالٍ جامدٍ لا يتحرّك؟ هي كائن بشري تنقّلت من مكان الى آخر. مشت. جلست. نامت، وربّما غنّت... من هُنا حاولتُ في هذا المعرض تسليط الضوء على الجانب الإنساني للسيدة العذراء.

كيف ترجمتِ ذلك من خلال معرض «لو ولدت مريم اليوم»؟

غيّرتُ قليلاً بالثياب التي ترتديها مريم العذراء. مثلاً نحن نراها غالباً باللباس الأزرق. ورغم رمزية هذا اللون، لكن لو ولدت اليوم، أظنّ أنها ستكون مختلفة. فالمجتمع تغيّر، البيئة تغيّرت وكذلك المحيط، وبالتالي هي بالتأكيد ستكون مختلفة في لباسها. أظنّ أنها كانت سترتدي ثياباً رُسمت عليها زهور مثلاً مع القليل من الألوان التي تعكس فرحها. لمَ علينا دوماً أن نظهر الجانب الحزين لها؟ فالعذراء التي تدخل الفرح الى قلوبنا، لا شكّ في أنّها كانت هي أيضاً ممتلئة بالفرح.

إضافة الى الإضاءة على الجانب الإنساني لمريم العذراء، ما الرسالة الأساسية التي أردتِ لها أن تصل من خلال هذا المعرض؟

أردتُ أن أؤكّد فكرة أن لا شيء يبقى كما هو. نحن جميعاً نتغيّر مع التغيّرات حولنا، وعلينا أن نعي ذلك. من هُنا أتى عنوان المعرض «لو ولدت مريم اليوم»، لأنّ أموراً كثيرة كانت ستكون مختلفة. لكننا للأسف لا نتقبّل دوماً ذلك. فهناك محرّمات نتجنّب الحديث عنها، ربّما لأننا نخاف من التغيير.

كان من اللافت أيضاً ظهور عنوان أغنية «بتونّس بيك» للفنانة الراحلة وردة الجزائرية. ما العلاقة بينها وبين هذا المعرض؟

هناك رابط أساسي بين الأغنية وبين علاقتي بمريم العذراء. فكلاهما يشكّل مصدر راحة بالنسبة إلي. وأغنية «بتونّس بيك» كانت الملجأ لي في طفولتي هرباً من القلق وأصوات الضجيج، وكنتُ أستمع إليها عبر جهاز الـWalkman، حتى تجاوزت دورها كمجرّد أغنية، ونسجتُ معها علاقة عميقة تخطّت حدود المكان والزمان. إضافة الى أنّ عبارة «بتونّس بيك» بكل عمقها تمنح الهدوء، وتعكس حضور شخص «يونّسنا» ويشعرنا بالراحة، تماماً مثل السيدة مريم العذراء.

ألم تتخوّفي من انتقادات قد تعتبر أنّ ما تقومين به يشكّل إساءةً لمريم العذراء؟

بالتأكيد تخوّفتُ من ذلك. لكنّ مقاربة المعرض هي شخصية بامتياز، وتعكس قصة شخصية. فأنا لم أتطرّق الى الجانب الديني لمريم العذراء. بل تحدّثتُ عنها كإمرأة، وعن علاقتي الخاصة بها وقصّتي معها. وأنا لم أغيّر أيّ شيء في جوهر صورة مريم العذراء، ولم ألجأ الى أيّ أمر قد يكون استفزازياً. وكنتُ مستعدة لتلقّي الملاحظات والانتقادات والمجال مفتوح للمناقشة. إضافة الى ذلك، وضعنا على مدخل المعرض ملصقاً كبيراً كتبت عليه قصتي معها بالتفصيل، ويمكن للزائرين أن يقرأوا القصة كي يفهموا جوهر المعرض بشكلٍ أوضح.



مريم العذراء مصدر للسلام والفرح

جانب من المعرض

جانب من المعرض



نحن اليوم على أبواب ختام الشهر المريمي المخصّص لقلب مريم العذراء. إذا طلبنا منك مخاطبتها كأمّ أو كصديقة، ماذا تقولين لها؟

لديّ الكثير لأقوله لها. هي إمرأة قوية جداً لتحيا الحياة الصعبة التي عاشتها، حتى باتت مصدراً للسلام جراء كل الذي مرّت به. من هُنا هي جديرة بالإحترام الكبير وبشعور الرهبة الذي نشعره تجاهها. وهي بلا شكّ مصدر إلهام لي وللكثيرين. وبغضّ النظر عن كوني مؤمنة أم لا، بكلّ بساطة أقول لها: شكراً. شكراً لأنها تحمّلت الكثير وأعطت الكثير.


MISS 3