علاج تجريبي للتصلّب المتعدّد يعكس مسار الشلل لدى الفئران

02 : 00

يبدو أن جيوباً مجهرية ومليئة بالأدوية ومُصمّمة للالتصاق بخلايا مناعية مثيرة للمشاكل قد تُحسّن صحة الفئران المصابة بحالة مشابهة للتصلب المتعدد لدى البشر.



طوّر باحثون من جامعة «هارفارد» في الولايات المتحدة تلك الجيوب المؤلفة من جسيمات دقيقة، وهي تستطيع استبدال العلاجات المعتمدة راهناً وقد تستفيد من نزعة الخلايا المناعية النخاعية الضالة إلى اختراق الأنسجة حيث تُسبب الالتهاب بدل تسريع التعافي.

يشير التصلب المتعدد إلى نوع حاد من أمراض المناعة الذاتية التي تجعل مادة الميالين العازلة حول الأعصاب تتدهور، ما يؤدي إلى تعطيل التواصل بين الدماغ والجسم وتصعيب تحرك المصابين بالمرض.

ما من علاج نهائي للتصلب المتعدد، ومع ذلك تستطيع الأدوية التي تستهدف الخلايا المناعية التفاعلية أو تُخفف حدة الالتهاب أن تغيّر مسار المرض. لكن يترافق جزء كبير من هذه العلاجات مع مخاطر بارزة للأسف، بدءاً من الاكتئاب والالتهابات وصولاً إلى مشاكل في الغدة الدرقية وأعضاء أخرى.

لتحويل الخلايا البيضاء القابلة للالتهاب إلى أداة علاجية صغيرة، أخذ الباحثون نوعاً من الخلايا النخاعية من فئران سليمة وزرعوها خارج أجسامها. ثم ألصقوا أجساماً مجهرية على شكل أقراص تحمل جسيمات دقيقة من الأدوية على أسطح الخلايا وزوّدوها بجيب ضئيل من الدواء.

عند زرع تلك الخلايا لدى مجموعة فئران مصابة بالتصلب المتعدد، تمكنت من تحسين الاستجابات المناعية تجاه المرض، وعكست حالة الشلل جزئياً، وحسّنت الوظائف الحركية.

تنمو وحيدات النوى في النخاع العظمي وقد تشقّ طريقها نحو نسيج الدماغ قبل التحول إلى بلاعم (من أكثر أنواع الخلايا الالتهابية شيوعاً عند الإصابة بالتصلب المتعدد). قام الباحثون هذه المرة بِوَصْل وحيدات النوى بجزيئات الأنترلوكين 4 والديكساميثازون التي تتعاون لتحسين الوظائف التنظيمية والمضادة للالتهابات وإبطاء الوظائف المُسببة للالتهاب.

تقول مهندسة الكيمياء والطب الحيوي، نيها كاباتي: «من المنطقي أن تسمح هذه الاستراتيجية بالسيطرة على التباين بين وحيدات النوى نظراً إلى قدرتها على غزو الجهاز العصبي المركزي، واختراق الإصابات الالتهابية، والتمييز بين البلاعم. حتى أنها تُخفف حدة الالتهاب داخل المواقع المصابة، وتُغيّر الاستجابة المناعية المرتبطة بالتصلب المتعدد، وتُوجّهها نحو مسار علاجي».

رصد العلماء تحسناً كبيراً لدى الفئران عند معالجتها بالخلايا وحيدة النوى التي وصلت وهي تحمل جيوباً خاصة. بعد العلاج، حملت تلك الفئران خللاً بسيطاً على مستوى الذيل، بينما بقيت الفئران التي لم تتلقَ العلاج مشلولة بالكامل في سيقانها الخلفية. كذلك، عاشت الفئران التي أخذت العلاج أكثر من المجموعة الثانية.

يريد العلماء إجراء أبحاث إضافية حول هذه التقنية لتقييم فاعليتها مع شكلٍ أكثر شيوعاً من التصلب المتعدد القابل للانتكاس لأن نماذج الفئران تكتفي بتقليد نوع تدريجي من المرض. إذا نجحت التقنية مع النوع القابل للانتكاس، قد يستفيد عدد كبير من مرضى التصلب المتعدد عبر الوقاية من الالتهاب منذ مرحلة مبكرة.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «يمكن تحسين علاج المرض عبر خليط من أدوية أخرى تستهدف جهاز المناعة التكيفي». تظهر أعراض التصلب المتعدد بطرقٍ مختلفة وبحسب موقع الإصابات في الجهاز العصبي. تكون المشاكل اللاإرادية، والبصرية، والحركية، والحسية، الأكثر شيوعاً لكن قد يواجه الفرد أي نوع من الأعراض العصبية، فتؤثر كلها على نوعية حياته.

لا تزال مسببات التصلب المتعدد غير واضحة، رغم فهم الآلية الأساسية الكامنة وراء المرض. يقال إنه ينجم عن عوامل بيئية متنوعة، وتربطه الأبحاث بصدمات الطفولة وأنواع من العدوى الفيروسية.

منذ العام 2013، زاد عدد المصابين بالتصلب المتعدد بنسبة 30%، ويصاب حوالى 2.8 مليون شخص بهذا المرض حول العالم. لذا سيكون ابتكار الطرق المناسبة لتخفيف حدّته مجالاً بحثياً بارزاً.

نُشِرت نتائج الدراسة في مجلة «بناس».


MISS 3