طوني فرنسيس

لا كاسر ولا مكسور

3 حزيران 2023

02 : 00

لن تعود ذريعة عدم وجود المرشح الجدي موجودة عندما تعلن غالبية الكتل المعارضة لخيار الثنائي الرئاسي، عن مرشحها. أصلاً ما كان يجب أن تكون هذه الحجة قائمة، إذ لا معنى لها ولا تفسير وهي لا تستند إلى دستور أو حتى عرف. حتى الآن هناك أكثر من مرشح، وفي الجلسات النيابية التي عقدت لانتخاب الرئيس كان اسم المرشح ميشال معوض يتكرر مع نيله الدائم لأكثر من ثلث أعضاء المجلس النيابي، ويكفي ذلك لدحض نظرية عدم توفّر المرشحين الجديين. هذا اذا استثنينا عدداً من الذين واللواتي تصدوا للمهمة وتقدموا بترشيحاتهم اعلامياً وسياسياً معتقدين أنهم في جمهورية نموذجية في ممارسة الديمقراطية واحترام التنوع.

الآن بتنا على أبواب مرحلة جديدة لم تعد فيها ذريعة غياب المرشح الآخر واردة. في الأساس كان التذرع بهذا الغياب موقفاً سياسياً هدفه الضغط إلى أقصى الحدود لتأمين الفوز لمرشح الثنائي. وفي سبيل ذلك قيل كل شيء ومورست كل الألاعيب المتاحة وغير المتاحة. من التصريحات الهجومية ضد الآخرين المعارضين، التي تخونهم وتجعلهم اتباعاً للأعداء، إلى العراضات المسلحة، مروراً باستنفارات مذهبية واجتهادات دستورية متذاكية مدعومة بشعورٍ من فائض النعمة والقوة.

لم يكن ذلك قادراً على وصم المعارضين بالمذهبية أو بالطائفية. فمن حسنات هذه المحطة في مسلسل الصراعات اللبنانية المديدة أنّها تعني خصوصاً طائفة من طوائفهم بقدر ما تعني طوائفهم كلها، وأنّ خلافهم حول المنصب الأول في الدولة قد يشير، في ما يشير إليه، إلى رسوخ بقايا تنوع في الطائفة ينبغي العمل لتعزيزه، بل وتعميمه على الطوائف الأخرى، لجعل امكانية الخروج من منطق الطوائف والمذاهب المتناحرة إلى رحاب دولة المواطنة متاحاً.

ليس في ما وصل إليه الصراع الرئاسي حتى الآن إثارة دينية بقدر ما يفتح الباب أمام نقاش سياسي مسؤول. وبدءاً من اليوم سيكون مطلوباً من الجميع، وخصوصاً رئيس المجلس النيابي إدارة مختلفة للنزاع، وصولاً إلى التسوية التي ليس فيها كاسر ولا مكسور.