الراعي: نُصلّي من أجل الكتل النيابيّة المُنقسِمة

22 : 59

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس خميس الجسد في معهد الرسل جونية عاونه فيه لفيف من المطارنة والكهنة، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين.


بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "جسدي يُبذل ودمي يراق من أجل الكثيرين" (متى 26: 26؛ مر 14: 24)، وجاء فيها:


"1. تحتفل الكنيسة اليوم بعيد خميس الجسد، وهو الاحتفال التطوافيّ الإيمانيّ والإعلانيّ بسرّ القربان. إنّه سرّ حضور الربّ يسوع الدائم معنا وفينا وفي الكنيسة من خلال جسده ودمه تحت شكلي الخبز والخمر، حضور ذبيحة فداء ووليمة إلهيّة. ويأتي العيدُ بعد خميس الصّعود، للتّأكيد أنّ يسوع التاريخيّ الذي ماتَ وقام وصعدَ إلى السماء، باقٍ معنا بيسوع السرّي في القربان المقدّس. هذا هو فعلُ الإيمان الّذي نُعلِنُه بالتّطواف في شوارع المدينة.


2. يُسعِدُني أن أُحيّيكم جميعاً مهنّئاً بالعيد ونحن نحتفل بينبوع حياتنا المسيحيّة وحياة الكنيسة.

فأحيّي بنوعٍ خاصّ رعايا وأديار وبلديّة مدينة جونيه التي نظّمت ثلاثيّةً إعداديّة وهذا القدّاس الإلهيّ والتطواف الذي يليه في شوارع المدينة بركةً. واتّخذت موضوعاً عامّاً من كلمات الربّ يسوع في عشائه الفصحيّ الاخير مع تلاميذه عندما حوّل الخبز إلى جسده، والخمر إلى دمه، ليكونا ذبيحة الفداء الدّائمة، ووليمة الحياة الإلهيّة للبشريّة جمعاء، إذ قال مستبقاً آلامه وموته: خذوا كلوا: هذا هو جسدي الذي يُبذل من أجلكم.. خذوا إشربوا كلّكم: هذه كأس دمي الذي يُراق من أجلكم ومن أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا" (لو 22: 19 و20). فاختصر منظّمو الثلاثيّة والقدّاس والتطواف كلمات الربّ يسوع التأسيسيّة بكلمتين: "من أجل الكثيرين".


3. ويسعدنا أن نحيّي أيضاً "أصدقاء القربان في لبنان"، وسيادة المطران مار ماتياس شارل مراد ممثّل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان في المؤتمرات القربانيّة، وجمعيّة المرسلين اللبنانيّين الذين نظّموا مؤتمراً قربانيّاً مصغّراً بعد ظهر اليوم في دير مار يوحنّا الحبيب مقرّ الرئاسة العامّة للجمعيّة. وتأمّلوا في موضوع مأخوذ من كتاب أعمال الرسل عن الكنيسة الناشئة: "وكانت جماعة الذين آمنوا قلباً واحداً ونفساً واحدة" (أعمال 4: 32).


4. إن الموضوعين يتكاملان: الأوّل يختصّ بتأسيس سرّ القربان، والثاني يظهر ثماره. فالقربان الذي يتناوله المؤمنون يجمعهم على كثرتهم، لكونهم "يشتركون بالخبز الواحد والكأس الواحدة"، على ما يقول بولس الرسول (راجع 1 قور 10: 17). في القدّاس تُكسر القربانة ويتناول كلّ مؤمن ومؤمنة جزءاً منها، فتعود لتجتمع في الجماعة القربانة الواحدة. وهكذا تولد الكنيسة من سرّ القربان، ومنه تغتذي وتكبر وتنمو وتتّسع. فنقول: "الإفخارستيا حياة الكنيسة"، بمعنى أنّ الكنيسة تحيا بالمسيح الإفخارستيّ: به تتغذّى، وبه تستنير (البابا يوحنّا بولس الثاني: الإفخارستيا حياة الكنيسة، 6). عندما نقول "كنيسة" نعني بوجهيها الإلهيّ غير المنظور جسد المسيح السرّي (بولس الرسول) أو المسيح الكلّي (القدّيس أوغسطينوس)، وبوجهها البشريّ المنظور جماعة المؤمنين المؤلّفة من جميع المعمّدين. هذه الجماعة البشريّة مدعوّة لتعيش وحدة جسد المسيح، فلا تمزّقه بعدم المشاركة في الاحتفال الإفخارستيّ أو بالنزاعات والخلافات والانقسامات، بل تكون في كلّ جيل وفي كلّ مكان "جماعة ذات قلب واحد ونفس واحدة"(أعمال 4: 32).


5. نأخذ من هذا العيد ثمرتين:

الأولى، الإعجاب بعظمة محبّة المسيح المتجلّية في سرّ القربان، وتقتضي منّا أن نبادله بحبّنا له وبإيماننا العميق بسرّ الإفخارستيا، سرّ حضوره الدائم من أجلنا.

الثانية، الالتزام بوحدة الجماعة التي ينتمي إليها كلّ واحد وواحدة منّا، انطلاقاً من العائلة إلى المجتمع وصولاً إلى العائلة الوطنيّة. فمن أجل هذه الوحدة، أنشأ الربّ يسوع سرَّ القربان ليكون هو محور هذه الوحدة وضامنها".


وتابع الراعي: "لا يُمكن أن نحصر عيد خميس الجسد بالاحتفال بذبيحة الإفخارستيا والتطواف بالقربان المقدّس وتكريمه في شوارع المدينة، بل ينبغي أن نجني منه الثمرتَين المذكورتين، ونغتذي بهما. ونصلّي من أجل الكتل النيابيّة المنقسمة حتى العمق، كي يجمعها المسيح الربّ برباط الحقيقة والمحبّة، فيتوجّه النواب في الرابع عشر من هذا الشهر إلى البرلمان، لينتخبوا رئيساً للجمهوريّة بالطريقة الديمقراطيّة فيكفيهم ما تسببوا به من خراب لمؤسّسات الدولة، وإفقار وتهجير لشعبنا. فليكن ربّنا يسوع المسيح مسبّحاً وممجّداً في سرّ القربان، الآن وإلى الأبد".

MISS 3