سماعة Vision Pro من "آبل"...مستقبل الحوسبة؟

02 : 00

أطلقت شركة «آبل» حديثاً سماعة Vision Pro خلال المؤتمر العالمي للمطورين في كاليفورنيا. بفضل هذا المشروع، تدخل «آبل» سوق الأجهزة المثبتة على الرأس التي تكون في العادة مجرّد شاشات عادية، لكنها تحولت هذه المرة إلى حاسوب متكامل على الرأس. حتى أنها اخترقت عوالم الواقع الافتراضي، والواقع المعزز، والواقع المختلط.

من المتوقع أن يزيد منتج «آبل» الجديد آمال المصممين بجعل هذه التقنيات متاحة للعلن يوماً، مثلما ساهمت أجهزة «آيفون» و»آيباد» و»آبل ووتش» في رواج الهواتف الذكية، والحواسيب اللوحية، والتقنيات القابلة للارتداء. لكن ما هي خصائص سماعة Vision Pro وإلى أي حد تستطيع جذب عامة الناس؟

يسمح الواقع الافتراضي للمستخدمين بالغوص في عالم من ابتكار الحواسيب بالكامل، فيعزلهم بدرجة كبيرة عن محيطهم الواقعي. أما الواقع المعزز، فهو يجمع بين العناصر المحوسبة والعالم الواقعي الذي يبقى مرئياً بهدف تحسين ظروف البيئة المحيطة.

غالباً ما يُستبدَل مصطلح الواقع المعزز بالواقع المختلط الذي يشير إلى مجموعة من التقنيات الغامرة، بما في ذلك الواقع المعزز، لطرح «خلطات» مختلفة من العوالم الملموسة والافتراضية. تُعرَف هذه التقنيات الثلاث مُجتمعةً باسم «الواقع الممتد» (XR).

يبدو أن خليط الواقع الافتراضي والواقع المعزز أصبح جزءاً أساسياً من تفكير «آبل»، إذ تسمح سماعة Vision Pro للمستخدمين بتعديل مستوى الانغماس في التجربة عبر تحديد نسبة العالم الواقعي الذي يمكن رؤيته. من المتوقع أن يصبح هذا التنقل بين التجربتَين ميزة رائجة في الأجهزة المثبتة على الرأس مستقبلاً.

يمكن مشاهدة العالم الملموس عبر مجموعة من 12 كاميرا تقع وراء لفافة زجاجية تشبه نظارات التزلج وتعطي مفعول العدسات. عند تشغيل نمط الواقع الافتراضي في Vision Pro، يمكن رصد وعرض الناس الذين يقتربون منا في العالم الحقيقي تلقائياً.

كذلك، تعرض خاصية EyeSight عينَي المستخدم عبر عدسة زجاجية عند الحاجة لتحسين التفاعل الطبيعي مع الناس في الجوار: تطرح هذه المهمة تحدياً صعباً على عدد كبير من الأجهزة المثبتة على الرأس.

على مستوى الخصائص التقنية، تبدو Vision Pro مبهرة، فهي تستعمل خليطاً من رقاقة M2 ورقاقة جديدة اسمها R1. تُشغّل M2 أول نظام تشغيل مكاني من إنتاج «آبل»، visionOS، فضلاً عن خوارزميات خاصة بالرؤية المحوسبة وجيل الرسومات المحوسبة.

تعالج رقاقة R1 المعلومات انطلاقاً من الكاميرات، ومجموعة من الميكروفونات، والماسح الضوئي LiDAR الذي يستخدم الليزر لقياس المسافات التي تفصلنا عن أجسام مختلفة، ما يجعل السماعة تدرك طبيعة محيطها. الأهم من ذلك هو وجود نظام شاشات مبهرة في Vision Pro.

يستطيع ذلك النظام أن يتعقب وجهة عينَي المستخدم، فيتمكن هذا الأخير من التفاعل مع عناصر بيانية بمجرّد النظر إليها. كذلك، تستطيع السماعة أن تتلقى أوامر عن الحركات والأصوات وتشمل خاصية الصوت المكاني الذي يشير إلى نوع من الأصوات بنطاق 360 درجة. تصل مدة التشغيل غير الموصول إلى ساعتين.

السماعة الجديدة مغلّفة بالزجاج والألمنيوم المنحني، على غرار جميع منتجات «آبل»، وتبلغ كلفتها 3499$، وهي جزء من مجموعة ذات خصائص مميزة. لكن أصبحت «آبل» معروفة بتطوير منتجات لها قدرات متعددة الاستعمالات بهدف استشعار ما يحصل في العالم الحقيقي.

تُركّز «آبل» أيضاً على جعل أجهزتها قابلة للتشغيل المتبادل، ما يعني أن تتّصل بسهولة بأجهزة الشركة الأخرى، فتنشئ بذلك «بيئة» قابلة للارتداء. لكن قد يكون هذا الجانب سلبياً في السماعة الجديدة، فهو يشبه وعود وآمال مصممين رائدين حول الحوسبة القابلة للارتداء خلال التسعينات.

عند جمع السماعة مع جهاز «آيفون»، الذي يشكّل حتى الآن أهم ركيزة لأنظمة «آبل»، تستطيع ساعة «آبل ووتش» أن تبتكر استعمالات جديدة للواقع المعزز. كذلك، يثبت وصل السماعة بعدد كبير من أدوات البرمجة رغبة الشركة في التعاون مع المطورين الحاليين لابتكار تطبيقات عاملة بالواقع المعزز.

لكن تتعدد الأسئلة العالقة حتى الآن. هل ستتمكن السماعة الجديدة مثلاً من اختراق تطبيقات الواقع المختلط عبر متصفح الإنترنت؟ وكيف ستكون هذه التجربة من حيث الراحة والجوانب العملية؟

كذلك، لم يتضح بعد موعد طرح Vision Pro خارج الولايات المتحدة أو احتمال ابتكار نسخة «غير احترافية» من السماعة.

في النهاية، تبقى سماعة Vision Pro رهاناً شائكاً، إذ يعتبر الكثيرون «الواقع الممتد» ابتكاراً يَعِد بالكثير لكن نادراً ما ينفذ وعوده. مع ذلك، تملك شركات مثل «آبل» وأهم منافسيها في مجال الواقع الممتد، «بيتا» و»مايكروسوفت»، النفوذ الكافي لزيادة شعبية الواقع الممتد وسط عامة الناس. الأهم من ذلك هو احتمال أن تتحول أجهزة مثل Vision Pro ونظامها البيئي ومنافسيها إلى ركيزة أساسية لتطوير عالم الميتافيرس (حياة اجتماعية افتراضية). إنه عالم غامر يسهل الغوص فيه عبر السماعات، وهو يهدف إلى تعزيز التواصل الاجتماعي بطريقة طبيعية أكثر من المنتجات السابقة.

قد يقول المشككون إن سماعة Vision Pro وخاصية EyeSight قد تجعلان المستخدم يشبه الغواص الجالس في غرفة المعيشة، لكن ربما حان الوقت أخيراً للغوص في عمق مياه الواقع الممتد.


MISS 3