عيسى يحيى

الجوع كافر... "يخلع" قرار التعبئة العامة في بعلبك

2 نيسان 2020

03 : 25

الزحمة أمام أحد المصارف

يوماً بعد يوم تتراجع قدرة الناس على التحمل في ظل هذه الظروف الصعبة. وبين خيار الإلتزام بالحجر المنزلي أو الخروج لتأمين لقمة العيش، يخرق العديد من المواطنين قرار التعبئة العامة ويخرجون من منازلهم شاهرين "سيوفهم" بوجه الجوع الذي يقض مضاجع الكثيرين وسط تردد السلطة في تقديم المساعدات لتأمين ضمان الإستمرار على قيد الحياة.

عبثاً يحاول البعض الوصول الى آذان السياسيين والنواب للإلتفات إلى معاناة الناس وتقديم العون، كما يفعلون في الجولات الإنتخابية، حيث تضج منصات التواصل الإجتماعي برسائل لنواب المنطقة لمساعدة الناس ولكن من دون فائدة. ووفق الإمكانات المتاحة يحاول بعض الشباب جمع التبرعات وتوضيب حصص غذائية لتوزيعها على المحتاجين، فيما يقوم بعض سكان أحياء مدينة بعلبك بالتكافل والتضامن في ما بينهم وتوزيع ما أمكن من خبز وطعام.

أشبه بحركة عادية يعيشها سوق بعلبك تزامناً مع انتهاء الشهر، حيث فتحت المحال أبوابها لتأمين طلبات من لهم القدرة على الشراء، فيما يبحث عمال "اليومية" عن مدخولٍ يؤمن لهم حاجات عائلاتهم الضرورية، وتشهد المصارف زحمة أمامها من قبل المواطنين الذين ينتظرون تحصيل رواتبهم بغياب أبسط مقومات الحماية والوقاية وسط غياب التنظيم بالرغم من طلب محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر إلى البلديات والقوى الأمنية تنظيم الأمر لمنع الإحتكاك، ناهيك عن "التجمهر" أمام مكاتب الصيارفة الذين يتحكمون بسعر الصرف اليومي للدولار في بعلبك من دون حسيبٍ أو رقيب.

قساوة الأوضاع المعيشية والأزمة الخانقة التي تعيشها الناس دفعت بالكثيرين للخروج من منازلهم طلباً للعمل ولقمة العيش، فالحجر المفروض قسراً لم يترافق مع تأمين المتطلبات اليومية التي تدفع بالناس إلى الصمود والإلتزام.

"عجبت لمن لم يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهراً سيفه"، بهذ الكلمات يجيب الخمسيني محمد ر. أحد سائقي التاكسي الذي توقف عن العمل منذ الحجر المنزلي عند سؤاله عن سبب خرق قرار التعبئة، ويضيف "إنّ الكثير من الناس في بعلبك لديه من عزة النفس ما يكفي لعدم طرق باب أحد وطلب المساعدة، ولكن الجوع كافر ولا يعلم أحد إلى متى ستبقى الناس تعض على الجرح، وستظهر ثورة جياعٍ حقيقية إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه".

ووسط السوق التجاري يرابض الستيني أبو علي خلف مع عربته المحملة بالخضار وفي يده سيجارته التي لا تنطفئ علّها تنسيه هموم الدنيا. يجلس وزوجته الى جانب برميل حديدي صغير أضرم فيه النار منذ ساعات الصباح ليقيهما البرد، يتناوبان على المبيع ليجمعا المصروف اليومي للعائلة، وعند سؤاله عن المبيع تبدو الحسرة على وجهه ويقول: "انشالله نقدر نأمن مصروف اليوم، عنا ولاد بدنا نطعميهن"، لكن سرعان ما تنفرج أساريره عند سماعه بأن الحكومة خصصت لكل عائلة محتاجة أربعمئة ألف ليرة لبنانية، ليضيف: "بدك تُصدق سمعنا من هالحكي كتير".

ميدانياً وبعد تأكيد الجيش اللبناني إصابة رائد بفيروس "كورونا" يخدم في فوج الحدود البري الثاني في رأس بعلبك، والطلب إلى جميع العناصر والأفراد والضباط الذين اختلط بهم في الفوج الحجر في مكاتبهم حيث يخضعون للإجراءات المتبعة وطُلب إلى عائلاتهم أخذ الحيطة والحذر، دب الهلع في صفوف أهالي العسكريين وسكان المنطقة، واستنفرت بلديات البقاع الشمالي كرأس بعلبك والقاع والعين وغيرها بعد تسجيل الإصابة، وطلبت بلدية القاع من ابناء البلدة الذين يخدمون في الفوج وهم خمسة إتخاذ اقصى درجات الوقاية والتزام الحجر المنزلي، كذلك طلبت من عائلاتهم إلتزام منازلهم وتجنب الإختلاط. كذلك طلبت بلدية العين من أبنائها ممن يخدمون في الفوج إلتزام الحجر المنزلي والتواصل مع البلدية عند حدوث أي طارئ، فيما اشارت بلدية رأس بعلبك الى أنه لا إصابات حتى الآن من ابناء البلدة طالبةً منهم الوعي والحذر.


MISS 3