بشارة شربل

التغييريون... وإنقاذ الجريح

13 حزيران 2023

02 : 00

نعلم أن وصف التغييريين بالرماديين أو المترددين أحزنهم وأثار ردة فعل لديهم. ولا أحد ينكر حقهم في الاختلاف واتخاذ الموقف الذي يخدم قضية التغيير وحقوق الناس. لكنهم لا بدَّ يعرفون أننا لسنا في مجلس العموم البريطاني حيث تناقش قضايا البيئة ويقع الخلاف المترف بين العمال والمحافظين على نسبة الكربون المسموحة في الإنبعاثات.

هذه بلاد مصابة بمرض خطير، وثمة من يرغب في الإجهاز على مريض اسمه الشعب اللبناني. والذين طالبوا التغييريين باتخاذ موقف واضح هم أشبه بقضاء يُلزم بنجدة جريح وعدم التفرج على حالة نزع من دون استدعاء سيارة إسعاف أو طبيب.

بديهي حقّ التغييريين في قرارٍ مستقلّ يعبّر عن نهجٍ جديد في الحياة السياسية التي تجترُّ نفسها منذ الجمهورية الأولى. وكنا بين أول من دعم وصولهم الى الندوة البرلمانية للتعبير عن روح 17 تشرين. تلك الروح لصيقة برغبة التخلص من المنظومة التي تحكّمت برقاب الناس وشكّلت تحالفاً "مقدساً" بين المافيا والسلاح انتهى بإفقاد البلاد سيادتها وبسرقة أموال المودعين.

باسم الواقعية "المكروهة" ناشدناهم ألّا يصبّ قرارهم في مصلحة مَن هم معهم على تناقض رئيس. ولن ينقص من استقلاليتهم لو تصرفوا انطلاقاً من تقدير واقع الحال وحالوا دون صفاقة الممانعة التي تحاول فرض ترشيح أحد أركانها رئيساً للجمهورية. وإن شاؤوا التخفيف من مرارة الخيار، فلنقل لهم اختاروا السيّئ بدل الأسوأ، مع أن في مباراة المقارنة بين المرشحَين المطروحين غداً الأربعاء لا مجال للحيرة على الإطلاق.

لا تُبنى القرارات السياسية على ردّات الفعل أو على الشعور بالإهانة نتيجة مطالبة الناس نوابهم بـ"التصويت المفيد". هذا ليس التحاقاً بقوى سياسية وازنة سبقت الى دعم ترشيح جهاد أزعور، ولا تقييداً لحرية النواب التغييريين، مع أنهم مقصرون في السعي الى جبهة عريضة كانت واجبة الولادة لتضم كل الاستقلاليين، إذ لا يمكن أن تكون محارباً للفساد من غير أن تكون سيادياً، أو بالأحرى لا قيمة لنضالك ضد السارقين إن لم تحصّن مؤسساتك بقوى أمنية لها وحدها سلطة امتلاك السلاح وبالقضاء المستقل القادر على انتزاع حق المظلومين.

لا شك في أن نواب التغيير تابعوا خطاب سليمان فرنجية الرئاسي. يكفي أن يلاحظوا غياب البرنامج واستبداله بالتجريح بالخصوم والمرشحين الآخرين لتبيان الخيط الأبيض من الأسود في جلسة "الأربعاء العظيم". صحيح أن الجلسة لن تكون "خاتمة أحزان" اللبنانيين وتستولد رئيساً لكرسي بعبدا، لكنها محطة مفروضة في معركة مفتوحة شاءها "الثنائي الشيعي" لإثبات قدرته على كسر معارضيه المطالبين باستعادة الدولة من براثن الانحلال... والتغييريون همُّهم الأساسي استعادة الدولة أولاً، وعلى هذا الدرب الشائك والطويل لا بأس من "خطوة الى الأمام خطوتان الى الوراء" وفق "الرفيق" فلاديمير ايليتش لينين.


MISS 3