حسين الحاج حسن

حكومة كورونا في لبنان

2 نيسان 2020

20 : 08

في الوقت الذي يتخبط فيه العالم بأسره لمكافحة فيروس كورونا المستجد ومواجهته على أعلى المستويات، لا تزال الحكومة اللبنانية تتعامل مع الموضوع على انه ازمة كونية وليس بالامكان سوى فرض حظر للتجوال على المواطنين وايقاف اشغالهم الى حين تتمكن دول العالم المتحضرة من ايجاد علاج أو لقاح أو وسيلة جديدة لاحتواء الوباء.

في بداية الأزمة، لم تستطع حكومة اللون الواحد الجديدة أن تفصل عملها الاداري والعملاني عن القرارات والتوجهات السياسية الا في وقت متأخر بعدما دخلت جماعات موبؤة الى لبنان باعتبار ان الفيروس هو موجة انفلونزا طبيعية وستمرّ.

حينما تفاقمت الامور في عدد من الدول الكبرى وعلى رأسها ايران، صدر القرار بوجوب العمل الفوري لاتخاذ كلّ ما يلزم من اجراءاتٍ قمعية سريعة لمحاولة احتواء الوباء. قررت الحكومة اللبنانية حينئذ وبقرار جماعيّ، اعلان حالة التعبئة العامة تبعه بعد اسبوع تشديد الاجراءات لمنع المواطنين من الخروج من منازلهم وابقائهم تحت الحجر المنزلي الاجباري دون اي دراسة او تخطيط لما يمكن ان يؤثر هكذا قرار على البنية الاقتصادية والمالية والاجتماعية لبلد قد أعلن رسميا افلاسه قبل اقل من شهر.

لا ننكر ان هكذا اجراءات وقرارات حازمة ضروريّة خُصوصًا ان بعض الدول قررت ان تفرض حالة الطوارئ الموقّتة على مواطنيها من أجل اعطاء مزيد من الوقت للعلماء ليجدوا العلاج الناجع والسريع لفيروس كورونا المستجد. لكن، وعلى عكس الحكومة اللبنانية، وضعت تلك الدول مجموعة خطط انقاذية اجتماعية لدعم مواطنيها ومراكز أبحاثها كذلك الشركات والمؤسسات كي لا تقع في اي تعثر مادي او اي خسارة محتملة.

فعلى سبيل المثال، أقرّ البرلمان الدنماركي الاسبوع الماضي قانوناً نافذاً سمح من خلاله لحكومة بلاده ان تدفع من حساب ميزانيتها مبلغا يتكون من ثلاثة أرقام ميليار كرون على شكل حزمة مساعدات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، إضافةً إلى دعم العاطلين من العمل او اولئك الّذين توقفوا عن العمل لا اراديا بسبب أزمة الفيروس الفتاك.

كذلك فعلت هولندا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية، فيما عمَدت دول اخرى الى دفع إيجارات المساكن والكهرباء والماء لمواطنيها الى حين انتهاء موجة الوباء.

الى جانب هذه الإجراءات الإسعافية التي قامت بها هذه الدول، لم تتوقف أعمال الرقابة والتشدد لمنع اي احتكار أو تحكُّم بأسعار الموادّ الأولية الإستهلاكية او الموادّ الطبية.

نعود الى حكومة حسان دياب، الّتي منذُ تشكيلها لم تضع اي خطة او توجُّه محدد لطريقةِ معالجتها الأزمات الاقتصادية والمالية وعلى رأسها أزمة الدولار وما نتج عنها من غلاء للأسعار وفقدان العديد من الموادّ الأولية كالمحروقات والادوية والقمح وغيرها. هذه الحكومة نفسها اعتذرت عن دفع ديونها للمقرضين في السابع من اذار، ما يُعتبر اعلاناً رسمياً عن افلاس الدولة اللبنانية لعدم قدرتها الايفاء بديونها الخارجية او المحلية.

هذه الحكومة العاجزة، وبهدفِ محاولة احتواء الوباء، قررت ان تعاقب اولئك المخالفين لقرار حظر التجوال بدفع غرامات عالية من دون ان تلحظ الوضع الإجتماعي والاقتصادي للمواطنين اللبنانيين. صحيح ان جزءًا من اللبنانيين لم يلتزم القرار بسبب تعنت او جهل البعض خطورة الأزمة، الا ان الغالبية لا يمكن اكراهها على البقاء في الحجر المنزلي في الوقت الذي لم توفر فيه الدولة اللبنانية اي مساعدات لكي لا تقع هذه الأسر في شرك العوز او الحاجة.

في الوقت عينه، لا بد من بذل التقدير والشكر للمبادرات الفردية والجماعية التي انطلقت على اثر ارتفاع صرخات المواطنين والأهالي فقامت بإستقبال التبرعات والمساعدات العينية والمادية وتوزيعها على عدد من المناطق، الا ان ذلك لم ولن يكفي في حال امتدّت ازمة الوباء أشهراً عدة.

المطلوب اليوم ليس ان تنفقَ الدولة كما صدر مؤخرا بعضاً من أموال الخزينة على مساعدات غذائية وعينية بشكل اعتباطي وغير مدروس من دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي يمكن ان نصل اليها في مرحلة ما بعد احتواء وباء كورونا ومعالجته عالمياً.

لذا النّصيحة تبقى في الإسراع بوضع خطة اجتماعية واقتصادية لا تُعالج أزمة الوباء فحسب، بل ما سيكون الوضع عليه بعد انتهائه.

MISS 3