الانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة

"كورونا" يُعطّل "محرّكات بايدن" ويُبرز "نجم ترامب"!

04 : 15

انقلبت الحملة الرئاسيّة الأميركيّة ومعها الحياة السياسيّة برمّتها فجأة رأساً على عقب، بعد "اجتياح" وباء "كوفيد-19" الأراضي الأميركيّة، فانكفأ جون بايدن بعد عودته التاريخيّة لقمّة السباق إلى ترشيح الحزب الديموقراطي ولم يعُد صوته مسموعاً بعدما لزم منزله في أوجّ حملته، فيما يتصدّر الرئيس الجمهوري دونالد ترامب عناوين الصحف ووسائل الإعلام المرئيّة ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق.

وحقّق نائب الرئيس السابق باراك أوباما في منتصف آذار سلسلة من الانتصارات المفصليّة، ما دفع إلى الاعتقاد أن خروج آخر منافسيه الكبار في الانتخابات التمهيديّة للديموقراطيين، الاشتراكي بيرني ساندرز، أمر لا مفرّ منه. إلّا أن أزمة فيروس "كورونا المستجدّ" بدّلت الأحوال. وبينما كان يدعو لسنوات إلى إصلاح شامل للنظام الصحّي الأميركي، لا يزال السيناتور اليساري ساندرز مصرّاً على مواصلة الحملة عبر إدارة نقاشات حول الوباء تُبثّ على الإنترنت، مؤكداً أنّه يرى "طريقاً ضيّقاً نحو الفوز". ويبدو أن ساندرز الذي يجهد لإسماع صوته عبر وسائل الإعلام، يُعقّد مع ذلك مهمّة بايدن الذي يتعيّن عليه هزيمة هذا الخصم وشنّ الحملة ضدّ الرئيس الجمهوري الذي سيخوض معركته لولاية ثانية في الثالث من تشرين الثاني بقوّة وزخم كبيرَيْن.

وفي هذا الصدد، يرى أستاذ الاتصالات السياسيّة في جامعة ميشيغن جوش باسيك أن "الأزمات هي أوقات رئاسيّة بامتياز، وفي هذا السياق لا يملك بايدن ببساطة القدرة على فرض نفسه"، في وقت يحظى ترامب بمنبر مهمّ عبر مؤتمراته الصحافيّة الطويلة التي يعقدها بشكل يومي حول الوضع الوبائي الذي يتطوّر بسرعة.

وبالفعل، فقد ارتفعت شعبيّة ترامب منذ أن قرّر أن يكون نجم هذه المؤتمرات الصحافيّة، لتبلغ أكثر من 50 في المئة على الصعيد الوطني. كما ارتفعت أسهم الديموقراطي حاكم نيويورك أندرو كومو، الذي لا ينوي الترشّح للرئاسة، بفضل إحاطاته حول الوباء الذي يعصف بشدّة بولايته، ما دفع ترامب لاعتباره مرشّحاً أفضل بكثير من بايدن، وإن نفى المعني بالأمر رغبته بالترشّح في اللحظة الأخيرة.





في المقابل، يُضاعف بايدن (77 عاماً) المقابلات عبر استوديو تلفزيوني استُحدث على عجل في قبو منزله. ولكن من دون أن ينجح في فرض نفسه على القنوات المشبّعة أصلاً بالأخبار، خصوصاً بعدما تمّ تأجيل الانتخابات التمهيديّة، ما أدّى إلى شحّ التغطية الإعلاميّة للانتخابات الرئاسيّة، في حين قرّر الحزب الديموقراطي بالأمس تأجيل مؤتمره لترشيح منافس لترامب إلى 17 آب. ويُمثّل العزل بالنسبة إلى بايدن ضربة قاصمة، بينما كان قد صرّح لشبكة "سي أن أن" بأنّ ذلك لا يُقلقه.

ولا يزال الطريق إلى البيت الأبيض غير واضح إلى حدّ كبير، في ظلّ هذه الظروف القاهرة، فيما يرى أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة مونتانا ديفيد باركر أن "الناس يلجأون في أوقات الأزمات إلى السلطة التنفيذيّة من أجل الاطمئنان". وقد شهد عهدا الرئيسين الجمهوريّين جورج بوش وابنه جورج دبليو بوش، ارتفاعاً في شعبيّتهما لتصل إلى 90 في المئة، إثر حرب الخليج الأولى وهجمات 11 أيلول 2001 الإرهابيّة توالياً.

فهل ينجح ترامب بإدارة أزمة "كورونا" بالحدّ الأدنى من الخسائر البشريّة والماديّة، ليربح بعدها أو حتّى خلالها معركته للتجديد لولاية ثانية، أو تأتي رياح الوباء القاتل بما لا تشتهي سفن الرئيس الجمهوري التي كانت تُبحر بحرّية على وقع أرقام اقتصاديّة ممتازة قبل أن يدخل "كوفيد-19" على الخط؟ فيبتسم بذلك الفيروس الطارئ لجو "النعسان"، كما يحلو لترامب مناداته، ليغدو بمثابة جسر عبوره إلى البيت الأبيض!


MISS 3