يوسف مرتضى

ماذا ينتظر التقاطع المعارض؟!

16 حزيران 2023

02 : 00

بين شهريْ آب وأيلول من العام الفائت 2022، كان يجب أن يكون للبنان رئيسٌ للجمهورية، لو أنّ العملية الدستورية تسير في دولتنا بشكل طبيعي، ولو أنّ الدستور محترم من قبل أكثرية ممثلي الشعب في المجلس النيابي.

المادة 74 من الدستور تنصّ صراحة على أنّه عند حصول الفراغ في سدّة الرئاسة، يلتئم المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة واحدة وبدورات متتالية. عقدت بداية إحدى عشرة جلسة فولكلورية وكانت تُفضّ فور الانتهاء من فرز الأصوات في الدورة الأولى.

الجلسة الثانية عشرة حدّد الرئيس نبيه بري موعدها بـ14/6/2023 بعد مضي 146 يوماً على الجلسة الحادية عشرة، وبعدما توفّر لها شرط وجود مرشّحين جدّيين الذي تذرّع به رئيس المجلس. وتأمّل اللبنانيون أن تكون الجلسة خاتمة أحزانهم بانتخاب رئيس للجمهورية كمدخل لا بدّ منه لتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تطلق تسيير عجلة مؤسّسات الدولة والتصدي للأزمات التي أثقلت كاهل المواطنين. فإذا بنا أمام جلسة فولكلورية جديدة، فُضّت دورتها الثانية قبل أن تبدأ وقبل أن ينتهي الفرز الناقص صوتاً واحداً في الدورة الأولى، خطأً كان أم قصداً!!

وإذا أسأنا النية يكون الهدف من إخفاء المظروف أثناء الفرز، أنه لو بلغت الأصوات التي نالها أزعور الـ65 صوتاً لتحجّج رئيس المجلس بذاك الخطأ وطلب إعادة التصويت، لتستكمل المسرحية بهرج ومرج وتنتهي بتعطيل النصاب حتماً.

أمّا وقد جاءت النتيجة كما يشتهي المايسترو، فاستهزأ بالصوت الضائع، وقدّم مشهدية للرأي العام في الداخل والخارج لا تليق بمؤسّسة التشريع المنوط بها التقيّد باحترام أدقّ تفاصيل القوانين، وتكشف مراوغة القيّمين على المجلس في عدم الاستجابة لطلب التصويت والفرز الإلكتروني الذي طالبت به النائبة بولا يعقوبيان منذ العام 2018.

ولو أنّه كان واضحاً للعيان أنّ نوّاب الثنائي هم من بادروا إلى تعطيل الجلسة بانسحابهم حتى قبل الانتهاء من عملية فرز الأصوات، ولكنّ هذا لا يعفي أفرقاء المعارضة والمتقاطعين معهم من المسؤولية. كان لزاماً عليهم عدم الخروج من القاعة العامة للمجلس المنعقد بحكم القانون حتى وإن خرج رئيسه، وأن يدعوا جمهورهم للنزول إلى الشارع تحت شعار إنهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، وأن يتمثّلوا بموقف النائبين نجاة عون وملحم خلف، الصامدين لـ146 نهاراً وليلة في قاعة المجلس امتثالاً لقواعد الدستور والقانون وتنفيذاً لواجبهما الوطني الذي فوّضهما به الشعب، وعدم الاكتفاء بنتيجة تحديد الأحجام بفارق الأرقام.

ولأنّ الأوان لم يفت بعد، والوضع قد يذهب إلى مزيد من التأزّم، أتوجّه بالدعوة إلى كتلة نوّاب حزب «القوات» و»اللقاء الديمقراطي» وكتلة حزب «الكتائب» وإلى جميع النواب المستقلين والتغييريين الضنينين بمصلحة الشعب وإنقاذه من أتون جهنم، للنزول إلى المجلس النيابي والاعتصام في القاعة العامة إلى جانب ملحم ونجاة، بدل انتظار الاجتماعات الدولية حول لبنان وما يمكن أن تفضي إليه، أو الدعوات إلى الحوار الذي لا أفق له، ما يؤدي إلى ضغط شعبي ويستدرج تفهّماً وضغطاً خارجياً من القوى المؤثرة، لعقد جلسة شرعية للمجلس تنتخب رئيساً للجمهورية وتوقف المهزلة التي يعيشها لبنان. وليس لديكم ولدى جميع النواب المخلصين لبلدهم وشعبهم أي عذرٍ لعدم الاستجابة لتحقيق هذا الواجب الوطني المصيري.


MISS 3