النبطية - نداء الوطن

بأيديهنّ صنعن كلّ شيء: مقهى صديق للبيئة

19 حزيران 2023

02 : 00

مقهى عين بعال في صور

فيما يفشل السياسيّون في تحقيق الإستقرار الداخلي، أقلّه اقتصاديّاً، ينجح شباب لبنان في صناعة الأمل. يرفضون الإنصياع لضريبة الأزمات التي تلاحقهم منذ ثلاث سنوات. بعضهم هاجر، والبعض الآخر قرّر أن يوفّر فرصته بنفسه. في كل مرة يظهر «مشروع شببلكي»، تُطرح تساؤلات عن ثقة الإستثمار في بلد مفلس.

مفتاح السياحة هذه المرة نسائي، كثيرة هي المشاريع التي تكون المرأة عصبها الأساسي. فالسيدات اليوم مغامرات، يخرقن الواقع الإقتصادي الأليم.

من عمل التصوير انتقلت بتول (30 عاماً) إلى المقهى، ومن التعليم تحوّلت خديجة (25 عاماً) إلى تلبية طلبات الزبائن، هذا صار عملهما اليوم في مشروع بسيط، ألا وهو مقهى صديق للبيئة في بلدة عين بعال - صور، تتحدّيان به الأزمة المعيشية، «في مغامرة مطلوبة» وفق بتول.

يجلس عشرات الشبان في المقاهي، في انتظار فرصة ما، سواء داخلية أو خارجية، رافضين فكرة «ابتكار مشروع» خوفاً من الفشل. كانت بتول وخديجة تحملان «المنشار والقدّوم»، تنشران «طبليات» الخشب وتصنعان منها مقاعد وطاولات، وتأتيان بالقصب من ضفة النهر لتكملا المقهى الذي شيدتاه في الهواء الطلق في عين بعال، بعدما عجزتا عن العثور على فرصة عمل صارت «عملة صعبة».

في منطقة طبيعية محاطة ببساتين الليمون والحامض، وُلد المشروع الذي كسرت بفضله خديجة فكرة «لا أستطيع»، وقدمت بتول نموذجاً عن إرادة المرأة التي لا تستسلم للأزمات.

تشير خديجة التي كانت تعمل في مهنة التعليم، إلى أنّ «فكرة المشروع جاءت من والدها، حيث قدّم صاحب العمل الذي يعمل لديه قطعة أرض كانت مهملة، فعملنا على تحويلها إلى مقهى صديق للبيئة». رغم الإمكانات المالية الضعيفة انطلقت الشابتان في تنفيذ مشروعهما، وتقول بتول «نحن من صنعنا المقاعد، التفاصيل كلها، بمساعدة الأهل، لم نكن نملك أي ليرة ، ورغم ذلك وفّرنا فرصتنا».

لا تصدقان أن مشروعهما أبصر النور بميزانية بسيطة «اشتغلنا بأيدينا لنوفّر استقدام يد عاملة. نُعد كل شيء بأنفسنا، نحن فقط نعمل هنا، يساعدنا الأهل أحياناً».

بثقة خطت الصبيتان خطوات العمل، لتجاريا عدداً من الشابات اللواتي وفّرن فرص عمل متنوعة، سياحية واقتصادية، من أجل تجاوز الأزمات التي أطاحت كلّ شيء. تقول بتول: «انتظرنا كثيراً، والأوضاع تزداد سوءاً، هل نبقى مكتوفين، مثل باقي الشباب؟ بالطبع لا». كلماتها هي ثورة على الفشل. المرأة لا تستسلم. تتحدّث بثقة وهي تعدّ كوب عصير داخل مقهى يحمل في طيّاته كل تفاصيل الحياة الطبيعية البسيطة.

لا تترددان بالقول «قادرين ننجح». حركة العمل لا تهدأ، فهما دمجتا الهدوء مع صخب الموسيقى، بروح شبابية حيّة متفاعلة. تنبض بثقافة الحياة والسياحة التي بدأت تنتشر في الجنوب، وتشكل عامل جذب سياحي مهم، تعوّلان في تنشيط المقهى على عشّاق الهدوء والشباب أيضاً.

في الجنوب عشرات المشاريع التي تقودها النساء، «المرأة قوّة اقتصادية»، وفق بتول التي تركّز على ثقافة الإصرار. حفزني مشهد فتاة تعمل في بيع الخضار على بسطة في منطقة البص في صور، قررت حينها أن أجد عملي، حتّى لو كان بعيداً عن اختصاصي، لأن انتظار الفرص في لبنان أشبه بانتظار المجهول والمستحيل». كثيرات مثل بتول وخديجة، بدأن مشاريعهن السياحيّة والإقتصادية، لأنهن رفضن التخلي عن لبنان، بل وجدن فيها فرصة للنهوض والتقدّم.


MISS 3