غسل الرز ضروري لسبب غير متوقّع

02 : 00

الرز غذاء أساسي بالنسبة إلى مليارات الناس في آسيا وأفريقيا، كما أنه عنصر متعدد الاستعمالات لتحضير أطباق مبهرة حول العالم مثل الدولمادس في اليونان، أو الريزوتو في إيطاليا، أو الباييلا في إسبانيا، أو بودينغ الرز في المملكة المتحدة.

لكن رغم جاذبيته العالمية، لا يتوقف الناس في مطابخهم، سواء كانوا محترفين أو أشخاصاً عاديين، عن التساؤل: هل يجب أن يُغسَل الرز قبل الطبخ؟

آراء رؤساء الطهاة

يزعم خبراء الطبخ أن غسل الرز قبل طبخه يُخفف كمية النشويات الموجودة في الحبوب. يتضح ذلك أصلاً في مياه الرز الغائمة التي تشير وفق الدراسات إلى وجود النشويات (أميلوز) على سطح حبوب الرز المنبثقة من عملية الطحن.

في أوساط الطبخ، يوصي البعض بغسل الرز عند تحضير أطباق معينة تتطلب فصل الحبوب. لكن في أطباق أخرى مثل الريزوتو، والباييلا، وبودينغ الرز (يجب أن تكون تركيبة الطبق لاصقة وقشدية)، من الأفضل ألا يُغسَل الرز.

تتأثر نزعة الناس إلى غسل الرز مسبقاً بعوامل أخرى أيضاً، منها نوع الرز المستعمل، والتقاليد العائلية، والتحذيرات الصحية المحلية، وحتى المدة والجهود اللازمة لإتمام هذه العملية.

هل يصبح الرز أقلّ لزوجـــــــــة بعد غسله؟

قارنت دراسة جديدة بين تأثير غسل الرز على لزوجة وصلابة ثلاثة أنواع مختلفة من الحبوب: الرز الدبق، والرز متوسط الحبة، ورز الياسمين. لم تُغسَل هذه الأنواع من الرز، أو غُسِلت ثلاث مرات بالمياه، أو غُسِلت عشر مرات بالمياه.

على عكس ما يقوله رؤساء الطهاة في هذا المجال، كشفت هذه الدراسة أن غسل الرز لم يؤثر على لزوجته أو صلابته.

أثبت الباحثون أن اللزوجة لا تتعلق بالنشويات السطحية (الأميلوز)، بل بنوع مختلف من النشويات: إنه الأميلوبكتين الذي يُستخرَج من الرز أثناء الطبخ. تختلف الكمية المستخرجة بحسب أنواع الحبوب.

بعبارة أخرى، تتوقف لزوجة الحبوب على نوعية الرز، لا طريقة غسله. في هذه الدراسة، كان الرز الدبق الأكثر لزوجة، على عكس الرز متوسط الحبة أو رز الياسمين، كما أن اختباره هو الأصعب في المختبرات. (تعكس صلابة الحبوب التركيبة المرتبطة بطريقة قضمها ومضغها).

غسل الرز مطلوب رغم كل شيء

تقليدياً، يُغسَل الرز للتخلص من الغبار، والحشرات، والحصى الصغيرة، والقشور المتبقية من عملية تقشيره. لا تزال هذه العادة أساسية في بعض مناطق العالم، حيث تفتقر هذه العملية إلى الدقة أو تريح بعض المستهلكين بكل بساطة.

لكن نظراً إلى تكثيف استعمال البلاستيك في سلاسل الإمدادات الغذائية في الفترة الأخيرة، وُجِد البلاستيك الدقيق في المواد الغذائية، بما في ذلك الرز. تبيّن أن غسل الرز يزيل حتى 20% من البلاستيك الموجود في الرز غير المطبوخ.

تكشف هذه الدراسة أيضاً أن الرز يحتوي على المستوى نفسه من البلاستيك الدقيق، بغض النظر عن غلاف المنتج (بلاستيكي أو ورقي). كذلك، أثبت الباحثون أن كمية المواد البلاستيكية الموجودة في الرز الفوري (المطبوخ مسبقاً) هي أعلى من تلك الموجودة في الرز غير المطبوخ بأربعة أضعاف. من خلال غسل الرز الفوري مسبقاً، يمكن تخفيض كمية البلاستيك فيه بنسبة 40%.

على صعيد آخر، من المعروف أن الرز يحتوي على مستويات مرتفعة نسبياً من الزرنيخ، لأن المحصول يمتص كمية إضافية من هذا العنصر أثناء نموه. تبيّن أيضاً أن غسل الرز يزيل حوالى 90% من الزرنيخ المتوفر حيوياً، لكنه يزيل في الوقت نفسه كمية كبيرة من المغذيات الصحية، بما في ذلك النحاس، والحديد، والزنك، والفاناديوم.

في بعض الحالات، يستهلك الناس نسبة صغيرة من هذه المغذيات عبر الرز يومياً، ما يعني أن تأثيره على الصحة يبقى ضئيلاً. لكن بالنسبة إلى الجماعات التي تستهلك كميات كبيرة من الرز المغسول يومياً، قد تتأثر نوعية تغذيتهم العامة.

حللت دراسة أخرى مجموعة مختلفة من المعادن الثقيلة والرصاص والكادميوم، بالإضافة إلى الزرنيخ، فاكتشفت أن غسل الرز مسبقاً يُخفّض مستويات هذه العناصر كلها بنسبة تتراوح بين 7 و20%. في غضون ذلك، حذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر التعرّض للزرنيخ الموجود في المياه والمواد الغذائية.

تختلف مستويات الزرنيخ في الرز بحسب مكان زراعته، ونوعيته، وطريقة طبخه. في مطلق الأحوال، تقضي أفضل نصيحة بغسل الرز مسبقاً واستهلاك مجموعة متنوعة من الحبوب.

تذكر دراسة من العام 2005 أن الولايات المتحدة تسجّل أعلى مستويات التعرّض للزرنيخ. لكن يجب أن نتذكر أن هذا العنصر موجود في أغذية أخرى مثل المنتجات المصنوعة من الرز (حلوى، مقرمشات، بسكويت، حبوب الفطور)، وفي الأعشاب البحرية، وثمار البحر، والخضار.

هل يمنع غسل الرز الجراثيم؟

لا يؤثر غسل الرز على كمية الجراثيم الموجودة في الرز المطبوخ لأن حرارة الطبخ المرتفعة تقضي على جميع الجراثيم أصلاً. لكن يتعلق عامل مقلق بمدة تخزين الرز المطبوخ أو المغسول على حرارة الغرفة. غسل الرز لا يقضي مثلاً على الجراثيم المشتقة من جرثومة اسمها العصوية الشمعية.

عند حفظ الرز الرطب أو المطبوخ على حرارة الغرفة، قد تنشط الجراثيم وتبدأ بالتكاثر. ثم تنتج تلك الجراثيم سموماً لا يمكن تعطيلها عبر الطبخ أو إعادة التسخين، وقد تُسبب هذه السموم أمراضاً حادة في الجهاز الهضمي. يجب أن يحرص الجميع إذاً على عدم الاحتفاظ بالرز المغسول أو المطبوخ لفترة طويلة على حرارة الغرفة.


MISS 3