على خشبة مسرح قرطاج الروماني ولمدة يومين متتاليين قدّم المخرج اللبناني مروان الرحباني، عرضه المسرحي الغنائي "ملوك الطوائف" ضمن فعاليات الدورة الخامسة والخمسين من مهرجان قرطاج الدولي. والمسرحية عبارة عن ملحمة غنائية من تأليف وتلحين منصور الرحباني، وعرضت للمرة الاولى للجمهور في العام 2003، وصمم رقصاتها فيلكس هاروتيونيان، وهي من بطولة غسان صليبا وهبة طوجي.
وعلى مدى 3 ساعات تقريباً تفاعل الجمهور مع العرض الذي أبهر الحاضرين بموسيقاه ونصه وملابسه ورقصاته.
وسحر غسان صليبا الجمهور بأدائه الرصين والقوي أحياناً أخرى فكان نجم المسرح الغنائي، فيما شدّت الفنّانة هبة طوجي جمهوراً سبق أن التقت به السنة الماضية في المكان نفسه في حفلةٍ منفردة فجاء نجاحها السنة هذه أيضاً مدوياً.
وشرح مخرج المسرحيّة مروان الرحباني، في مؤتمر صحافي قبل أيّام من العرض في العاصمة تونس، بأنّ المسرحية ستعرض بنسختها الأصليّة، وبأنّ النص ّوالموسيقى لم تطرأ عليهما أيّ تغييرات، مضيفاً بأنها تعرض بشكل مكثّف في الدول الأوروبيّة، فيما لم تتعدّ الأربعة عروض في العالم العربي.
وعبّرت هبة طوجي عن سعادتها للقائها الجمهور التونسي كممثلة لا كفنّانة، مشيرة إلى أنّ هذه هي المشاركة الرابعة لها في عمل مسرحي وليست المرّة الأولى. وقبل ساعات من العرض استقبل وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين فريق عمل المسرحيّة في مكتبه لتكريمهم.
والمسرحية المذكورة آخر تحفة فنية قدمها منصور الرحباني قبل رحيله، وهي تتناول الصراعات التي دارت بين ملوك الطوائف في الأندلس بهدف السلطة والهيمنة والتوسع، إبان الفترة التي سميت بـ "فترة الانحطاط العربي".
وعادت المسرحية بالجمهور إلى فترة حكم ملوك الطوائف الذين صعدوا للحكم في العقدين 1020 و1030 م، بعد سقوط الدولة الأموية في الأندلس، مما دفع كلّ أمير من أمراء الأندلس الى بناء دولة منفصلة ليؤسسوا بذلك 22 دويلة.
وشهدت تلك الفترة انقسامات كبرى وتناحرات عديدة، جعلتهم فريسة للعدو الذي كان ينتظر مثل هذه الصراعات لبسط قوته ونفوذه على أرض الأندلس. وتسابق جميع ملوك الطوائف في المسرحية لكسب ود ملك كستيليا "ألفونسو السادس" الذي يستغلهم بفرض الضرائب عليهم لتطوير مملكته وتسليح جيشه.
وتؤدي هبة طوجي في المسرحية دور خادمة تدعى "اعتماد الرميكية"، أحبها "المعتمد بن عباد" وهو ملك اشبيلية وقرطبة أي أحد الملوك العرب في الأندلس وقد أدّى دوره الفنان غسان صليبا.
وتعكس المسرحية "هزائم العرب وخيباتهم"، وأراد صاحب العمل أن يحاكي بها الوضع السياسي الراهن في العالم العربي المليء بالانكسارات والنكسات والانهيارات.
