كارين عبد النور

فُتِحت المعركة وكسبار يؤيد المرشّح الذي يشكّل امتداداً لبرنامجه

إنتخاب نقيب المحامين: تشرين لناظره قريب

11 تموز 2023

02 : 01

ديمقراطية «ميّة بالمية»

صحيح أن انتخابات نقابة المحامين في بيروت مقرّرة قانوناً في دورتها الأولى في الثالث من تشرين الثاني المقبل. لكن يبدو أن الاستعدادات للمعركة قد بدأت باكراً. لكن صحيح أيضاً أن قائمة الاستحقاقات اللبنانية - المؤجّل منها والمُرتقب – قبل حلول تشرين طويلة ولا تشي بنتائج سريعة. وهكذا ثمة من يقول إنه من السابق لأوانه الحديث عن الانتخابات تلك. بيد أن تلك تبقى نقابة المحامين. أحد بارومترات المزاج العام ووجهة الخيارات التي لا يمكن تجاهلها. وهذه جولة ما قبل انتخابية في أروقتها.



ولاية تشارف على نهايتها وأخرى تلوح في الأفق وازدحام لافت بين المرشّحين منذ الآن على مركز النقيب. هؤلاء يحتاجون بداية للفوز بانتخابات عضوية المجلس، ما يفتح أبواب المنافسة بين الأحزاب والمستقلّين، من جهة، وبين المؤيّدين والمعارضين لسياسة النقابة الحالية، من جهة أخرى. لا صورة واضحة المعالم في ظلّ ما قد يحصل من انسحابات أو ترشيحات جديدة. فالتيار الوطني الحر، مثلاً، لم يحسم قراره بعد على عكس القوات والكتائب اللبنانية وكذلك الحال بالنسبة لقوى التغيير التي انتكست في انتخابات العام 2021 وغابت عن المشهد الانتخابي في العام الماضي. هذا مع التذكير بأن الضجة التي أثارتها بعض قرارات النقابة مؤخّراً لم تهدأ مفاعيلها بعد، وهي بلا شك ترخي بظلالها على استعدادات المرشّحين المعلنين وتأتي في صميم تقييم النقيب الحالي، ناضر كسبار، لولايته النقابية.



لا للإعتبارات السياسية

نستمع لبعض الآراء. والبداية مع عضو مجلس النقابة، الدكتور ألكسندر نجار، الذي بادر في حديث لـ»نداء الوطن» بالقول إنه اكتسب خبرة واسعة خلال السنتين الماضيتين كعضوٍ في مجلس النقابة. جاء ذلك من خلال محاضرات التدرّج التي ترأسها حيث قام بتنظيم حوالى 150 محاضرة وندوة في بيت المحامي، وبصفته مسؤولاً عن علاقات النقابة مع المناطق وكمقرّر لقضايا أتعاب المحامين. «تشكّل هذه الخبرة، إلى جانب خبرتي المهنية طوال أكثر من 30 سنة وحُسن علاقاتي مع المحامين، دافعاً لترشّحي لولاية جديدة ولمركز النقيب خدمة للنقابة وللمحامين». نجار مرشّح مستقل، غير أنه يعتبر نفسه قريباً من الجميع ويحظى بثقة مجموعة كبيرة من المستقلّين والحزبيين. فمركز النقيب ليس مركزاً سياسياً بل مهنياً والغاية منه السهر على مهنة المحاماة وشؤونها، كما يضيف. من هنا دعوته للأحزاب كي تدعم المرشّح الذي يحمل برنامجاً متكاملاً ولديه سيرة مهنية جيّدة، بمعزل عن الاعتبارات السياسية.

لا خلافات داخلية أو تشنّجات داخل النقابة. هكذا يقول نجار. ففي ما خص التعديل المتعلق بالظهور الإعلامي للمحامين، وبعد احتكام المعارضين للقضاء، جاء قرار المحكمة لصالح النقابة. «في مطلق الأحوال، لحظت في برنامجي فكرة تنظيم ورشة عمل موسّعة تجمع أهل الاختصاص من أجل التحاور والتداول والمناقشة حول كيفية تطوير نظام آداب المهنة». أما حول مسألة صندوق التقاعد داخل النقابة وصدور شيكات بأسماء متقاعدين متوفّين فهي تعني لجنة إدارة الصندوق، والخطأ على ما يبدو تقني بحت والتحقيق يسري بشفافية. فماذا عن برنامجه الانتخابي؟ هو يشمل كافة النواحي المتعلقة بمهنة المحاماة ويعرض حلولاً عملية لكافة الإشكاليات المطروحة. «إنني أعي تماماً صعوبة المرحلة وأن انحلال الدولة يعرقل حتماً حُسن سير العدالة، لكن علينا تخطّي الصعوبات لتحقيق ما نطمح إليه لما فيه مصلحة المحامين».




د.ألكسندر نجّار


العبرة بالظروف


محطتنا التالية مع عضو مجلس النقابة، المحامي عبدو لحود. فهل هو فعلاً مرشّح القوات اللبنانية؟ «أنا مرشّح مستقل، نقابي بامتياز، أتعاطى الشأن النقابي منذ 25 سنة ومنتسب إلى نقابة المحامين منذ 47 سنة. لكن، وبما أن لا مرشّح حزبياً للقوات اللبنانية وكونهم يبحثون عن مرشّح يمتلك صفات مهنية ونقابية، وطالما كنت أسعى للحصول على تأييدهم، يبدو أنهم يميلون لدعمي كمستقل». برنامج لحود الانتخابي بسيط ومبني على تاريخه النقابي، كما يخبرنا. فهو كان مفوّض قصر العدل في نقابة المحامين لمدة ثلاث سنوات متتالية، ما سمح له بمتابعة كافة مشاكل وشكاوى المحامين وبأن يكون على مسافة واحدة من الجميع. «قبلها كنت مسؤولاً عن الكشف على مكاتب المحامين ورئيساً لإحدى هيئات المجلس التأديبي لدورتين متتاليتين وعضواً في المجلس التأديبي لعدة سنوات. وأنا حالياً عضو مجلس نقابة مسؤول عن علاقة النقابة باللجنة النيابية داخل مجلس النواب ورئيس لجنة التشريع والاستشارات».



لحود يرى أنه الأقرب إلى المحامين الشباب الذين يترددون إلى مكتبه للاستشارة وطلب المساعدة. فكيف يوصّف علاقة المحامي مع الإعلام؟ «أنا ضدّ كبت حرية المحامي بالمطلق في التعاطي بالشأن العام. فهو، بتكوينه وبما أناط به القانون، الذي يحافظ على الحريات العامة وحرية التعبير. لكن أن يتحول دور المحامي إلى دعاية شخصية له فهذه مخالفة للقانون. وإذا فرضت الظروف اليوم إجراء تعديل على نظام آداب المهنة من قِبَل مجلس النقابة، فلا مانع من تعديل التعديل في حال تبدّلت الظروف». وعن قضية شيكات صندوق التقاعد، رجّح لحود أن لغطاً ما قد حصل وقد يعود ذلك إلى خلافات داخل لجنة إدارة الصندوق أو إلى مجرّد مزايدات انتخابية. «المعركة الانتخابية حامية ونتفاجأ أسبوعياً بمرشّح جديد، وهذا ما يؤكّد رغبة المحامين في التعاطي بالشأن النقابي. المعالم ما زالت غير واضحة وأتوقّع انسحاب البعض. أما أنا فاتّكالي على المحامين وعلى علاقتي بهم بعد سنوات طويلة من ممارسة المهنة».



عبدو لحّود



إنتفاضة وتغيير

ننتقل إلى «مرشّح التحدّي»، كما يصوّره البعض. ونسأل المحامي ابراهيم مسلّم كيف يصف ترشّحه، فيجيب: «أنا لست مرشّح تحدٍ بل لديّ أهداف ووعود. سبق وأن تعهّدت للمحامين بأن أعالج موضوع الاستشفاء وعجز الصندوق التعاوني، وتمكّنت خلال تسعة أشهر أثناء وجودي في مجلس النقابة من سدّ العجز واسترداد أموال النقابة من شركة الإدارة في وقت كان أعضاء كثر يدّعون أن تلك الأموال لا تعود للنقابة إنما للشركة، وبعض هؤلاء يسعون اليوم للأسف للوصول إلى مركز النقيب». بعد إنهاء المهمة التي انتُدب لأجلها، استقال مسلّم من المجلس النقابي وهو اليوم يطرح نفسه كمرشح لمركز النقيب. وهو، كما يقول، لا يسمح لنفسه بالترشّح من داخل المجلس منعاً لاستغلال موقعه لتقديم خدمات على حساب مصالح النقابة والمحامين، كما يفعل كثيرون. ويوجز لنا أهدافه: تحسين راتب المتقاعدين وقدره حالياً 50 دولاراً لا أكثر؛ تأمين تغطية صحية مجانية من النقابة للمحامين المتقاعدين وعددهم حوالى 450 متقاعداً؛ استعادة أموال النقابة الموجودة لدى الدولة ولدى كتاب العدل؛ وإدارة الصندوق التعاوني من قِبَل جهاز متخصّص بدلاً من مجلس النقابة الذي حوّل أموال الصندوق إلى خدمات انتخابية.

موضوع الحريات يعتبره مسلّم حسّاساً ودقيقاً وبخاصة بالنسبة للمحامي الذي من واجبه التدخّل في الشأن العام والملزَم التطوّع للدفاع عن الناس. «لا يحق لأي سلطة في العالم أن تحدّ من هذه الحرية وإلا اعتُبر ذلك تعدّياً على حرية الجماعة التي يدافع عنها المحامي وليس على حريّته فحسب. المحاماة رسالة ونحن جزء من العدالة. أما في حال المخالفة، فقانون تنظيم المهنة هو الذي يحدّد الإجراءات الواجب اتّخاذها». ليس فقط تغييراً جذرياً ما ستشهده نقابة المحامين في حال حالفه الحظ، بل انقلاباً سيعيدها ملاذاً لكل صاحب حق وحامية للمحامين «الأوادم» لا للمخالفين كما يحصل اليوم، والكلام دوماً لمسلّم. «لقد سخّر بعض المسؤولين النقابيين النقابة لأحزابهم، أما أنا «ما عندي لا كبير ولا صغير». لست أحمل سَيفاً إنما أدعو للصلاح والإصلاح واحترام القانون. على النقابة أن تعود قدوة ومنارة بالأخلاق والعلم والشجاعة والمواجهة بالحق والقانون».



المحامي إبراهيم مسلم



النقيب يقيّم... ويؤيّد

بين زحمة الترشيحات والمشاريع والمنطلقات، كيف تتحضّر النقابة لاستحقاق تشرين؟ في اتصال مع «نداء الوطن»، أشار النقيب ناضر كسبار الى أنه حين انتُخب نقيباً في العام 2021، كانت العملية الإنتخابية سيئة للغاية ولأسباب عدة، أهمها قلّة الأقلام والتأخير في فتح الصناديق. «لذلك، بعد انتخابي، وتحديداً في انتخابات السنة الماضية، تداركنا الأمور فزدنا أقلام الإقتراع، وبدأنا العملية الإنتخابية باكراً دون تأخير، كما هيّأنا الأجواء تماشياً. الجميع يشهد أن الانتخابات كانت الأفضل في تاريخ النقابة حيث لم يشعر أحد بانزعاج أو تأخير أو تقصير. وهذه السنة سوف نعيد الكرّة». قرارات عدة خلال ولاية النقيب كسبار شكّلت مادة جدلية. ففي تقييم سريع، لفت إلى أنه تسلّم زمام الأمور في النقابة والمصارف مقفلة، وأموال النقابة محجوزة، تزامناً مع اعتكاف القضاة والموظفين وإقفال الدوائر العقارية والمالية والنافعة وغيرها. «إلّا أنني كنت أنادي بأنّ من لا يستطيع فتح الأوتوستراد فليُقفل الحُفر. ومع ذلك قمنا بما لم يقم به أي عهد، من مؤتمرات ومحاضرات وندوات بشكل شبه يومي، إلى متابعة شؤون المحامين وزيارة المناطق».

ويتابع كسبار التعداد من إنشاء الـpréau بين قصر العدل وبيت المحامي، إلى إعادة ترميم المقهى والمطعم داخل بيت المحامي وتركيب الطاقة الشمسية في عدة محاكم في حين لا يزال العمل جارياً لتأمينها في محاكم أخرى. كما تمّ تأمين الكتب في مراكز النقابة والقرطاسية للمحاكم، ناهيك بتفعيل المركز الصحي. «أعتقد أننا حقّقنا معظم برنامج عملنا، ولا يزال هناك عدة مشاريع قوانين أتمنى إقرارها إلى جانب تفعيل مركز التحكيم». فمَن مِن المرشّحين يؤيّد كسبار؟ «هو المرشّح الذي يشكّل امتداداً لبرنامجي والذي تتوفّر فيه الصفات الآتية: الحضور يومياً إلى النقابة واتّباع سياسة الباب المفتوح مستقبِلاً الجميع دون تأخير في المعاملات الإدارية؛ امتلاك خبرة علمية ونقابية، ومعرفة كيفية التقرّب من القضاة والمحامين والعاملين في النقابة والمواطنين؛ عدم تعريض النقابة لمشاكل سياسية أو طائفية أو عقائدية وإجادة تدوير الزوايا بشكل لَبِق؛ محبة نقابته والمحامين والاهتمام بشؤونها وشؤونهم؛ والتمتّع بالحكمة والإتّزان وبُعد النظر والنخوة والإنسانية».

فبِمَن تتوفّر هذه الشروط؟ نُراقب إذ يقترب تشرين.



ناضر كسبار


MISS 3