الذكرى الثانية للإنتفاضة ضدّ النظام: "كوبا الشيوعية" غارقة في أزماتها

02 : 00

خلال التظاهرات المناهضة للنظام التي خرجت في 11 تموز 2021 (أ ف ب)

بمناسبة الذكرى السنوية الثانية للإنتفاضة الشعبية ضدّ النظام الشيوعي في كوبا، نشرت السلطات عدداً كبيراً من عناصر الشرطة والقوات الأمنية في شوارع العاصمة هافانا أمس خوفاً من خروج احتجاجات تُطالب بإسقاط النظام، في وقت تفاقمت فيه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي دفعت المواطنين أصلاً إلى التظاهر وتحدّي حكومة تُعرف بعدم تسامحها مع المعارضين.

تغرق الجزيرة الشيوعية في ما قد تكون أخطر أزمة لها منذ عقود، مع تضخم غير قابل للكبح وسياحة تُكافح للتعافي وطوابير لا نهاية لها للحصول على الطعام والوقود والدواء، فيما تسبّب نقص العملة الأجنبية وانخفاض قيمة البيزو في ارتفاع الأسعار ويسعى المزيد من الكوبيين إلى الفرار من الجزيرة.

في 11 و12 تموز 2021، أثارت أجواء مماثلة احتجاجات واسعة في عشرات المدن والبلدات ردّد المشاركون فيها هتافات «حرّية!» و»نحن جائعون» و»فليسقط النظام». وبعد عام من ذلك، تعهّد الرئيس ميغيل دياز كانيل إخراج البلاد البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة في وقت قريب من وضع اقتصادي «معقّد» فاقمته 6 عقود من العقوبات الأميركية وجائحة «كوفيد» التي ضربت قطاع السياحة الحيوي في كوبا.

لكن بعد مرور عام آخر، لم يتغيّر شيء يُذكر. وقال المحلّل السياسي الكوبي أرتورو لوبيس ليفي، الذي يعمل في جامعة مدريد المستقلّة، لوكالة «فرانس برس»: «على المدى القصير، ليس لدى الحكومة مساحة كبيرة للمناورة». وأضاف أن دياز كانيل، الذي يتولّى منصبه منذ العام 2018، يتعامل مع «مستويات خطرة من الأمن الغذائي والطاقة» ورثها عن سلفيه فيدل وراؤول كاسترو.

بعد حوالى 6 عقود من احتكار الدولة النشاط التجاري، وافقت الحكومة في آب 2021 على الترخيص بإنشاء مؤسّسات صغيرة ومتوسطة. وساهم ذلك إلى حدّ كبير في التخفيف من النقص في بعض المنتجات، لكنّ التفاوتات اتّسعت بسبب ارتفاع الأسعار بعيداً من متناول العديد من الأشخاص الذين يعتمدون بشدّة على المنح الحكومية. وأصبح الكوبيون الذي سئموا من الوضع، أقلّ تردّداً في التعبير عن استيائهم من السلطات.

وبالفعل، خرجت تظاهرات متقطعة العام الماضي احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المناطق في بلد لا يُسمح فيه بالمعارضة السياسية وحيث كانت الاحتجاجات قبل العام 2021 نادرة جدّاً. وفي أيار هذا العام، تظاهر عشرات الأشخاص احتجاجاً على نقص المواد الغذائية والدواء في كايمانيرا، وهي مدينة تقع على مسافة 1000 كيلومتر من العاصمة.

وفي هذا الصدد، أوضح لوبيس ليفي أن هذه الاحتجاجات لم تكن منظّمة، بل كانت ردود فعل «مرتجلة» على ظروف المعيشة الصعبة. وبالنسبة إلى عالم الاجتماع رافايل هيرنانديز، رئيس تحرير مجلة العلوم الاجتماعية «تيماس»، فقد كانت التظاهرات تعكس «تآكل صدقية الحكومة وسياساتها للخروج من الأزمة».

وفيما أصبح الكوبيون أكثر جرأة، ردّت الحكومة بتوقيفات ومضايقات، وفقاً لناشطين، وبتحرّكات لإسكات الخطاب المعارض بقطع الإنترنت. وبحسب مجموعة «جاستيسيا 11 ج» الحقوقية، فإنّ البلاد تتعامل مع «موجة جديدة من القمع». وعقب انتفاضة العام 2021، أوقف 1500 شخص وما زال المئات وراء القضبان منذ ذلك الحين.

وحُكم على 488 شخصاً بالسجن لمدد تصل إلى 25 عاماً على جرائم مثل الازدراء والفوضى العامة، وفق البيانات الرسمية، في حين غادر العديد من الناشطين البلاد. وتلوم الحكومة الكوبية، الولايات المتحدة، وتتّهمها بالوقوف وراء الاضطرابات، وأكدت عبر صحيفة «غرانما» الرسمية الإثنين أن واشنطن تتحمّل «المسؤولية المباشرة» عن الاحتجاجات.

في الغضون، حذّرت منظمة العفو الدولية في أيار من أن «وضع حقوق الإنسان في كوبا مستمرّ في التدهور»، مشيرةً إلى قانون عقوبات جديد تمّ تبنّيه العام الماضي يؤكد منتقدون أنّه يهدف إلى قمع استباقي لأي مظاهر من الاستياء العام، ويُحاكم المخالفون بموجبه بالسجن لمدد تصل إلى عامَين.


MISS 3