جو حمورة

أنقرة والقاهرة... الفرص المهدورة و«علاقة الضرورة»

18 تموز 2023

02 : 00

ينوي السيسي زيارة تركيا في 27 تموز الحالي (أ ف ب)

عقد كامل من القطيعة الديبلوماسية بين تركيا ومصر ساهم بخسارة كل منهما الكثير من الفرص. لم يشكّل النفور وحده عنواناً مناسباً لتلك العلاقة الشائكة بين القوتين الإقليميتين، إنما لامست العلاقة حدّ العداء في الكثير من المراحل الماضية، ووصلت إلى حدّ تشكيك رئيسي الدولتين بشرعية بعضهما البعض.

تخطى رجب طيب أردوغان «إنقلاب» عبد الفتاح السيسي على «صديقه» محمد مرسي بعد عشر سنوات بالتمام والكمال، فأعلنت وزارة الخارجية التركية وتلك المصرية في بيان مشترك، في الرابع من تموز الحالي، رفع علاقاتهما الديبلوماسية إلى مستوى السفراء و»إعادة وصل ما انقطع»، وذلك في الذكرى السنوية العاشرة لخروج مرسي من الحكم.

خسرت مصر وتركيا الكثير من الإمكانات والأرباح السياسية والاقتصادية والمالية التي كان يمكن أن تجنياها من علاقتهما. الفرص المهدورة خسّرت أنقرة سوقاً ضخماً محباً للبضائع التركية ذات النوعية المتوسطة الرخيصة، كما استثمارات بمليارات الدولارات كان يمكن أن تنفّذها في مصر.

في المقابل، خسرت القاهرة الخبرات التركية في مجال البنى التحتية التي هي بأمسّ الحاجة إليها، كما تدفق السياح والاستثمارات، إضافة إلى فقدانها شبكة سياسية وأمنية كان يمكن أن تحدّ من خسائرها الديبلوماسية والسياسية عند جارتها الليبية.

ينوي السيسي زيارة تركيا في 27 تموز الحالي، وهي زيارة ستؤكد طي صفحة المرحلة السابقة، والإعلان عن حلّ للكثير من المسائل المعقدة. تبدو ليبيا على رأس أولوية الدولتين، تماماً كما هي قضايا الترسيم البحري واستخراج موارده، ومستقبل «التحالف» القائم بين مصر وقبرص اليونانية واليونان من جهة، والتحالف المضاد الآخر بين تركيا وقبرص الشمالية وليبيا من جهة أخرى.

لن تغيب شؤون المال ولا شؤون التجارة عن اللقاء، فاقتصادا مصر وتركيا في حالة صعبة، وعملتاهما في تراجع مستمر في الوقت الحالي، وهي أمور ربّما ساهمت في تسريع اللقاء وتطبيع العلاقات بينهما. فالحاجة المشتركة وأرباحها المتوقعة تخطّت فوائد العداء المشترك الذي أضرّ بالطرفين وبالأمن الإقليمي على حدّ سواء، وهي «علاقة الضرورة التي لا نملك ترف التخلّي عنها الآن»، حسب وزير خارجية تركيا ورئيس جهاز استخباراتها السابق حقان فيدان.

هذه الإيجابية سلّطت الضوء على أعمال فيدان في مجال تقريب وجهات النظر مع مصر، ودلّت على دوره المهم والملفت الذي يقوم به مؤخراً في مجال إصلاح العلاقات الإقليمية والدولية لتركيا. فعلى الرغم من تسلّمه وزارة الخارجية منذ أقل من شهرين فقط، قام الرجل بالمساهمة في التوصّل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) حول انضمام السويد إلى هذا الأخير، وتحقيق مكاسب لتركيا مقابل تخلّيها عن «الفيتو» الذي رفعته لأشهر طويلة في وجه السويد. كذلك الأمر، تحسّنت بشكل كبير علاقة تركيا بالحكومة المركزية العراقية كما حكومة إقليم كردستان، وذلك بعد تدخل مباشر من فيدان وقيادته مفاوضات حول مسألة متابعة تصدير النفط من العراق إلى تركيا. أما في مجال العلاقة مع مصر، فكان وزير خارجية تركيا سبّاقاً في التواصل مع نظيره المصري سامح شكري، حيث جرى التوافق في بيان أذاعه فيدان «على أهمية المضي قدماً نحو استعادة كامل العلاقات بين البلدين».

هذه الانجازات الديبلوماسية التي يسجلها فيدان ستكتب ربما باسم أردوغان في نهاية المطاف، إلّا أن الأكيد هو أن مصر ستكون الرابح الأكبر من أي تسوية واتفاق سياسي واقتصادي مهمّ مع تركيا.


MISS 3