طوني فرنسيس

الهروب من الردّ على البرلمان الأوروبي

18 تموز 2023

02 : 00

من بين نحو 15 بنداً تضمّنها قرار البرلمان الأوروبي في شأن لبنان، لم ير شركاء السلطة في بيروت سوى بند وحيد هو ذلك المتعلّق باللاجئين السوريين، والذي لا يضيف الكثير على ما هو مُتداول في الأوساط الدولية حول الموضوع.

تجاهل الشركاء في إدارة سقوط البلد 14 بنداً تتعلّق بجوهر إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، يوفّر تبنيها وتحقيقها عناء الجدل عن جنس العودة المطروحة للسوريين، ويعيد إلى اللبنانيين ثقتهم ببلدهم ومؤسساتهم، ويضعهم مرة أخرى على طريق النهوض وتعويض خسائرهم المتراكمة.

أول ما قرّره البرلمان الأوروبي هو تحميل أسباب الوضع الحالي في لبنان إلى «سياسيي الطبقة الحاكمة وعرقلة الأحزاب المسلحة للعملية الديمقراطية والدستورية، ويدعو إلى نزع سلاحها، ويحثّ المجلس النيابي على انتخاب رئيس في أقصر فترة زمنية من أجل البدء في معالجة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والصحية».

لم يغفل القرار، غير الملزم خارج دول الاتحاد، إبداء أسفه لتأجيل الانتخابات البلدية، ودعوته لمعاقبة كل من يعيق العملية الديمقراطية الانتخابية، ولم ينس التذكير بما يتناساه حكّام البلد ويعملون على دفنه نهائياً، فشدّد على»التحقيق الشفاف والفعّال في انفجار مرفأ بيروت»، وحضّ «السلطات اللبنانية على احترام الإجراءات القضائية واستقلال القضاء... والتعاون الكامل مع القاضي بيطار الذي يقود التحقيق في الانفجار...».

لم ير مهاجمو القرار الأوروبي هذه الفقرات الأساسية فيه. بعضهم لم يطّلع على القرار أصلاً فسارع إلى الانضمام إلى جوقة الذين تحدّثوا عن النازحين، وبعضهم الآخر، خصوصاً في «الثنائي» وأتباعه هالهم شَمْل الموقف الأوروبي تفاصيل ما ارتكبوه ويرتكبونه أثناء سيطرتهم على القرار، فوجدوا في التركيز على السوريين مطيةً سهلة للهروب من تحمّل المسؤولية الكبرى، ولإضاعة الرأي العام في جدالات عقيمة.

أمام هؤلاء سلوك طريقين لمعالجة ما أثاروه رداً على البرلمانيين الأوروبيين، الأول جمع حكومة التصريف وهي لهم لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن النازحين، والثاني الاستجابة للدعوة الأوروبية في تعجيل انتخاب الرئيس وإعادة بناء المؤسسات السياسية والقضائية، وهم قادرون على ذلك. لكنهم لا يفعلون بانتظار شيء آخر قد ينتجه الانهيار التام.

ما قاله البرلمان الأوروبي جاء انعكاساً لرأي عام يتبلور في أنحاء العالم، أكدته السفيرة الفرنسية في خطابها «غير الدبلوماسي» في أمسية قصر الصنوبر، ولا يعتقدنَّ أحد أن جان- إيف لودريان الذي درّب آن غريو في الدبلوماسية سيكون أقلّ منها ضراوةً.


MISS 3