أسعد بشارة

سنّة لبنان: آن الأوان

21 تموز 2023

02 : 00

أدّى الغياب السنّي عن المشهد العام إلى تسجيل أفدح الخسائر على المستوى الوطني. ليس بالحرد تُبنى السياسة ولا باللون الرمادي، الذي ينتظر أصحابه الفرصة لاقتناص الهوامش من المكاسب، ولا بالاختباء خلف ألف سبب وسبب، لعدم اتخاذ موقف جامع، يعلو ولا يُعلى عليه، ولا بالفردانية ولا بالشخصانية، بل بتصحيح الرؤية، كي لا يتم تكريس الواقع المشتت، كحقيقة مرشحة للاستمرار. حركت مبادرة الدكتور رضوان السيد، المياه الراكدة في البيئة السنية. لم يبادر «مولانا» من تلقاء نفسه، لكنّه لا ولن يحمّل أحداً مسؤولية الفشل، في جمع قيادات السنة والنواب، إن حصل، كما أنّه وبالقدر نفسه، لن يضيف إلى رصيده، قيمة مضافة، إذا نجح، فليس الهدف الوصول الى موقع أو مكسب، وهذا بالذات يشكل الدليل على صوابية، أن تصدر هكذا مبادرة ممن لا يريد لنفسه، «نمرة زرقاء» أو لقب معالي أو دولة رئيس. وتقوم المبادرة على توحيد النواب السنة وفق معادلة لا تبدأ بالاستحقاق الرئاسي ولا تنتهي بتشكيل الحكومة، بل بالتمسك بالدستور واتفاق الطائف وموقع لبنان في العالم العربي، وكل ذلك يفترض أن يؤدي إلى تصويب البوصلة، وسد الطريق أمام الممانعة المتسللة الى البيئة السنية، مستغلة هذا التشتت.

لم يكن مفاجئاً أن تُواجه مبادرة السيد، بتوجّس ترجم على شكل حملة لم تستدرج سجالاً. السجال في هذا التوقيت ليس في مكانه، فالمعطيات والدوافع والأسباب، ملك أصحابها، وهم يعرفون مدى جدية المبادرة، كما ينتظرون من القيادات السنية والنواب أن يتحمّلوا المسؤولية، وأن يقصّروا الطريق على من ينتظرون منهم تحمل المسؤولية، كي يُبنى على الشيء السياسي مقتضاه. في استعراض أولي لخريطة التمثيل السني، يمكن القول إنّ ثلثي النواب السنة، ليسوا في خانة «حزب الله»، وسواء كان البعض منهم اتخذ هذا الموقع، مراضاة للرياض أم اتخذه عن قناعة، فالنتيجة واحدة: 17 نائباً سنياً يمكن أن يكونوا كتلة متراصة في العناوين الأساسية، من دون أن يضطروا إلى الانصهار في كتلة واحدة. طافت مبادرة السيد على الكثير من النواب السنة، من الشمال إلى بيروت إلى البقاع، إلى الجنوب، وتتحدث المؤشرات الأولية، عن إمكانية جدية للجمع، ولو بعد استنفاد التدقيق في طبيعة المبادرة ومنشئها، والغطاء الذي تحظى به. تبقى العين على دار الفتوى، وموقفها، لتصل إلى الرياض، التي لو قدّر لها أن تعلن، لتوجهت إلى سنّة لبنان بالدعوة إلى أن يكونوا قوة جامعة، في خدمة القضية الوطنية، ولكانت قالت لهم: آن أوان الصعود إلى مسرح الحدث. مباركة دار الفتوى، ودعوتها النواب إلى الخروج من خانة اللافعل، وتأييد العشائر لموقف الافتاء، والمراقبة السعودية عن بعد، وعبثية مشهد التشرذم، كلها عوامل تجعل من توقيت مسعى الجمع، الأنسب لتحقيق نتائج مختلفة عن السابق.

يساعد في ذلك أيضاً الخشية من أن يكون الانسحاب من استحقاق رئاسة الجمهورية، مقدمة للاستمرار بتهميش موقع رئاسة الحكومة، وهو ما لا يريد أي من النواب أن يتحمل وزره.


MISS 3