طوني فرنسيس

وقت التضارب

22 تموز 2023

02 : 00

صار وقت التقارب والحوار أو وقت التضارب والنقار؟

الحلقة الأخيرة من برنامج الزميل مارسيل غانم تكشف تفاهة الحوارات المباشرة على الشاشات، بين مختلفين، مهمة حوارهم المطلوبة والمتوقعة الانتهاء إلى اشتباك بالأيدي والكراسي في نقل مباشر لمشاركة جمهور المتحاورين في نقاش الأرجل والأيدي.

منذ شيوع منطق الغلبة في الشارع لم يعد الحوار التلفزيوني مفيداً إن لم يكن مضبوطاً بقوة منظم الحوار الأخلاقية الرادعة. والأفضل في هذه الحالة الاكتفاء بمحاورة أصحاب وجهات النظر منفردين والسماح لهم بالتعبير الكامل عن وجهات نظرهم وشرحها بالتفصيل لمستمعيهم، بدلاً من جعل استوديوات المحطات ساحات للبهدلة والدعوسة وتبادل القذائف من نوع صرماية - صرماية المتفجر.

منذ زمن طويل اكتشفت شخصياً فضائل الانسحاب من «دويتات» الطرب الوطني. قلت للمضيف عندما عرض عليّ شريك المرحلة التلفزيونية: عليك الاتصال بي غداً لتقييم الآراء العظمى، أمّا أنت فبإمكانك طرح السؤال على ضيفك والذهاب إلى قيلولة قبل العودة مجدداً لطرح السؤال التالي وهكذا... صارت الحوارات بين مختلفين بهدلة مقررة سلفاً. برنامج «الاتجاه المعاكس» لفيصل القاسم برع في اكتشاف اللياقة البدنية لضيوفه، والآن باتت هذه اللياقة شرطاً لازماً عند الذهاب إلى بسط وجهات النظر على مسارح الشاشات.

لم يكن ذلك ليحصل لو توفّرت شروط اللياقة الفكرية والاخلاقية لدى المتصلين لـ»تنوير» الرأي العام . لكن هذه الشروط مفقودة منذ لحظة الاحتلال الكبير في الحياة السياسية وهيمنة السلاح والسلبطة عليها، وما يحصل على الشاشات ليس إلا نموذجاً مصغراً لما يمكن أن يحصل في الحوار الذي يصر عليه المهيمنون. هناك يتم اللجوء إلى الصرامي وهنا سيكون السلاح الخفيف جزمةً مسبقة في وجه حرية ابداء الرأي أو الوصول إلى نتيجة، غير ما هو مقرر سلفاً.


MISS 3