يجد الصِحافي نفسه في مراحل معينة مأخوذاً بالسياسة اليومية ومناحرات الأقطاب/الآلهة ومشاحنات المغرّدين الأدعياء، فيغترب عن عوالم الكتب والمسرح والفن التشكيلي والموسيقى والفن السابع. آه من تلك الغربة القاسية.
المهم ألّا تطيل الإغتراب يا أنا، ولم أطِل. ها قد عدت اليوم ناهلاً من مناجم الموسيقى والأغنيات المعاصرة. وأول ما استوقفني في درب العودة أغنية Feeling cool. العنوان مألوف إلى حد كبير. تحرّيت واستنتجتُ أن مغنية الجاز والبلوز نينا سيمون «لطشته» من النجمة نيكول سابا. عيب على نينا، رحمها الله، أن تفعل ذلك. لن أفترض سوء النية ربما حصل توارد أفكار بين الفنانتين بفارق 6 عقود. في كل الأحوال وضع مصطفى حسن في أغنية سابا زبدة إبداعاته في الشعر الغنائي، وأتمنى على أي متضلع من الفن أن يشرح لي معنى «تتكلكع على نفسي بهون»، وله مني كمية من التشكرات.
وأنتقل بكم إلى «هزهزة» التي هزّتني في العمق، كما هزّت الساحة الفنية. في هذه الأغنية حققت الممثلة/المغنية سيرين عبد النور عودة مبهرة ومدوّية. والجدير بالذكر أنّ المخرج إيلي فهد، صوّر كليب أغنية سابا الجديدة في مطبخ وكليب عبد النور في إحدى «البواسط».
أحسست كمتذوق عتيق نسبياً بحماسة «ولذاذة» وأنا أحاول جاهداً أن أرافق النجمة سيرين عبد النور غناءً، لا هزهزة، وأعترف أنني سلطنت على هذا المقطع أو بالأحرى «سطّلت» أمام فداحة اللغة وإعجاز المحكية.
«ده هواك نغنغه والشوق درمغه
دانا متدغدغه حته حته»
وعلى هذا المنوال تجري الـ «هزهزة»:
«و قول نغنشه نغنشتني اختشى
قلبي بقى فراشه لونها بمبي...»
حوالى السبعين ألف مشاهدة في أقل من 20 ساعة ومئات التعليقات أجمعت على أنّ أغنية سيرين «هايلة».
وبما أنّ التسطيل بالتسطيل يُذكر، أربعة نجوم مصريين سمعت بأسمائهم أمس للمرة الأولى، وهم عبد الباسط حمودة وحمدي بتشان ومحمود الليثي وحسن الخلعي. الأربعة غنوا رائعة القرن «سطلانة» ستأخذ «هزهزة» حقها الجماهيري في الأسابيع المقبلة. أجزم بالأمر ولا أستطيع، كصحافي، الجزم بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قبل نهاية السنة. وفي رأيي المتواضع من الصعب أن تطيح «هزهزة» بـ»بلبطة» للنجم الإماراتي حسين الجسمي، الأغنية التي حظيت بمليوني مشاهدة في أسبوعين. وللجسمي أغنية محفورة في وجداني: «طبطبة». بعد هذه الوجبة الثقافية الدسمة يطيب لي أن أطبّ وأنام ملء جفوني عن شواردها.
