نورين رجا

إيفا غرين: أجيد التخفّي عند الحاجة

28 تموز 2023

المصدر: VANITYFAIR

02 : 01

نادراً ما تظهر إيفا غرين في وسائل الإعلام، وهي تجسّد شخصيات بطولية نسائية من زمن آخر، وتنشر أجواءً غريبة على الشاشة. أصبحت هذه الممثلة الفرنسية نجمة عالمية منذ تجسيد دور امرأة فاتنة في Casino Royale، ثم مشاركتها في فيلم The Three Musketeers: Milady (الفرسان الثلاثة: ميلادي). هي تحمل منذ بداياتها هالة من الغموض الذي يذكّرنا بأساطير هوليوود القديمة.



طوّرت إيفا غرين مسيرة دولية حافلة يحسدها عليها الآخرون. يشيد جميع صانعي الأفلام بحضورها القوي والاستثنائي على الشاشة. قال عنها المخرج الراحل برناردو بيرتولوتشي يوماً: «هي جميلة بدرجة غير مقبولة». ويقول عنها مارتن بوربولون، مخرج The Three Musketeers: «عيناها تبرقان، وهي تتمتع بحضور مبهر على الشاشة. الكاميرا تحبها».

لمعرفة جذور إيفا غرين، يكفي أن نراجع الصحف الفرنسية في فترة الثمانينات. بالكاد كان عمرها شهراً واحداً حين ظهرت على غلاف مجلة «باري ماتش» مع توأمها جوي. قدّمتهما والدتهما مارلين جوبير (ممثلة أشاد بها كبار المخرجين من أمثال جان لوك غودار، وموريس بيالا، وميشال أوديار) أمام العالم بكل فخر. لكن يغيب والدهما والتر غرين، جراح الأسنان السويدي، عن صورة العائلة. تستعمل غرين مصطلحات منمقة للتكلم عن تلك الطفولة «الذهبية» حيث كانت طفلة «مدللة» في أحياء باريس الأنيقة. كانت والدتها، التي انتقلت لاحقاً إلى كتابة قصص الأطفال، تروي لها الحكايات قبل النوم، فتصغي إليها الطفلة الصغيرة وهي تقلّد الساحرات بصوتهنّ الرفيع أو تَصِف العوالم الخيالية المليئة بالجنيات أو الأولاد الحالمين. في المقابل، كانت المدرسة تبدو لها مملة وصارمة وخانقة. هي تعترف بأنها لم تشعر بأنها حية إلا بعدما غادرت تلك الجدران.

في مرحلة المراهقة، اكتشفت غرين الممثلة إيزابيل أدجاني في فيلم The Story of Adele H (قصة أديل ه.) للمخرج فرانسوا تروفو. كانت معالم الشغف واليأس واضحة على وجه الممثلة في هذه القصة، وتأثرت غرين بهذا الأداء بدرجة استثنائية. في تلك الفترة، لم تكن قد اعترفت بعد برغبتها في خوض التمثيل: «كنت أحب عالم السينما، لكني رغبتُ أيضاً في إنتاج الأفلام أو إخراجها». استناداً إلى توصيات المنتج دومينيك بيسينهارد، وكيل العائلة وصديقها، بدأت تأخذ دروس تمثيل مع إيفا سان بول.

في العام 2001، زارت خالها، مدير تصوير فيلم The Piano Teacher (أستاذة البيانو) للمخرج مايكل هانيكي، في فيينا، فعرضوا عليها الظهور في أحد المشاهد الأخيرة، حين تشاهد شخصية «إيريكا» (إيزابيل هوبيرت) تلميذها وعشيقها السابق (بينوا ماغيمل) وهو برفقة ممتعة. كان يُفترض أن تمرّ بالمعهد الموسيقي بطريقة لامبالية، بالقرب من الممثل ومجموعة كومبارس. كان الحُكم على أدائها قاسياً. صرخ المخرج النمسوي الصارم: «أوقفوا التصوير! هذه الفتاة لا تجيد صعود السلالم»!

تعترف غرين بأن حياة الممثلات تقوم على التعرّض لرفضٍ متواصل، لكنها لم تكفّ عن خوض تجارب الأداء. هي فكرت في مرحلة معينة بوقف محاولاتها إلى أن تلقّت، في العام 2003، اتصالاً من مسؤولة عن اختيار الممثلين. أراد برناردو بيرتولوتشي أن يقابلها من أجل فيلمه المرتقب The Dreamers (الحالمون) الذي تدور أحداثه خلال ثورات أيار 1968. كانت تجربة غرين مع مخرج الفيلم إيجابية، فهي اعتبرته شخصية «أبوية» ذات «عينين صغيرتين تخترقان الروح». اعتُبِرت تلك الفرصة ممتازة بالنسبة إلى ممثلة مبتدئة مثلها.

بدأت غرين مسيرتها الدولية بعد بيرتولوتشي بأفضل الطرق، فعُرِض عليها دور حبيبة «جيمس بوند» في فيلم Casino Royale من بطولة دانيال كريغ. ترددت في البداية وارتعبت من فكرة حصرها بصورة الرمز الجنسي، لكن تغيّر رأيها حين اطلعت على السيناريو. تحصل شخصيتها «فيسبر ليند» على أهمية مساوية للجاسوس الشهير. كما أنها ستكون أول امرأة تكسر قلب العميل السري. هذا النوع من الأدوار قادر على تغيير مسيرة مهنية كاملة. تعليقاً على تعاملها مع هذه الشهرة المستجدة، تقول غرين: «أنا أجيد التخفي عند الحاجة. يتعلق كل شيء بالمواقف التي نتخذها».

في العمق، تبدو إيفا غرين مستقلة بدرجة تمنعها من الانغماس في عالم هوليوود. هي فكرت في مرحلة معينة بالانتقال للإقامة في لوس أنجلوس، لكنها لم تجد مكاناً لها هناك: «هم يحكمون علينا بناءً على الفيلم الأخير الذي قمنا به، والجوائز التي فزنا بها، والأرباح التي أنتجتها المشاريع الأخيرة». هي تفضّل في هذه المرحلة الذهاب لزيارة أصدقائها: «هذه الزيارات تحمل طابعاً إنسانياً معيّناً، وإلا قد نقوم بلقاءات متلاحقة مع منتجين يكتفون بإلقاء التحية علينا بأسلوب متعجرف، وكأن كائنات فضائية خطفت أرواحنا». هي تفضّل أيضاً البقاء في منزلها المعزول في لندن حيث تمضي أمسيات اجتماعية، وتعيش حياة تقليدية، ونادراً ما تظهر في وسائل الإعلام حفاظاً على سلامتها. في مواقع التصوير، تتحول مقصورتها إلى ملاذ مليء بالبخور والموسيقى. بين تصوير المشاهد، تذهب غرين لعزل نفسها واستجماع تركيزها. إنها طريقة لتوفير طاقتها. بعد بدء عصر الإنستغرام، تفضّل غرين الابتعاد عن الأضواء. هي خالفت هذه القاعدة مرة واحدة فقط. في خضم المعركة القضائية المحتدمة بين جوني ديب وأمبر هيرد، نشرت غرين رسالة دعم لشريكها السابق في التمثيل بعد اتهامه بالعنف المنزلي، فقالت بنبرة صارمة: «بدأ الوضع يخرج عن السيطرة منذ وقت طويل، وكان الجميع يخشون تشويه سمعتهم. إنه ممثل لطيف ونقي، ويستطيع كل من عمــــــــل معـــــــــه أن يؤكد على ذلك».



MISS 3