مسؤولون سوريّون أمام "العدالة الألمانيّة"

ظريف يلتقي الأسد في دمشق

07 : 10

الأسد خلال استقباله ظريف في دمشق أمس (أ ف ب)

إلتقى وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف بالأمس الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، حيث بحثا التطوّرات على الساحة السوريّة والإقليميّة، ودانا استمرار الولايات المتحدة في فرض عقوبات اقتصاديّة على دول تُحارب وباء "كوفيد-19"، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي السوري، بينما برزت في الآونة الأخيرة تقارير إعلاميّة روسيّة تتحدّث عن الفساد المستشري في المنظومة الحاكمة في دمشق واصفةً الأسد بأنّه ضعيف ولا يتحكّم بالوضع، مشيرةً كذلك إلى معارك تصفية حسابات اقتصاديّة وماليّة بين "آل مخلوف" وزوجة الرئيس السوري أسماء الأسد.

وفي هذه الزيارة الأولى لظريف إلى دمشق منذ عام، قدّم الأسد تعازيه إلى إيران، التي تُعتبر واحدة من الدول الأكثر تضرّراً بفيروس "كورونا المستجدّ"، إذ سجّلت 5209 حالات وفاة من أصل 83505 إصابات، فيما أعلنت دمشق حتّى الآن 39 إصابة بينها ثلاث وفيّات، بينما تُشير أرقام غير رسميّة إلى حصيلة أكبر بكثير في الدولتَيْن. وأبدى الأسد، وفق بيان على حساب الرئاسة السوريّة عبر موقع "فيسبوك"، "أسفه لتحوّل هذا الوباء إلى مجال للاستثمار السياسي من قبل بعض الدول في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تستمرّ بنهج فرض العقوبات على الدول بالرغم من هذه الظروف الإنسانيّة الاستثنائيّة".

وأكد الرئيس السوري أن أزمة "كورونا" فضحت "فشل الأنظمة الغربيّة أوّلاً، ولا أخلاقيّتها ثانياً، لأنّ هذا الوباء أظهر أن هذه الأنظمة موجودة لخدمة فئة معيّنة من أصحاب المصالح وليس لخدمة شعوبها، في حين أكد ظريف أن الإدارة الأميركيّة برفضها "رفع الحصار عن سوريا وإيران أظهرت حقيقتها غير الإنسانيّة أمام العالم". كما تناول اللقاء آخر مستجدّات المسار السياسي، ومن بينها اللجنة الدستوريّة وعمليّة أستانا وتطوّرات الأوضاع في الشمال السوري، بحسب وكالة "سانا" التي أشارت أيضاً إلى أن الأسد أكد أن تصرّفات تركيا على الأرض تفضح حقيقة نواياها من خلال عدم التزامها بالاتفاقات التي أبرمتها سواء في أستانا أو في سوتشي، والتي تنصّ جميعها على الاعتراف بسيادة ووحدة الأراضي السوريّة، بينما اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكومة السوريّة بخرق نظام وقف إطلاق النار في إدلب، متوعّداً السلطات في دمشق بـ"دفع ثمن باهظ حال استمرار الانتهاكات".

من ناحيته، شجب ظريف "المحاولات الغربيّة الحاليّة لإعادة الاستثمار في موضوع الأسلحة الكيماويّة في سوريا"، معتبراً أنّه "سلوك مخز بأن يُعاد استخدام هذه الذريعة في هذه الظروف التي يمرّ بها العالم، على الرغم من كلّ ما شاب هذا الموضوع من تشكيكات وثغرات خلال الفترة الماضية". وتناول اللقاء أيضاً سُبل تطوير العلاقات الثنائيّة بما في ذلك الاقتصاديّة منها وتشجيع الاستثمارات بين البلدَيْن.

والتقى ظريف، الذي كان زار دمشق في نيسان 2019، أيضاً نظيره السوري وليد المعلم، وبحثا، وفق بيان صادر عن الخارجيّة السوريّة، "أهمّية التنسيق المستمرّ وتبادل المعلومات والتجارب بين الجهات المعنيّة في البلدَيْن لتعزيز القدرة على مواجهة مخاطر وتداعيات انتشار وباء "كورونا"، وتأمين ما يلزم من احتياجات ومستلزمات الوقاية والتشخيص والعلاج". وشدّدا على "أهمّية البناء على المستوى الاستراتيجي المتميّز الذي وصلت إليه العلاقات في مختلف المجالات، خصوصاً في ظلّ التحدّيات المشتركة التي تواجه كلا الشعبَيْن".

على صعيد آخر، بدأت تبرز قضيّة محاكمة وجوه من النظام السوري في ألمانيا، إذ قبل خمس سنوات التقى السوريّان أنور رسلان وأنور البني صدفة في أحد المتاجر الكبرى في برلين، ليُميّز الثاني الأوّل بأنّه الرجل الذي ألقى به في أحد سجون نظام الأسد لمدّة 5 سنوات. ورسلان هو الأرفع رتبة بين عضوَيْن سابقَيْن في المخابرات السوريّة، بحسب السلطات القضائيّة الألمانيّة، سيمثلان الخميس أمام القضاء في ألمانيا في أوّل محاكمة في العالم تتناول انتهاكات منسوبة إلى النظام السوري.

واعتبر المحامي السوري أنور البني خلال مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في برلين أن الجلسة التي ستُعقد أمام محكمة كوبلانس الألمانيّة تُشكّل "رسالة مهمّة" إلى المسؤولين السوريين ومن نفّذوا الانتهاكات مفادها "أنّك لن تفلت من العقاب، لذا فكّر بالأمر". ويجمع هذا الرجل الستيني المُقيم في ألمانيا كلاجئ منذ خمس سنوات ونصف، والناشط البارز في مجال حقوق الإنسان في وطنه، حاليّاً، الأدلّة والشهادات ضدّ مسؤولين سوريين لإتاحة البدء بالملاحقات القضائيّة. ورغم أن البني لم يعُد قادراً على ممارسة مهنته في ألمانيا، لكنّه نجح في إقناع الضحايا بالإدلاء بشهادتهم، في وقت أوضح المحامي الألماني باتريك كروكر، الذي يُمثّل 6 أطراف مدعية مدنيّة سوريّة، أن "القضيّة ليست قضيّة انتقام بل قضيّة معرفة الحقيقة". وأضاف المحامي أن هؤلاء الضحايا الذين لجأوا إلى دول أوروبّية مختلفة "يُريدون للعالم أن يعرف ماذا حدث هناك".

وعندما باشر البني العمل مع محامين لجمع الأدلّة العام 2016، علم أن المحقّقين الألمان يُتابعون عن كثب قضيّة أنور رسلان، الذي اعتُقل أخيراً في برلين في شباط 2019. ويتّهم القضاء الألماني رسلان بالمسؤوليّة عن مقتل 58 شخصاً وعن تعذيب ما لا يقلّ عن 4 آلاف آخرين من نيسان 2011 إلى أيلول 2012، في فرع الخطيب الأمني، الذي كان يُديره في دمشق. وتُطبّق دول عدّة، بينها ألمانيا وفرنسا، مبدأ "الولاية القضائيّة العالميّة" الذي يسمح بمقاضاة مرتكبي جرائم ضدّ الإنسانيّة بغض النظر عن جنسيّتهم أو مكان تنفيذ جريمتهم.