روي أبو زيد

"رح نرجع" لعائلة نعمة رسالة أمل وحياة في زمن اليأس والموت

22 نيسان 2020

05 : 20

"إنّ مستقبل البشريّة يتوقّف على العائلة"، هذا القول الذي ردّده قداسة البابا يوحنّا بولس الثّاني مراراً، يتجلّى في أعماق عائلة نعمة التي بأفرادها الأحد عشر كانوا دليلاً حسيّاً على أنّ قوة الحب والترابط الأسري هما السلاح الأوحد في مواجهة مصاعب الحياة.

وأطلقت عائلة نعمة أخيراً أغنية "رح نرجع" (كلمات ليال نعمة، ألحان وإنتاج جورج نعمة، توزيع ألكساندر ميساكيان، وإخراج منصور عون). يزرع العمل الفني الأمل بدل الألم في خضّم هذه الظروف المرّة التي تمرّ بها البشرية جمعاء، ويشدّد على أنّ "بكرا أحلى" لأنّ إرادة الحياة تغلب دوماً ظلام الموت!

تلفت الفنانة عبير نعمة الى أنّ "كلّ شقيق من الأشقّاء يتميّز بمسيرته الفنية وخطّه الموسيقي المختلف عن الآخر، لكن أعمالنا الفنيّة تحمل طابعاً خاصّاً ومميّزاً، خصوصاً وأننا تسعة أولاد نغنّي بقلب واحد وصوت واحد".



عبير نعمة


وتشير نعمة الى أنّ "صوت المجموعة يصبح أعلى خصوصاً وأنه يصل بحب ليلامس قلوب المستمعين"، مردفة أنّ "كلام الأغنية هو موجّه لبعضنا البعض كإخوة وأخوات، إذ لا يجمعنا رابط الأخوّة فحسب بل رابط الصداقة المتين". وتضيف أنّ "هذه الرسالة هي صوت كلّ إنسان مشتاق لأخيه الإنسان، إذ أظهرت هذه المرحلة أننا بحاجة ماسّة الى بعضنا البعض لأن من نحبّهم هم مكوّن رئيس في استمراريتنا وفي كلّ نفس تنفّسه".

"نحن صوت كبير لأننا عائلة كبيرة ولا نحبّ الابتذال بأعمالنا الفنية، إذ نحرص دوماً على اللقاء بصوتنا الجامع والمملوء من الإيجابية، خصوصاً وأنّ صورة العائلة راقية وجميلة في ضمير كلّ إنسان"، تؤكد نعمة. وتتابع: "هذه المرحلة جعلتني أتعرّف على نفسي أكثر لأنه بالصمت نكتشف أنفسنا أكثر، نسبر غور أعماقنا إذ جين أعيد حساباتي أكثر فأكثر، أرتّب أولوياتي وأتقرّب من خالقي"، مضيفةً أنّني "تعلّمتُ قيمة الأرض والكوكب والبيئة والحيوان والإنسان لأنّ كلّ واحد منا قد يؤثّر سلباً أو إيجاباً على محيطه ومجتمعه وبالتالي على عالمه".

وتشدد نعمة على أنّه "لا بدّ أن تتغيّر البشرية جذرياً وتتطوّر نحو الأفضل".



جورج نعمة



يشير الفنان جورج نعمة الى أنّ " الأغنية هي عكس التيار إذ حملت الأمل والحب في طيّاتها"، مضيفاً أنّ " الفكرة ولدت بشكل عفوي خلال حوار بيننا على واتساب عبّرنا فيه عن شوقنا لبعضنا البعض". ويلفت نعمة الى أنّ العمل حمل تحدّيات متعدّدة خصوصاً وأنّ "كلّ واحد منّا سجّل صوته على هاتفه المحمول من منزله قبل تصوير الفيديو الذي شاهده الناس".

"العمل يعكس تقاربنا من بعضنا البعض، فنحن تسعة إخوة ولسنا ثمانية، إذ شقيقي جاد وبسبب خطأ طبي خلال الولادة لم يتلقّ كمية الأوكسيجين المطلوبة لذا لم يظهر معنا في أيّ عمل مشترك قمنا به مسبقاً"، يؤكد نعمة. ويضيف: "إنه ملاك العائلة وإطلالته ووالديّ في هذه الأغنية التي عملنا عليها أخيراً هو أمر مميّز ورائع جداً".

وعن العقبات التي واجهها هذا العمل، يشدّد نعمة على أنّ "الصعوبة تجلّت في جمع المقاطع الموسيقية والعمل على توزيعها وكأنها إنتاج ستوديو فني وليس هواتفنا الخلوية، فضلاً عن الإخراج الكامل المتكامل والحفاظ على عفويّتنا لإيصال الرسالة بكلّ أمانة، خصوصاً وأنني خلال وضع اللمسات النهائية على الأغنية شعرتُ بتقاربنا بالرغم من ابتعادنا عن بعضنا البعض".

ويرى نعمة أنّ "كورونا علّمتنا التواضع، جعلتنا ندرك حجمنا كبشر وأعادت البشرية الى الرب بعد ابتعادها عنه وعن سبله" آملاً ألا "يتغاضى الناس عن جوهر الحياة بعد تخطّي هذه الأزمة".

تلفت الفنانة ليال نعمة الى أنّ "الأغنية عكست ما نشعر به تجاه بعضنا البعض خصوصاً وأننا عائلة مترابطة وعاطفية"، مضيفةً أننا "حين نلتقي نضمّ بعضنا دوماً ونتشارك المحبّة المتينة التي تجمعنا، لذا كان من الصعب تغيير عاداتنا وعدم الالتقاء يومياً".



ليال نعمة


وتكشف نعمة على أنه "راودتني فكرة القيام بعمل غنائي مشترك وأطلقتها على واتساب، فما كان من أشقائي إلا التفاعل إيجاباً معي بحب وحماسة". وتتابع: "لم نرد تقديم عمل حزن بل أردنا إيصال الطاقة الإيجابية فكتبتُ الأغنية من قلبي بأقل من عشر دقائق وتقصّدنا عدم إيراد كلمة "كورونا" في الأغنية لتسليط الضوء على أهمية العائلة والمشاركة والإيجابية في ظلّ هذه الأوقات المعتمة".

وتضيف نعمة أنّني كنت أتحضّر "لإطلاق أغنية جديدة والعمل على توقيع ألبومي السرياني-اللبناني في السويد، لكنّ كورونا أوقفت مشاريعنا كافة كي نقف ونلتفت الى الأهم في حياتنا كصحّتنا، عائلتنا، إنسانيتنا والنعم التي أغدق بها الله علينا".



زياد نعمة


يرى زياد نعمة أنّ "كلام الأغنية يعبّر عن مشاعرنا تجاه بعضنا البعض ويعكس حقيقتنا"، مردفاً أنّ "الأغنية أضفت التفاؤل على المستمعين والدليل على ذلك الإتصالات التي تردنا والتعليقات التي نقرأها على وسائل التواصل الاجتماعي". ويشير نعمة الى أنّ "كورونا جعلتنا ننتبه على صحّتنا أكثر، متسلّحين بالأمل ومستفيدين من وقتنا لنعمل على أنفسنا وتطويرها بشتّى الوسائل كي نكون حاضرين لمواكبة الحياة بعد تخطّي هذه الفترة"، معتبراً أنّ "التوبة أساسية في هذه المرحلة كي نعود الى ذواتنا وتعزيز إيماننا بالله والقديسين".

تعتبر منال نعمة أنّ "العمل رسالة فرح للناس ووصلت بالطريقة التي أردناها لهم"، لافتة الى أنّ "الغد سيكون أفضل بالتأكيد".


منال نعمة

وأشارت الى أنّ "الأغنية لم تجمعنا لأننا "على فرد قلب" وصورة الأخوة المجموعين والمتضامنين أثّرت بالكثيرين خصوصاً وأنّ هناك إخوة وأخوات لا يحبّون بعضهم البعض للأسف".

ولفتت نعمة الى أنّ هذه المرحلة علّمتني الالتفات دوماً لقيمة العائلة، وعدم اعتبار من حولنا أنهم "تحصيل حاصل"، إذ "حُرمنا من رؤية ابي وأمي خصوصاً وأنّ وضع والدي الصحي دقيق جداً".

وإذ تأمل نعمة أن تتوحّد البشرية حول التواضع والعيش ببساطة من خلال الرجوع الى الجذور، كشفت أنّنا "يوم عيد الأم اتّصلنا بوالدتنا عبر خاصية الفيديو وبكينا جميعاً لأننا لم نعتد أن نكون متباعدين خصوصاً في مناسبات كهذه".



نسرين نعمة


تشدّد نسرين نعمة على أنّنا "اعتدنا على اللقاء يومياً، فكلّ يوم يزورنا أقلّه خمسة من اشقائي مع عائلاتهم، لذا يبقى منزلنا يعجّ بالفرح والحب والحياة"، مضيفة أنّ "مرحلة كورونا كانت صعبة علينا جداً فحجرنا على أنفسنا رغماً عنّا وأردنا التعبير عن مشاعرنا بهذه الأغنية".

وتؤكد نعمة أنّ "العمل بعيد عن الابتذال وجعلنا نظهر على طبيعتنا كما نحن عادةً".

"العائلة مهمة جداً ولا يجب السماح لإيقاع الحياة السريع من إبعادنا عن أحبّتنا" تختم نعمة معتبرةً انه إن "مرّت كورونا مرور الكرام ولم تعدّل بنمط البشر اللاإنساني، نكون حينها أمام معضلة إنسانية حقيقية". تعتبر غادة نعمة الموجودة في دبي والتي تنتظر القرارات اللوجستية للعودة الى بلدها أنّ "مراحل العمل على الأغنية كانت مسهّلة إذ أردنا إيصال رسالة عامّة خصوصاً وأنّ العالم كلّه يتشارك المعاناة نفسها"، كاشفة أنني "حين شاهدتُ الأغنية بكيتُ شوقاً لأشقائي ولحياتي وعائلتي".



غادة نعمة


وأضافت: "حين تحلّق أهلي وإخوتي حولي في يوم عرسي وغنّوا لي شعرتُ حينها بشعور لا يوصف، أحسستُ بالأمان والحب الحقيقي وأدركتُ أنّ معنى الحب الحقيقي يكمن في وجودهم الى جانبي".

وتضيف نعمة: "كورونا جعلتني أدرك قيمة الحياة أكثر وضرورة العيش بسلام ومحبة وتواضع، فضلاً عن تقدير النعم التي تحاوطنا "، خاتمة بالقول إنّ "الناس لن تنسى بسهولة ما مرّت به وستعود الى ذواتها وتغليب الحب على المصالح الفردية".



إيلي نعمة


يؤكد إيلي نعمة أنّنا "تربّينا كأشقاء على أسس الحب والتواصل"، مضيفاً أنّنا "نغلّب مصالحنا الجماعية على الفردية إذ ندرك أنّ نجاح أيّ واحد منا هو نجاح الكلّ والعكس صحيح". ويلفت نعمة الى أنّنا "نحاول أن نكمّل بعضنا البعض فنتفاعل دوماً ونعطي آراءنا في الأعمال الفنيّة المقدّمة إن كانت فردية أم جماعية". ويشدّد نعمة على أنّ "الأغنية حقّقت أهدافها وأوصلت الفرح والحب بفضل آراء الناس وتعبيرهم عن إعجابهم بها"، مردفاً أنّ "إرادتنا بالحفاظ على الإيجابية وصدقنا لامسا المستمعين وزوّداهم بالأمل والحب". ويضيف نعمة أنّ "روح المحبة التي اكتسبها في بيته الأبوي سيزرعها في طفله"، كاشفاً أنه "يعتمد الصدق والعفوية في تربية ابنه على أصول الحب والإيمان". ويشير الى أنّ "كورونا علّمتني أنّ الإنسان مهما علا شأنه قد يغرق في نقطة ماء"، معتبراً أنه إن كانت هذه "هزّة البدن" التي نعيشها اليوم لم تجعل البشرية تتطوّر وتعود الى إنسانيتها فعلى الدنيا السلام!"


MISS 3