زينة طراد

توماس سامو: تطوير حب الذات أساسي!

23 نيسان 2020

06 : 50

يشدد توماس سامو، مدرّب عقلي في الشركات وفي مجال الرياضة التنافسية منذ 25 سنة، على أهمية حب الذات. قد تبدو هذه الفكرة للوهلة الأولى محصورة بفئة معينة من الناس، لكنها ترتكز فعلياً على معطيات علمية. ظهرت دراسات جديدة لتؤكد على أهمية تقبّل الذات لتعزيز مشاعر الراحة الشخصية. استعمل سامو مع دائرة السباحين في مارسيليا تقنيات تحسين الصورة الذاتية لزيادة قوتهم العقلية، فقاد أبطال السباحة إلى المراتب الأولى. فيما يحجر نفسه اليوم في منطقة "بريتاني" الفرنسية، يقدم لنا في هذه المقابلة نصائحه لتحسين حالتنا العقلية.




ما هي الصورة التي نحملها عن أنفسنا؟

تثبت الدراسات أن الناس بشكل عام يعطون أنفسهم علامة 6 أو 7 على مقياس من 1 إلى 10. إنها علامة منخفضة جداً. على سبيل المثال، يظن 85% من الرياضيين أن مستواهم هو أقل من قدراتهم الحقيقية. لكنّ الرياضيين يواجهون العقبات التي تعيق مسار الآخرين. لذا من الضروري أن نميّز جميعاً بين التفسير الذي نعطيه للواقع والواقع الحقيقي.



ما سبب هذه الصورة السلبية الطاغية؟

نحن نبني صورتنا الذاتية انطلاقاً من عيوبنا لأن الجميع يسلّطون الضوء عليها باستمرار. إنها مشكلة مرتبطة بأسلوب التربية. في فرنسا، يعلّموننا منذ دخول المدرسة ثقافة النقص، أي المسائل التي نُفوّتها على أنفسنا. هذه المنهجية كفيلة بإفساد النظرة التي نحملها عن ذواتنا. أنا أعمل منذ 25 سنة في مجال التطوير الشخصي وأتوصل إلى هذا الاستنتاج في جميع الحالات تقريباً.



ما العمل لتحسين الثقة بالنفس؟


في أعماقنا الداخلية، غالباً ما نتبع طريقاً سريعاً: إنه الصوت النقدي الذي يجعلنا نشكك بكل شيء ويدفعنا أحياناً إلى تبنّي سلوكيات قادرة على تخريب نجاحاتنا. لكننا نحمل في داخلنا أيضاً طريقاً إدارياً، أي الصوت الداخلي الذي يقول لنا: "لا، أنت لست كذلك... يمكنك أن تحقق هدفك"! هذا الصوت تحديداً هو الذي يدفعنا إلى المضي قدماً رغم المصاعب والشكوك. يجب أن نعمل على تنمية هذا الجزء الداخلي الصغير إلى أن يصبح طريقنا الأساسي!





ما هي الأدوات التي تسمح بتحقيق هذا الهدف؟


تتعلق أسوأ مخاوفنا بنظرة الآخرين إلينا. نحن نخشى التعرّض للانتقاد أو التهميش. لمجابهة هذه الأفكار التي تعيق مسارنا، يجب أن نضخّم ذلك الصوت الداخلي الصغير الذي يعكس الأفكار الإيجابية. كيف يمكن بلوغ هذا الهدف؟ يجب أن نتعرّف على أنفسنا أولاً.


هل من أمثلة على أشخاص حققوا هذا الهدف؟


فلوران مانودو: حين انتسب إلى دائرة السباحين في مارسيليا، كان معروفاً بالشقيق الأصغر للسبّاحة لور مانودو الانطوائية بطبيعتها. ورغم طول قامته، كان يعتبر خصومه أكبر حجماً منه! تمحور التمرين الأول معه حول تحديد مزاياه. لطالما اعتبر تحفّظه جزءاً من عيوبه. لكنّ التكتم يشير إلى حُسْن المراقبة وارتفاع مستوى التركيز. حين استوعب هذه الفكرة، تمكّن من استعمال هذه الميزة لمصلحته. ركّزنا أيضاً على قوته الجسدية الاستثنائية وعملنا على تضخيمها. يجب أن يتكل الجميع على مزاياهم لإحراز التقدم.

كاميل لاكور: أصبح بطل العالم في عمر الخامسة والعشرين. كان يحمل بدوره أفكاراً تعيق مساره وتمنعه من بلوغ أعلى المراتب. كان مقتنعاً في داخله بأنه يعجز عن منافسة الأميركيين أو الأستراليين أو أي أبطال مهمين آخرين. لكننا تعاونّا معاً لتسليط الضوء على مزاياه. في حالته، كان "التهور" من أبرز صفاته لأنه يستطيع أن يسبح من دون أن يشعر بضغط فائق. كان يُفترض أن يقوي ذلك الصوت الصغير الذي يخبره بأنه مختلف عن الصورة التي يحملها عن نفسه يومياً. وكان عليه أن يكرر مزاياه ويبذل جهوداً عقلية للتكيف مع التغيرات وكي يصبح صوته الداخلي الصغير الذي يُركّز على صفاته الإيجابية أعلى من صوته النقدي. لتحقيق هذا الهدف، استعملتُ معه علاج التنويم الإيحائي والتأمل وتقنيات أخرى.

فريديريك بوسكيه: كان يسبح دوماً فيما تتملّكه مشاعر الخوف. إنه نوع الخوف الذي يترافق مع ارتفاع مستوى الأدرينالين ويعطيه قوة فائقة. لكنّ ذلك الخوف سَحَقه في مرحلة معيّنة. من خلال تعريفه على العوامل التي كانت تُحرّكه حتى تلك المرحلة، نجحنا في استبدال الخوف بعامل آخر. كل يوم، كان يكرر لنفسه أنه لا يحتاج إلى الظهور بصورة مثالية أمام الآخرين، ولا داعي كي يكون أفضل أب على الإطلاق أو يحمل الأثقال بقدر مانودو خلال حصص كمال الأجسام... هكذا تعرّف على نفسه وتمكّن من التركيز على ميزته الكبرى. فريديريك بوسكيه خفيف جداً في الماء. هو يستطيع أن يتماهى مع الماء لزيادة سرعته. من خلال تفريغ داخله من الأعباء العقلية الطاغية، نجح في السباحة بهذه الخفّة وقدّم أفضل أداء له في سباق الخمسين متراً فراشة في بطولة العالم في برشلونة في العام 2013، خلال أقوى نهائي في التاريخ.



هل لديك نصائح محددة لجميع الناس في ظل الوضع الاستثنائي الذي نعيشه اليوم؟


يجب أن يحاول الناس الاستفادة من هذا الوضع لتعلّم كيفية التعرف على الذات. التنفس هو العامل المحوري لاسترجاع الهدوء. يجب أن نتنفس بكل وعي. تكون مواقع التواصل الاجتماعي مفيدة جداً في هذا المجال. تطبيق FaceTime مفيد أيضاً. أنا أستعمله للتكلم مع عائلتي عبر الهاتف، حتى لو لم يكن بديلاً مثالياً عن التواصل البشري المباشر.


MISS 3