أكرم حمدان

سجالات نيابية وإسدال ستارة "الأونيسكو" على توتّر بين بري ودياب

23 نيسان 2020

03 : 00

جلسة مساءلة للحكومة بعد كل 3 جلسات تشريع (رمزي الحاج)

على الرغم من الأجواء الكورونية التي رافقت الجلسة التشريعية على مدى يومين في قصر الأونيسكو، من التعقيم على المدخل للنواب والوزراء والصحافيين والموظفين وكل من يدخل إلى بهو القاعة، وكذلك إعتماد مبدأ التباعد الإجتماعي في توزيع المقاعد والجلوس، إلا أن فقدان نصاب الجلسة لدى مناقشة مشروع الحكومة المعجل الرامي إلى فتح إعتماد إضافي بقيمة 1200 مليار ليرة لبنانية في موازنة 2020 لتغطية شبكة الأمان الاجتماعي، أسدل ستار الجلسة ووتّر الأجواء بين رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء حسان دياب، حيث طلب الأخير إنعقاد جلسة لمجلس النواب مساء لاستكمال بحث هذا المشروع وإقراره، بينما رد بري بأن لا أحد يفرض عليّ وأحال المشروع على اللجان النيابية ليعود بعد 15 يوماً، ورفع الجلسة بعدما طلب تلاوة محضرها وإقفالها.

وقد تكون هذه الخاتمة لليوم الثاني من الجلسة متوقعة بعدما لامست مجريات المناقشات جملة من خطوط التوتر على خط نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ورئيس حزب "الكتائب" النائب سامي الجميل ، وتحذير الفرزلي أيضاً للحكومة وبعض وزرائها الذين يغردون بأنهم صدى الشارع، إضافة إلى السجال العالي الذي جرى بين النائبين بلال عبدالله وإبراهيم كنعان ودخل على خطه النائب عاصم عراجي.

وليس بعيداً كانت محاولات من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لإقناع بري بإعادة النظر بموقفه من موضوع الكابيتال كونترول وبعض الخطوات الأخرى التي إعتبرها بري من صلاحية وإختصاص الحكومة ومصرف لبنان وفقا لقانون النقد والتسليف.

لكن هذه الأجواء لم تمنع المجلس من إقرار سبعة مشاريع وإقتراحات قوانين في الجولة الثانية من الجلسة أمس ليبلغ مجموع ما أقر في الجلسة على مدى يومين 26 قانوناً في غالبيتها ترتبط بمواجهة كورونا وبالتالي تستحق صفة "التشريع الكوروني" التي إستخدمها بري في سياق الجلسة.

مشاريع أُقرّت

وأبرز ما أقر في جلسة أمس، تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية بعدما تم دمج ثلاثة إقتراحات مع مشروع الحكومة كانت جميعها تتناول الموضوع نفسه بطرق مختلفة، وقد أقر المشروع بعد تضمينه مختلف التعديلات اللازمة والتي شاركت فيها كل الكتل النيابية مع وزيرة العدل من قبل الحكومة.

كذلك تم إقرار مشروع قرض بقيمة 100 مليون دولار مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي كمساهمة في تمويل مشروع الصرف الصحي في حوض الليطاني، وهو كان علق من اليوم الأول للجلسة، كذلك أقر مشروع القانون المعجل الذي قضى بفتح إعتماد إضافي في موازنة 2020 بقيمة 450 مليار ليرة لبنانية لدفع مستحقات المستشفيات الخاصة بعد إخضاعه لتعديل يقضي بالتدقيق بهذه المستحقات كمصالحة. وجاء إقرار هذا الإقتراح بعد مساعٍ قام بها رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ودياب ووزير المالية لحل مشكلة ربما كانت تُهدد بإقفال ما بين 15 و20 مستشفى خاصاً.

وكان هذا المشروع أحيل أمس الأول إلى مجلس النواب من قبل الحكومة مع مشروع قانون الـ 1200 مليار ليرة الذي تسبب بالتوتر بين بري ودياب.

كما أقر إقتراح تمديد الإيجار للأماكن المبنية غير السكنية لمدة سنة من تاريخ إقرار القانون وكذلك إقتراح تعليق أقساط الديون لدى المصارف.

وسقط بالتصويت على صفة العجلة مجموعة من الإقتراحات التي كانت مدرجة على الجدول وأثارت جدلاً ومنها تعديل قانون أصول محاكمة الرؤساء والوزراء وتقصير ولاية مجلس النواب وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة، كما تم دمج إقتراحات أو إسقاطها لأنها وردت في مشاريع أو إقتراحات أخرى وطلب بعض النواب سحب إقتراحات لم تعد تلبي الغاية منها.

رفع الحصانة عن الوزراء

وكانت الجلسة بدأت بمناقشة إقتراح قانون رفع الحصانة عن الوزراء المقدم من النائبين حسن فضل الله وهاني قبيسي، وشهد نقاش هذا الإقتراح الذي إستمر لنحو ساعة من الوقت سلسلة من المواقف للنواب والكتل وحتى رئيس المجلس الذي أشار إلى الحاجة لتعديل دستوري أو السير فقط بتفسير نص في القانون.

وبينما شرح فضل الله حيثيات الإقتراح وإرتكاب الموبقات دون التمكن من محاسبة أحد، تحدث النائب علي عمار بالنظام معلناً إستقالته من عضوية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. ودعا النائب ميشال ضاهر للتحرك لتفادي إنفجار القنبلة الاجتماعية.

وطالب النائب إلياس حنكش بتحديد مهلة لمجلس القضاء الأعلى لتسمية أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وأكد النائب هادي أبو الحسن أن هذا الأمر يبقى ناقصاً ما لم يترافق مع إستقلالية القضاء.

وأثار النائب ألان عون مطلبه السابق بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في عدد من الملفات التي سبق وأثيرت.

وأمل النائب جورج عقيص من بري التدخل لدى زميله علي عمار للعودة عن استقالته من المجلس الأعلى لأنه خسارة لهذا المجلس، متمنياً السير بهذا الإقتراح حتى النهاية بعدما أقر المجلس رفع الحصانة عن الموظفين.

وأمل النائب زياد حواط البدء بالمحاسبة من مكان ما، بينما رأى النائب بلال عبدالله أن المطلوب الذهاب إلى صلب الموضوع وإلغاء النظام الطائفي الذي هو أساس كل فساد وإهتراء الدولة والتحول نحو الدولة المدنية. ونبه النائب محمد الحجار من تكرار تجارب العام 1998 وما حصل سابقا مع الرئيس فؤاد السنيورة ومحاولة سجنه مذكراً باجتهاد محكمة التمييز في حينها.

ورأى النائب جميل السيد بعد مداخلة قصيرة لوزيرة العدل عن المنهجية في التعامل مع هذا القانون، أن أقصر طريق لحماية الفاسدين هو القول إن الجميع فاسد ولن ننبش الماضي ونعود لشهود الزور ولكن رحم الله غازي كنعان الذي تدخل هو عام 98 وعالج الأمر..

وهنا تدخل بري وطلب من السيد عدم نبش الماضي ليتابع السيد مستعرضاً النصوص الدستورية حول هذا الأمر.

ورأى النائب جورج عدوان أن الجوّ يكشف عن توجهين الأول يتطلب تعديلاً دستورياً وهذا غير متوفر أو متاح الآن والثاني إجراء تعديل على القانون، معلناً أن لجنة الإدارة ستُسرع وهي باتت على خواتيم مشروع إستقلالية القضاء التي تبقى الأساس.

وهنا تدخل بري وأكد ان المجلس سيقوم بدوره الرقابي من خلال عقد جلسة مساءلة أو مناقشة للحكومة بعد كل 3 جلسات تشريع وفقا للنظام الداخلي كما أنه سيلبي كل الطلبات التي ترده بشأن تشكيل لجان التحقيق البرلمانية.

وكانت المداخلة الفاصلة في هذا الموضوع للنائب سمير الجسر الذي دعا إلى أخذ الموضوع بشكل شامل وليس إنتقائياً أو إستنسابياً، فعندما نتحدث عن تفسير نحن نعدل الدستور وبالتالي نحتاج إلى نفس الآلية ونفتح الباب على تفسيرات أخرى، كما أنه يجب أن يكون ملف رفع الحصانة شاملا لجميع الرؤساء والوزراء والنواب ما عدا حرية تعبيرهم، وكذلك القضاة والضباط وغيرهم. بعدها طرح بري التصويت على صفة العجلة فسقط الإقتراح.

وكانت المحطة الثانية التي شهدت نقاشاً وسجالاً في الجلسة عندما وصل النقاش إلى إقتراح قانون تقصير ولاية مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

سجال كنعان – عبدالله والـ450 ملياراً

وكرت سبحة إسقاط الإقتراحات بالتصويت على صفة الإستعجال وصولا إلى ختام جدول الأعمال والبدء بما كان معلقا أو تم توزيعه كإعتماد الـ 450 ملياراً للمستشفيات الخاصة الذي أقر بعد مداخلات لعدد من النواب أعضاء لجنة الصحة وسجل نقاشاً عالي النبرة بين النواب بلال عبدالله وعاصم عراجي وإبراهيم كنعان على خلفية تحرك كنعان بلا تنسيق وعلم لجنة الصحة، إلا أن بري طلب رأي وزير الصحة حمد حسن الذي أكد أن هذا المشروع يحل مشكلة المستشفيات بمواجهة كورونا ووجود القانون يساعد على إيصال الحق لإصحابه وفق الأصول.

وكانت مداخلة للنائب حسن فضل الله ذكرت بقرار وزير الصحة وقف العقد مع أحد المستشفيات وضرورة التدقيق في الفواتير، كما لفت إلى أن التواصل مع الرئاسات لا يُلغي دور مجلس النواب والنواب.

دياب بعد الجلسة

وبعد مداولات داخل القاعة بين رئيس الحكومة وعدد من وزرائه قال دياب للاعلام: "الهجوم السياسي على الحكومة متوقع ولكن هذا لا يجب أن يؤثر على الأمن الاجتماعي"، مؤكداً أن "خطة الحكومة المالية والإقتصادية ستكون جاهزة خلال أسبوع تقريباً، وأقرّ بأن "هناك عدم تنسيق كامل بين حاكم مصرف لبنان والحكومة لجهة التعاميم التي يصدرها المصرف"، وأعلن أنه سيكون له مواقف متشددة وكلمة مهمة يوم الجمعة بعد جلسة مجلس الوزراء وأن الحكومة التي لم يتجاوز عمرها الـ70 يوماً لديها نحو 70 مشكلة تعمل على حلها ولا يجوز القول إن الحكومة لا تعمل، نافياً وجود أي تعديل وزاري لحكومته.


MISS 3