بشارة شربل

تحذيرات على وقع التعثر والتعطيل

7 آب 2023

02 : 00

لا يمكن للرئيس نجيب ميقاتي إلا أن يأخذ التحذيرات الخليجية للرعايا بظاهرها الشكلي. فهو أول العارفين أنّ المشكلة سياسية وليست أمنية، وأنّ خطر «عين الحلوة» محصور داخله. أمّا عقد وزير الداخلية اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي لطمأنة السياح فلزوم ما لا يلزم. والأحرى أن يخبرنا هل ضبَط مطلِق الرصاص الذي وضع طفلة الحدث نايا حنّا بين الحياة والموت؟

ليس في جعبة ميقاتي في مواجهة صدمة التحذيرات في منتصف موسم استجرار الدولارات إلا التمنيات لأنه أدرى بالبئر وغطاه. وهو يعلم حتماً أنّ الاسترخاء كان جرعة اوكسجين في زمن الانهيار، ووقتاً مستقطعاً منحته دول «مجلس التعاون» للبنان كي يحاول خلاله تصحيح العلاقات التي أضرَّ بها أساساً دورُ «حزب الله» في اليمن، ناهيك عن إصرار التركيبة الحاكمة على إبقاء لبنان ساحةً في خدمة ايران.

هي الجرعة نفسها التي سمح «اتفاق بكين» السعودي ـ الايراني بإعطائها للنظام السوري بعدما احتضنته قمة جدة أملاً في أن يباشر عملية وفاق سياسي، ويقرّر اجراءات لعودة النازحين، ويكثف جهوده لمنع التهريب، فظنّ بأنه عائد على حصان أبيض ليفرض الشروط بدل أن ينفّذ خطوات. تلك الأجواء الايجابية التي رافقها إقفال محطات إعلام حوثية وخليجية معارضة في الضاحية الجنوبية تَظهَّر انقلابها في ذكرى عاشوراء حين عاد الأمين العام لـ»حزب الله» الى موضوع اليمن ومهاجمة البحرين، معتقداً أن تجنُّبَه ذكر المملكة السعودية وحكامها يعفي من ردّات فعل الرياض ومن تحميل اللبنانيين له مسؤولية أذيَّة موسم الاصطياف.

لا تنفصل التحذيرات الخليجية المفاجئة عن سياق آخِر أجواء «اللجنة الخماسية» المواكبة للاستحقاق الرئاسي، فهي تشدّدت في مطالبة لبنان بتنفيذ الاصلاحات مستنكرة استمرار تعطيل انتخابات الرئاسة ومتوسعةً الى المطالبة بالعدالة لضحايا «تفجير النيترات». أما استغراب اللبنانيين عموماً، فهو لخيبة أملهم بانقضاء الصيف «بلا وجع راس».

مؤسف ان يُقفَل أي باب ضوء يُفتح للبنان بفعل إصرار «المنظومة» على رهن الاستحقاقات ومصائر الناس بمكاسب سياسية تُديم تسلطها وتحقق أهداف راعيها الاقليمي. وهي بقدر خبثها فإنها تتصرف أحياناً كثيرة بغباوة. فلا قرأت في اتفاق بكين إلا شراءً في اليمن وبيعاً في لبنان، ولا رأت في المبادرة الفرنسية التعسة إلا تجديداً لشرعيتها، ولا تراءى لها من استعادة بشار مقعد بلاده في الجامعة العربية الا الحلم بعودة «السين سين»، ولذلك تمسكت بترشيح سليمان فرنجية معتقدة أنّ تمريره مؤات، وممكن عبر تيئيس الشعب اللبناني وفرض أمر واقع على العرب والمجتمع الدولي.

عملياً، يجري انتظار فرَج الاستحقاق الرئاسي على وقع تعثر اتفاق بكين. خطواته الأولى حققت انفراجات، لكن تعقد المشهد الاقليمي والدولي، من الحرب الروسية ـ الأوكرانية، الى صعوبات التفاوض على «الملف النووي»، الى احتدام كل عناصر التوتر على الملعب السوري، ساهمت في فرملة أي تداعيات ايجابية كان يمكن أن تشمل لبنان.

في مثل هذه الأجواء يتمسك «الثنائي الشيعي» بفرنجية ويعتبره خشبة خلاص، مخترعاً خبرية «الحوار» التي لا تعني سوى كسبه الوقت وإضاعته على كل لبنان... أبَعدَ ذلك نستهجن تحذيرات السفارات؟


MISS 3