عذَّب وقتَل طفلة أيزيديّة سباها مع والدتها

محاكمة "داعشي" أمام "العدالة الألمانيّة"

04 : 35

طه الجميلي يُخبّئ وجهه أمام المحكمة في فرانكفورت أمس (أ ف ب)

بدأت في ألمانيا بالأمس محاكمة عراقي ينتمي إلى تنظيم "داعش" الإرهابي على خلفيّة جريمة الإبادة بحقّ الأقليّة الأيزيديّة وقتل طفلة سباها مع والدتها. والرجل الذي كشفت السلطات أنّه يُدعى طه الجميلي ويبلغ من العمر 27 عاماً، متّهم أيضاً بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حرب وتهريب بشر، في القضيّة التي مَثُلَ فيها أمام المحكمة في فرانكفورت وهو يرتدي قميصاً أبيض، فيما أخفى وجهه ولم يُجِب بعد إبلاغه رسميّاً بالتهم الموجّهة إليه.

كذلك، تمثل زوجته جنيفر فينيش منذ عام أمام محكمة في ميونيخ بتهمة قتل الفتاة التي تركها الزوجان تموت عطشاً في مدينة الفلوجة العراقيّة العام 2015. واعتُبر بدء جلسات محاكمتها في نيسان 2019، أوّل إجراء قضائي رسمي في العالم على صلة بممارسات ارتكبها التنظيم الجهادي بحق الأيزيديين، الأقليّة الناطقة باللغة الكرديّة في شمال العراق، التي اضطهدها "داعش". وأدلت والدة الطفلة التي أفادت الصحف بأنّها تُدعى نورا، بإفادتها مرّات عدّة في ميونيخ، وتحدّثت عن المعاناة التي عاشتها طفلتها رانيا.

وبالعودة إلى محاكمة طه الجميلي، أشار محضر الاتهام إلى أن الرجل التحق في آذار 2013 بتنظيم "داعش" وشغل مناصب عدّة لدى التنظيم المتطرّف في مدينة الرقة السوريّة، وكذلك في العراق وتركيا حتّى العام الماضي. ويتّهم القضاء الألماني خصوصاً طه الجميلي بأنّه "قام في نهاية أيّار أو بداية حزيران 2015، بشراء امرأة من الأقليّة الأيزيديّة وابنتها البالغة من العمر خمس سنوات ونقلهما إلى الفلوجة، حيث تعرّضتا لكلّ أشكال الاضطهاد، بما في ذلك التجويع".

وقالت المدّعية العامة آنا زاديك: "لم يكن يُسمح لهما بمغادرة المنزل من دون مرافقة. لقد أجبرهما على ارتداء النقاب الكامل ولم يقبل باسم الطفلة، لأنّه اعتبره عائداً للكفار"، مضيفةً: "تعرّضت كلاهما للضرب باستمرار. وتُعاني المرأة من ألم في كتفها منذ ذلك الحين. وبقيت الطفلة في إحدى المرّات طريحة الفراش 4 أيّام بعد ضربها".

واستمرّت صنوف العذاب، وخلال صيف 2015 "عوقبت" الفتاة لأنّها تبوّلت على سريرها، بأن ربطها الجميلي بنافذة خارج المنزل الذي كانت محتجزة فيه مع والدتها، في درجة حرارة تبلغ الخمسين مئويّة. وتوفيت الفتاة بسبب العطش، بينما أُجبرت الأم على المشي حافية في الخارج، ما سبّب لها حروقاً جسيمة في قدميها.

وخُطِفَت الضحيّتان في صيف 2014 بعد غزو تنظيم "داعش" إقليم سنجار العراقي، في حين لفتت النيابة الألمانيّة إلى أنّهما "بيعتا" مرّات عدّة في "أسواق السبايا"، بينما اعتُقل المتّهم في اليونان في 16 أيّار 2019 وسُلِّمَ إلى ألمانيا في 9 تشرين الأوّل، حيث أوقف. ويُفترض أن تستمرّ هذه المحاكمة التي تخضع لإجراءات أمنيّة مشدّدة حتّى نهاية آب.

وفي محاكمة جنيفر فينيش، تُمثّل والدة الطفلة المحامية اللبنانيّة - البريطانيّة آمال كلوني والأيزيديّة ناديا مراد، التي اختُطفت هي نفسها وعوملت كسبيّة لدى التنظيم الإرهابي، إذ مرّت ببرنامج معدّ للسبايا من النساء والأطفال اللواتي تعرّضنَ للاغتصاب المتكرّر منذ العام 2014. وبعد تحريرها مُنِحَت مناصفةً جائزة "نوبل" للسلام العام 2018.

وتقود كلوني ومراد حملة دوليّة للاعتراف بأنّ الجرائم التي ارتُكِبَت بحقّ الأيزيديين هي جرائم إبادة. لكن خبراء يعتبرون أن إثبات حدوث إبادة أمام القضاء يبدو صعباً، لأنّه يجب إقناع القضاة بوجود إرادة لتصفية الأيزيديين. وفي آب 2014، قتل "داعش" مئات من الأيزيديين في سنجار بمحافظة نينوى العراقيّة، وأرغم عشرات الآلاف منهم على الهرب، فيما احتجز آلاف الفتيات والنساء سبايا. وتمكّن 3200 من المخطوفين من الفرار، وتمّ إنقاذ بعضهم، وما زال مصير الآخرين مجهولاً. ومن أصل 550 ألف أيزيدي كانوا يعيشون في العراق قبل العام 2014 ويُشكّلون ثلث الأيزيديين في العالم، فرّ أكثر من 100 ألف إلى المنفى، لا سيّما إلى ألمانيا.


MISS 3