الإسمنت المكهرب يحوّل أساسات المباني إلى بطاريات عملاقة

02 : 00

يتابع العلماء البحث عن وسائل أفضل لتخزين الطاقة المتجددة، وقد اكتشف باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للتو طريقة لتحويل الإسمنت ومادة قديمة أخرى إلى مُكثّف فائق وعملاق. هذا الإسمنت المكهرب قد يُحوّل أساسات المباني والطرقات إلى بطاريات غير محدودة. لابتكار المادة الجديدة، خلط باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الإسمنت مع الماء وأسود الكربون (مادة تشبه الفحم وتنبثق من عمليات احتراق غير مكتملة).

يقول أدمير ماسيك، عالِم متخصص بالمواد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: «هذه المادة مبهرة لأن الإسمنت هو العنصر الأكثر استعمالاً في العالم من بين المواد بشرية الصنع، وهي تُخلَط مع أسود الكربون المعروف تاريخياً، فقد كُتِبت به مخطوطات البحر الميت. عند خلط هذه المواد التي تعود إلى ألفَي سنة على الأقل بطريقة محددة، يمكننا الحصول على مركّب نانوي توصيلي، وتصبح الأمور مثيرة للاهتمام بعد هذه المرحلة بالذات».

تميل جزيئات أسود الكربون إلى التجمّع في الفراغات تزامناً مع امتصاص الماء في الإسمنت المتفاعل، فتنشأ أشكال لولبية في الإسمنت ويمكن استعمالها كأسلاك. هذه العملية تُسهّل توصيل الكهرباء، ما يعني أن يتمكن الإسمنت المُعدّل من أداء دور المُكثّف الفائق: إنه مصدر طاقة مشابه للبطاريات، لكنه يخزن طاقة الكهرباء ويطلقها بوتيرة أسرع بكثير.

يمكن إضافة مادة منحلة بالكهرباء، مثل كلوريد البوتاسيوم، إلى ذلك المركّب، ما يمنحه جزيئات مشحونة وقابلة للانفصال، فيتمكن المُكثّف الفائق حينها من تخزين الطاقة وإطلاقها.

في الوقت الراهن، تبقى مُكثفات الإسمنت صغيرة نسبياً، وهي مزوّدة بطاقة كافية لإضاءة عدد صغير من المصابيح العاملة بالصمام الثنائي الباعث للضوء. لكن تكون المواد المستعملة رخيصة ووافرة، ويُفترض أن يكون تطوير هذه العملية فاعلاً نسبياً. في المرحلة المقبلة، يريد الباحثون تصنيع جهاز مماثل، على أن يكون بحجم بطارية سيارة.

يستطيع المنزل الذي تتضمن أساساته مُكثفات الإسمنت تخزين ما يكفي من الطاقة لتشغيل الكهرباء في المنزل طوال يوم واحد، ويمكن إنتاج الطاقة برأي الباحثين عبر مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

كذلك، يمكن استعمال هذا الخليط على الطرقات لتشغيل السيارات الكهربائية أثناء مرورها (تحاول مشاريع بحثية عدة التوصل إلى هذا الابتكار). ثمة مقايضة واضحة بين سعة التخزين وقوة البنية المستعملة، لكن يمكن تعديل الإسمنت كي يناسب استعمالات متنوعة عند الحاجة.

في النهاية، يكتب الباحثون في تقريرهم: «تشير هذه الخصائص إلى فرصة لاستعمال هذه المكثفات الفائقة المصنوعة من الإسمنت لتخزين كمية كبيرة من الطاقة في المباني السكنية والقطاعات الصناعية التي تتراوح بين ملاجئ ذاتية الطاقة وطرقات ذاتية الشحن للسيارات الكهربائية، وصولاً إلى تخزين طاقة متقطعة في توربينات الرياح».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «بناس».


MISS 3