روي أبو زيد

قراءة مسرحية "دراماتورجية" في الجامعة الأميركية

23 تموز 2019

11 : 42

المسرحي روجيه عساف خلال الندوة

لم يحظ المصطلح المسرحي "الدراماتورجيا" حتى الآن بأي مرادف عربي دقيق كونه يونانيّ الأصل، شأنه شأن كثير من المصطلحات الأجنبية في الفنون كافة كالغروتسك، الماكياج، البارودي، الكوريغرافيا، السيناريو، الكواليس... وكلمة "دراماتورجيا" مستمدة من الفعل اليوناني "يؤلّف، أو يشكل الدراما"، وتُستخدم بلفظها اللاتيني في لغات العالم كافة. ويرى بعض المسرحيين اللاتين أنّ "الدراماتورجيا فن تركيب النصوص المسرحية"، أي إنّ المصطلح يُطلق على مؤلف النصوص المسرحية، وذلك لتمييزه عن مؤلف النصوص الروائية أو الشعرية.



وكان الكاتب الألماني لسنغ أخرج "الدراماتورجيا" من معناها التقليدي في كتابه "دراماتورجيا هامبورغ"، بحيث أصبحت تعني الاستشارة الأدبية.

فالدراماتورج مستشار أدبي يهتم بالنصوص من حيث قراءتها، إعدادها وحتى ترجمتها. لذا، أصبح الإنتاج المسرحي مقترناً بالتأليف، الإخراج، الإنتاج وكتابة المقالات النقدية. وتطوّرت "الدراماتورجيا" بعدها لتطاول مجال المسرح كلّه بما فيه كتابة النص، وتحضير العرض، ودراسة تاريخ المسرح والنقد.



واعتبر الناقد الفرنسي برنارد دوت أن "الذهنية الدراماتورجية" تنضج بالعلاقة الثنائية بين الإخراج والدراماتورجيا لبناء علاقة جديدة بين النص والعرض، بمعزل عن العادات والتقاليد والإيديولوجيات. فسادت الدراماتورجيا، بوصفها ممارسةً ذهنيةً وعمليةً، في العملية المسرحية لتصبح جزءاً رئيساً من العمل الإخراجي حتى في حال غياب الدراماتورج، فبات الكثير من المخرجين يقومون وحدهم بنوع من القراءة الدراماتورجية من أجل التحضير للعرض، هذه القراءة يمكن أن نطلق عليها عملية "مسرَحَة" أو "تمسرح".



ولضبط أصول "الدراماتورجيا" في المسرح العربي مجدداً، بعد تشويهها أخيراً، عقدت الجامعة الأميركية في بيروت ندوة بعنوان "نحو أفلام عربية مسرحية" بحضور المخرج المسرحي روجيه عساف، الكاتبة ماري الياس والممثلة والمخرجة عليا الخالدي. تمّ التطرق الى "تفعيل أصول المسرح العربي المعاصر عبر كتابة النصوص باللغة العربية الفصحى ومناقشة "التابوهات" في المنطقة كالجنس، السياسة، والدين". وأكد المتحدثون أنّ "الفنون الأدائية (المسرح، السينما والموسيقى) تتعرّض لتحدّيات عدّة منها وضع النقاط على حروف الظروف الإجتماعية والحياتية في مجتمعاتنا العربية بمواجهة القومية والطبقية والدين والجنس. وشدد المتحدثون على تعزيز المقاربة المنهجية للنص الدرامي في العالم العربي من خلال وجهة نظر المسرح والدراسات التي تشرح أدوار الكتّاب، المخرجين، الممثلين وكيفية أدائهم فضلاً عن انتشار الأبحاث النظرية حول المفاهيم المسرحية وطرق تحليل النص والعرض.



وأشار عساف الى أن المسرح هو صورة مصغّرة عن المجتمع والناس، والخشبة هي فقط جسر عبور بين المواضيع الحياتية وتنفيذها إخراجياً، كل ذلك تحت عباءة الدراماتورجيا. وأضاف أنّ دورنا اليوم هو صنع هوية مسرحية مستقلة تشبهنا بدلاً من نقل التقاليد المسرحية الغربية و"لبننتها" مع تغيير الأحداث والشخصيات. يشار الى أنّ الندوة هي ضمن إطار مبادرة أطلقتها الجامعة الأميركية في بيروت مع مسرح لينكولن سنتر في نيويورك تهدف إلى إبراز مواضيع دول البحر المتوسط على المستوى الفني وتعزيز التبادل المعرفي والثقافي مع الغرب من خلال النصوص المسرحية والدرامية.