ريتا ابراهيم فريد

"مغرّدون ضد الجوع"... قصص مبكية

28 نيسان 2020

05 : 25

مع بداية إجراءات التعبئة العامة وتوقّف معظم الأعمال إثر انتشار فيروس الكورونا في لبنان، أدرك اللبنانيون ضرورة التضامن بين بعضهم لمواجهة هذه الأزمة التي شكّلت عبئاً إضافياً على الوضع المعيشي. وفي هذا الإطار نشطت حملات عدة أطلقتها وسائل إعلامية على مستوى ضخم لجمع التبرّعات، إضافة الى مبادرات قام بها عدد من الشبان والشابات بشكل فردي. الهدف واحد: مساعدة العائلات الأكثر فقراً وذوي الدخل المحدود على الصمود والخروج من هذه المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة.



وضمن المبادرات الفردية، انطلقت منذ أيام قليلة حملة "مغرّدون ضدّ الجوع". المبادرة بدأت من حساب على تويتر يحمل إسم "ابن جبيل" ويعود لناشط يدعى رالف، حين أخبره أحد الأصدقاء أنّ ابنة عاملة أجنبية تعاني من مرض في القلب، ووالدتها عاجزة عن تأمين الدواء أو الطعام لها. "لم يطاوعني ضميري بالسكوت عن هذا الموضوع، لا سيّما أنّ حسابي على تويتر يضمّ عدداً كبيراً من المتابعين"، يؤكّد رالف في حديث لـ"نداء الوطن"، ويضيف أنه نشر قصة الطفلة على حسابه، وبعد نصف ساعة تقريباً تمّ تأمين الأدوية التي تحتاجها لفترة ثلاثة أشهر، إضافة الى حصص غذائية أيضاً. كانت تلك البداية لانطلاق حملة "مغرّدون ضدّ الجوع"، حيث تواصل معه عدد من المغرّدين الراغبين بالانضمام، وبلغ اليوم عددهم خمسة عشر شخصاً، منتشرين على كافة الأراضي اللبنانية.

المبادرة لاقت إقبالاً كبيراً جداً من اللبنانيين المقيمين في لبنان وحتى من المغتربين، وبشكل خاص في السعودية وأفريقيا، الذين أرسلوا تحويلات مالية، وتواصلوا مباشرة مع المتاجر في لبنان لإرسال المواد الغذائية.





من جهة أخرى، يشير رالف الى أنّ ما يميّز مبادرة "مغردون ضد الجوع" هو أنها عابرة للمناطق وللطوائف وغير تابعة لأي حزب، وأوضح: "كلّ شخص يطرق بابنا نقوم بمساعدته بغض النظر عن انتمائه الطائفي والحزبي والمناطقي".

وعن المصداقية، أوضح رالف: "طبعاً لا نهدف الى الـ.show off لكنّنا نقوم بتصوير كل الأغراض التي يتمّ توزيعها، وننشر فواتير المتاجر لنثبت أن التحويل المالي الذي تلقيناه اشترينا بقيمته مواد غذائية وأغراضاً لتوزيعها. ثم نرسل الصور الى الذين قدّموا المساهمات المالية، ليكون ذلك بهدف الشفافيّة.




"الى هذا الحدّ بلغت نسبة الفقر"


خلال فترة الإنتفاضة، كان رالف من ضمن مجموعة الناشطين الذين شاركوا في مبادرات عدة، من بينها تحضير السندويشات للمتظاهرين، إضافة الى نشاطات إجتماعية أخرى. ويقول في هذا الإطار: "لا شيء يوازي الفرح الذي نشعر به عندما نعطي ونساعد شخصاً محتاجاً أو مريضاً. هذا الفرح الداخلي هو أجمل شعور يمكن أن يشعر به إنسان، وكأنه ربح الجائزة الكبرى في اللوتو. لا شيء يعادل فرحتنا أيضاً عندما يبتسم هؤلاء الأشخاص شاكرين مع عبارة " كتّر خيركن".

وفي السياق، يؤكّد رالف على أنّه إثر إطلاقه للحملة سمع قصصاً مبكية لم يكن يتوقّع أن تكون موجودة في مجتمعنا، وتابع: "أشخاص كثر من الذين تواصلوا معنا لم يطلبوا حصصاً غذائيّة، بل طلبوا فقط ربطة خبز ليطعموا أطفالهم كي يبقوا على قيد الحياة. الى هذا الحدّ بلغت نسبة الفقر في مجتمعنا". كما أن عائلة أخرى كانت بأمسّ الحاجة للمواد الغذائية، لكنّ الأبوين شدّدا على أولوية تأمين الحليب لطفلتهم إبنة الشهرين قبل أي شيء آخر: "حتى لو بقينا نحن من دون طعام، لكن المهمّ أن يتأمّن الحليب للطفلة".

تجدر الإشارة الى أنّ التواصل مع الناشطين في الحملة يكون عبر تطبيق الواتساب على الأرقام الموجودة، وبعد ثمانٍ وأربعين ساعة يتواصل أحد الشباب معهم لتسجيل العنوان وإرسال المساعدات. وختم رالف قائلاً: "نحن جاهزون لضمّ كل شخص راغب بمساعدتنا وبالتطوّع معنا، على أمل أن نتخطّى هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن".