محمد دهشة

"الغضب الشعبي" يُسقط "سلمية الحراك" في صيدا... وتحذير من حرْف التظاهرات

30 نيسان 2020

02 : 00

الأضرار التي لحقت ببعض المصارف في صيدا

إنفجر "الغضب الشعبي" في صيدا للمرة الأولى، منذ بدء أزمة "كورونا"، وشهدت المدينة توتراً لافتاً و"كرّاً وفرّاً" بين المحتجّين والقوى الأمنية، لم تخلُ من إلقاء المُفرقعات والحجارة، حتى قنابل "المولوتوف" على مبنى فرع مصرف لبنان، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والغلاء وارتفاع الأسعار والدولار.

واكدت مصادر الحراك لـ"نداء الوطن" أن ثمة نقاشاً يجري بين "مجموعات الحراك" حول أهمية الحفاظ على سلميته، مع المزيد من الضغط للتعبير عن موقفه الغاضب"، ورفضت "استغلالنا او استدراجنا الى مكان آخر لحرف الأنظار عن الهدف الحقيقي الذي رفعناه، وهو الإصلاح ووقف الفساد ومحاسبة المرتكبين واستعادة الاموال المنهوبة، ووقف التلاعب بسعر الدولار والغلاء وارتفاع الاسعار"، وقالت: "من الخطأ المميت الدخول في "لعبة الخلافات" و"تسييس الحراك". بينما اعتبرت مصادر أخرى ما جرى "نتيجة طبيعية لاحتقان اجتماعي متراكم لم يستجب خلاله المسؤولون لمطالب المحتجّين بل تجاهلوها، وان "غزوة المصارف" ليست سياسية ولم تسقط السلمية او تُحرف الانظار، ويمكن اعتبارها رسالة من العيار الثقيل، بأن الصبر بدأ ينفد والانفجار الاجتماعي قريب".

توتر وتكسير

الثابت ان توتر المدينة، اعاد المشهد الى الأيام الاولى لـ"انتفاضة 17 تشرين الاول"، ولكن الشرارة هذه المرة اندلعت من امام فرع مصرف لبنان، على بعد مئات امتار من سراي صيدا الحكومي، حيث احتشد المحتجّون من حراك "صيدا تنتفض" امامه وهتفوا ضد سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتنديداً بالتلاعب بسعر صرف الدولار، قبل ان يرموا الحجارة والمُفرقعات، وقنابل المولوتوف، ما ادى الى اندلاع النيران في باحته الداخلية، من دون ان يمتدّ الى أي من اقسامه، فجرى تدافع واحتكاك مع القوى الامنية أدى الى سقوط جرحى في صفوف الناشطين. وانتقل الغضب الى شارع رياض الصلح الرئيسي، حيث تتواجد المصارف ومحلات الصيرفة، وحطّم غاضبون واجهات مصارف وماكينات الصراف الآلي، وسط غضب وفوضى، فتدخّل الجيش اللبناني سريعاً، وحصلت عمليات كرّ وفرّ، وجاءت حصيلة التوتر ثقيلة نوعاً ما، اذ أُصيب 4 عسكريين من بينهم ضابط، وتضرّرت 3 آليات أثناء قيام دورية من الجيش بإعادة فتح الطريق، حيث تعرّضت للرشق بالحجارة. كذلك أُصيب بعض ناشطي حراك المدينة، اضافة الى أضرار لحقت بنحو ستة مصارف ابرزها فرع مصرف لبنان الذي تعرّض لمفرقعات وقنابل "مولوتوف" و"بنك البحر المتوسط" بفرعيه في "رياض الصلح" ومستديرة "مرجان" و"البنك الفرنسي" و"بنك لبنان والخليج" وبنك "لبنان والامارات" في شارع حسام الدين الحريري، وبنك "عودة" بالقرب من ساحة الثورة عند تقاطع "ايليا"، ناهيك عن تكسير بعض مرافق الأرصفة، ولم توفر اعمال الشغب الشارات الضوئية وأحواض الزرع.

وامتداداً، أعطى "التنظيم الشعبي الناصري" الإشارة لأنصاره بإعادة تنشيط احتجاجاته، ونظّم مع "اللجنة الشعبية" في صيدا القديمة، اعتصاماً عند "ساحة النجمة" وسط المدينة، تحت شعار "فليكن صوتنا عالياً ليصل الى كل المسؤولين"، لمواجهة غلاء الأسعار وانهيار قيمة الليرة، ورفضاً لسياسات الافقار والتجويع، ورفع المشاركون يافطات تنتقد سياسة حاكم مصرف لبنان".

وأسف الأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" النائب أسامة سعد لأعمال العنف التي رافقت التحركات الاحتجاجية، مُحذّراً من انفجار اجتماعي عشوائي قد يؤدي إلى ضرب الاستقرار الأمني.

وفيما حذرت "الجماعة الاسلامية" من بوادر "ثورة جياع" نتيجة غياب الرؤية الاقتصادية الواضحة، جدّدت وقوفها الى جانب الناس في مطالبها المُحقّة، مستنكرة ما تتعرّض له الاملاك العامة والخاصة من تكسير وتخريب ممنهج ومُنسّق لا يمتّ للثورة بصلة.

وأسف أمين عام الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير، للأحداث الامنية التي شهدتها العاصمة بيروت وطرابلس وصيدا، مناشداً الجميع الوقوف الى جانب مؤسساتهم الامنية لقطع الطريق على اي "طابور خامس" يُمكن ان يدخل على الخطّ.

فحوص عين الحلوة

وفي خطوة لافتة، وبتوجيهات وزارة الصحة العامة، دخل فريق متخصص من مستشفى صيدا الحكومي، الى مخيم عين الحلوة وأخذ عينات عشوائية من ابنائه ضمن حملة الفحوصات الوقائية الاستباقية للكشف عن الإصابة بـ"كورونا" بالتعاون مع "الأونروا". وتكتسب الخطوة اهمية كونها المرة الأولى التي يدخل فيها فريق طبي بعد اكتشاف أربعة اصابات في مخيم "الجليل" في البقاع.

وأوضح مدير "الاونروا" في منطقة صيدا الدكتور ابراهيم الخطيب، ان أخذ الفحوصات جرى في عيادتي الوكالة الأولى والثانية في مخيم عين الحلوة، وسط اجراءات وقائية مطلوبة، وتمّ أخذ 100 فحص بشكل عشوائي ولمختلف الفئات العمرية ومن الذين يشعرون بالاعياء، على ان تظهر النتائج خلال 48 ساعة.

بينما قال رئيس دائرة التمريض في مستشفى صيدا الحكومي فرنسوا باسيل إن هذه الخدمة تهدف الى الكشف المبكر على اي اصابة قد تكون موجودة داخل المخيم، والهدف الأساسي هو حماية المجتمع والوقوف بجانبه، وان نستبق الحالات اذا كانت موجودة، ولم تظهر اي عوارض، وقد أخذنا 100 عينة في عيادتين للأونروا داخل المخيم، وغداً ستكون لدينا 35 عينة ستؤخذ في عيادة الأونروا وخارجها، اضافة الى المرضى الذين يأتون الى طوارئ المستشفى لإجراء الفحص وكل النتائج حتى الآن سلبية".

وقالت فاطمة الصياح، وهي صيدلانية، انها أتت لإجراء الفحص لأنها على احتكاك دائم مع كثير من المرضى، وارادت بذلك ان تطمئن، بينما اوضحت مريم غضبان، وهي امرأة مسنّة: "جئت اعمل فحص الكورونا لاطمئن على حالي".