رمال جوني -

لبنان يودّع الشهيدين حنّا وصعب نحو مواطن الخلود

26 آب 2023

02 : 00

الشويفات

ودّعت دبل أمس شهيدها الطيّار الرائد جوزف حنا في تشييع مهيب جمع أهالي البلدة والقرى المجاورة. وخرق صوت أمّ الشهيد الحشود وهي تردّد «صعب يامّي شوفك محمول وما أقدر ضمّك». كان صعباً عليها، كما على كل أم، أن تزف ابنها في عزّ شبابه.

بالدموع المجبولة بالغصة، رافق أهالي دبل جوزف في رحلته الأخيرة إلى بلدته التي أحبها، وأبى مغادرتها يوماً. خرجوا لاستقبال البطل العائد على صهوة الشهادة، نثروا الورود، زغردوا، بكوا، صفقوا. حزينة هي دبل، وحزينة طفلته التي لم تعرف أن وداعها له في المطار قبل إقلاعه سيكون الأخير.

بصعوبة شقّ موكب الشهيد طريقه نحو كنيسة البلدة، كما كل البلدات التي توقف فيها، في عين إبل ورميش. بكت النسوة، زغردن، وقالت إحداهنّ: «عريس دبل الباقي فينا». تبكي زوجته بحرقة، لم تستوعب بعد أن من أحبته قد رحل.

وفي كنسية مار جرجس التي تزينت ساحتها بالأبيض وقرعت الأجراس حزناً، ترأس المطران شكر الله نبيل الحاج صلاة الجنازة، في حضور ممثل قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الدفاع العميد الركن مارون العيباني، وممثل الرئيس نبيه بري النائب أيوب حميّد، وممثلين عن الأجهزة الأمنية ونواب وممثلين عن أحزاب «القوّات اللبنانية» والكتائب اللبنانية و»التيّار الوطنيّ الحرّ».

وألقى المطران الحاج عظة قال فيها إنّ «جوزف علّق سكة الأرض بنجوم السماء. وأن لا نزاعات في السماء كتلك التي نعيشها على الأرض»، ودعا الجميع إلى «إعادة النظر في كل شيء، لأن لبنان يستحق التضحية، كشعار المؤسسة العسكرية التضحية والوفاء».

أما ممثل قائد الجيش فأشار في كلمته إلى أنّ «النقيب الطيار جوزف ارتقى إلى سماء لبنان، مدافعاً عنه، حامياً أهله الى جانب كل وحدات الجيش اللبناني»، وقال»ها هو يرتقي شهيداً فداء للوطن». ثمّ قلّده وسام الأرز الوطني. وسار النعش الذي لفّ بالعلم اللبناني وحمل على أكف رفاق السلاح، في رحلة الوداع الأخيرة.

في الشويفات شيّعت المدينة النقيب الطيار ريشار صعب. بالزغاريد والبكاء استقبله أهله ورفاقه وأبناء منطقته. وتقدّم المشيعين شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، على رأس وفد من المشايخ وأعضاء من المجلس المذهبي.

استهل التشييع بإقامة مراسم التكريم أمام المستشفى العسكري المركزي - بدارو، حيث أدّت له ثلة من الشرطة العسكرية وموسيقى الجيش التحية والتشريفات اللازمة، وجرى تقليده أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة الفضية، ثم نُقل الجثمان إلى مدينة الشويفات. وقد مثّل قائد منطقة جبل لبنان العميد الركن عمر مجلد كلّاً من وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون في احتفال التأبين.

وألقى مجلد كلمة بالمناسبة نوّه فيها ببطولة الشهيد وتفانيه في أداء الواجب العسكري، ومما جاء فيها: «لقد شاءَ القضاءُ المحتومُ أنْ يَختتمَ شهيدُنا حياتَه وهو يحلّقُ في سماءِ وطنِهِ الذي عَشِقَهُ منذُ الطفولة، فقرَّرَ أن يصبحَ أحدَ حرّاسِهِ الأشداء، وانضوى في صفوف الجيش طيّاراً متألّقاً محترفاً، مشهوداً له بالانضباط والمناقبيّة والتميّز، وبالفكر اللامع والأخلاق الحميدة».




دبل



وسبق الصلاة شهادة لشيخ العقل أبي المنى، قال فيها: «عندما يغيب شاب من شبابنا نتأثر، وكأنه غاب من كل بيت، فكيف إذا كان الغائب من الجيش اللبناني، من أبطال الوطن أبطال الجيش اللبناني، كالشهيد الذي نودّع اليوم».


MISS 3