نصار: على لبنان ان يكون في صلب الحلول ومرتضى: حريصون على رسوخ مفهوم العائلة

الراعي افتتح أديرة مرممة في حدشيت بمساهمة إيطاليا واليونيسكو

13 : 51

أقامت رعية حدشيت، برعاية البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، حفل افتتاح الاديرة التي تم ترميمها: دير الصليب، القديسة شمونة، مار بهنام، مار انطونيوس البادواني ومار آسيا، بعد إنجاز تأهيلها من منظمة اليونسكو ومن ضمن مشروع إعادة تأهيل وتثمين وادي قاديشا المدرج على لائحة التراث العالمي، بمشاركة وزيري السياحة والثقافة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار ومحمد وسام المرتضى، السفيرة الايطالية في لبنان نيكوليتا بومباردييري ومديرة مكتب اليونيسكو الاقليمي في بيروت كوستانزا فارينا، وفي حضور النائب السابق جوزيف إسحق ممثلا النائبة ستريدا جعحع، النائب جورج عطالله، النائب ويليام طوق، والمطارنة: جوزيف نفاع بولس الصياح وحنا علوان، رئيس اتحاد بلديات قضاء بشري ايلي مخلوف ورؤساء بلديات ومخاتير والأهالي.


وكانت كلمة لمديرة مكتب الونيسكو الاقليمي في بيروت، قالت فيها: "لمن دواعي سروري أن أكون معكم اليوم في بلدة حدشيت الجميلة. نحتفل اليوم، في شراكة وثيقة مع زملاء السفارة الإيطالية والوكالة الإيطالية للتعاون الدولي، بالاختتام الناجح للمشروع الممول من الحكومة الإيطالية، والذي بدأ قبل بضع سنوات، للمساهمة في إعادة تأهيل وتثمين وادي قاديشا.


لا يمكن أن يكون التوقيت أكثر إيجابية، إذ نحتفل هذا العام، في عام 2023، بمرور 25 عامًا بالضبط على إدراج وادي قاديشا كخامس موقع للتراث العالمي لليونسكو في لبنان. ولست بحاجة إلى التوسع في الحديث عن القيمة العالمية المتميزة لوادي قاديشا باعتباره أحد أهم مواقع استيطان الأديرة المسيحية الأولى في العالم. تقع أديرة، والعديد منها قديم جدًا، في منطقة طبيعية وعرة للغاية تثريها غابة أرز الرب التاريخية. باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، فإن جمالها المذهل ينتمي إلى الإنسانية جمعاء. تؤمن اليونسكو بقوة التراث. التراث باعتباره إرثًا مؤثرًا من الماضي، باعتباره حاضرنا، والإرث الذي ننقله إلى الأجيال القادمة. التراث الثقافي مصدرًا لا غنى عنه للحياة ومحركًا للتقدم الاجتماعي والاقتصادي. لقد كان وادي قاديشا منذ فترة طويلة مكانًا للتأمل والملجأ. يضم عدداً استثنائياً من الأسس الرهبانية الإريمية، يعود بعضها إلى فترة قديمة جداً من انتشار المسيحية. من هنا، فإن للأجيال الجديدة الحق في عيش تجربة قاديشا بكل روعتها، ولكن أيضًا كمصدر للرخاء والتنمية لجميع القرى المجاورة والمجتمعات المحلية. وهكذا تكرّس مشروعنا، بهدف المساهمة في الحفاظ على الوادي، وترميم المواقع التراثية الثمينة مع خدمة سكانه الذين، أكثر من أي أناس آخرين، يعتزون بهذا المكان العزيز على قلوبهم".


وأضافت: "في السنوات الماضية، وبالتنسيق الكامل وبدعم قوي من زملاء AICS، تمكنت اليونسكو من استكمال إعادة تأهيل ثلاثة دروب مهمة ستسمح الآن للزوار والسكان بالوصول بسهولة أكبر إلى الوادي والنقاط التراثية الموجودة على مساراتهم. هذه هي دروب حدشيت وحصرون ومزرعة النهر التي تنتظر اليوم أن يستكشفها السكان والمتنزهون والزوار. وتتشرف اليونسكو بإتاحة الفرصة لها لتنفيذ مثل هذا المشروع الفريد في وادي قاديشا. إن الشراكة الاستراتيجية مع إيطاليا التي تم تأكيدها أيضًا في هذا المشروع هي شهادة على الأهمية الحاسمة للاستثمار في التراث الثقافي كقيمة مشتركة ومصدر إلهام للمستقبل. واسمحوا لي أن أذكر قيمة مضافة خاصة لهذا المشروع وهي ترميم ديري مار آسيا ودير الصليب برسومهما الجدارية المتميزة. هذين الموقعين التراثيين لهما أهمية دينية خاصة للسكان والمجتمعات المحلية وقد تم إعادتهما الآن إلى جمالهما الأصلي. بهدف توفير بعض عناصر الاستدامة، أود أن أضيف أن المشروع استثمر أيضًا في تدريب أفراد المجتمعات المحلية على التدابير الوقائية لتجنب ومكافحة حرائق الغابات في وادي قاديشا، وكذلك في إعداد مرشدين شباب محليين متخصصين في مواقع الوادي.


أنا واثقة من أن البذور المزروعة ضمن هؤلاء المشاركين المتحمسين ستؤدي إلى مزيد من المشاركة والالتزام من جانب الشباب والمجتمعات المحلية في الحفاظ على الوادي. ونأمل أن يدعم ذلك أيضًا فرص عمل جديدة لهم في سياق نرى فيه اهتمامًا متزايدًا مثيرًا للإعجاب من قبل اللبنانيين وغير اللبنانيين باكتشاف طبيعة لبنان الرائعة.


وبينما نجتمع هنا الليلة، اسمحوا لي أن أعرب عن امتناني لسعادة سفيرة إيطاليا ولمديرة AICS وطاقم عملها على المشاركة القوية أثناء تنفيذ المشروع. لقد كان التمويل السخي من إيطاليا لهذا المشروع فعالاً في تحقيق هذه النتائج القوية للغاية والتي تهدف إلى إفادة جميع المجتمعات المحلية. اسمحوا لي الآن أن أعرب عن عميق امتناني لغبطة البطريرك الراعي، على الثقة التي أولاها لليونسكو في هذه المبادرة الاستراتيجية، وعلى توجيهاته ونصائحه المستمرة. كما أود أن أتقدم بالشكر الشخصي إلى اتحاد بلديات بشري وزغرتا وبلديتي حدشيت وحصرون على جهودهم وتعاونهم، والمديرية العامة للآثار لدعمها. وكلمة تقدير خاصة لرعية حدشيت على استقبالها لنا اليوم بكرم الضيافة.


وأخيراً وليس آخراً، كلمة شكر لجميع شركائنا من مستشارين وخبراء، فبدونهم لم نكن لنتمكن من تحقيق النتائج الممتازة التي نحتفل بها اليوم".


وختمت: "اسمحوا لي أن أختتم الآن بملاحظة شخصية أكثر: آمل ألا أبوح بسرٍّ حين أقول أن سعادة السفيرة، السيدة نيكوليتا بومباردييري، ومديرة AICS أليساندرا بييرماتي وبعض زملائها - وأنا - جميعنا من المتنزهين المتحمسين، وقمنا بزيارة الوادي سرّاً عدة مرات. لذلك من المحتمل أن تشاهدونا نتجول في الوادي أكثر مما تتوقعون! شكرًا لكم".


وقالت السفيرة الايطالية في لبنان في كلمتها: "يشرفني حضور هذا الحفل، وسط الجمال الروحي الفريد لوادي قاديشا الذي ضُمّ إلى قائمة التراث العالمي في العام 1998. إنه لإنجاز مهم نحتفل به اليوم. أود أن أشكر جميع الذين جعلوا هذا الامر ممكنا، ألا وهو انتهاء مشروع ممول من وكالة التعاون الإيطالية ومنفذ من قبل اليونسكو، بالتنسيق مع وزارة الثقافة، وبالتعاون مع البطريركية المارونية واتحادات البلديات. ويتضمن المشروع تأهيل دروب عديدة في الوادي، وترميم معالم تراثية ومواقع أثرية ودينية، ونشر الخبرات المتعلقة بتقنيات الترميم للخبراء اللبنانيين المحليين.


تبقى إيطاليا الدولة التي تضم أكبر عدد من مواقع اليونسكو في العالم (58) وثاني أكبر مساهم إجمالي في الوكالة على المستوى الدولي. ولهذا، فإن مشاركة إيطاليا في الحفاظ على التراث الثقافي كانت ولا تزال حجر الزاوية في رؤيتنا الدولية. وهذا صحيح، بشكل خاص، في لبنان، حيث هناك استمرارية في التزامنا حماية التراث اللبناني الغني والمتنوع من الماضي إلى الحاضر. واسمحوا لي أن أعدد من بين أهم المشاريع إعادة تأهيل الطابق السفلي من المتحف الوطني في بيروت، وإعادة تأهيل متحف سرسق، وترميم المواقع الأثرية في صور وصيدا، وترميم معبد جوبيتر في بعلبك.


أما إذا نظرنا إلى المستقبل، فهناك مشاريع أخرى في طور الإعداد، منها مبادرة إعادة تأهيل محطة قطار مار مخايل القديمة، بالتعاون مع وزارة الثقافة وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UNHABITAT) واليونسكو، والتي أُطلقت قبل أشهر قليلة".


وتابعت: "يجسد كل ذلك برأيي نموذجا ناجحا للتعاون. تصبح حماية التراث الثقافي من خلال العمل مع المؤسسات المركزية والمحلية اللبنانية ووزارة الثقافة ووزارة السياحة ومع خبرة وتجربة اليونسكو الطويلة، محركاً لتعزيز تنمية المجتمعات المحلية وجذب السياحة المستدامة ونشر المنافع الاجتماعية والاقتصادية بطريقة أكثر شمولا، في جميع أنحاء البلاد.


يبقى الحفاظ على التراث مسؤولية وواجب علينا جميعا تجاه البشرية. وينطبق هذا بشكل خاص على منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تستضيف أكبر عدد من مواقع الأثرية التابعة لليونسكو، والتي هي عرضة أكثر من غيرها لعوامل هشاشة محددة: تأثير تغير المناخ، والاضطراب الناجم عن الصراعات والأزمات، والحاجة إلى نموذج أكثر استدامة للتدفقات السياحية.


أخيراً، أود أن أتوجه بالشكر مرة أخرى الى اليونسكو على هذه الشراكة القوية التي تربطها بنا و بوكالة التعاون الإيطالية".


بعدها كانت كلمة لوزير السياحة الذي بدأ كلمته بشكر السفارة الايطالية، وقال: "منذ اكثر من سنة اطلقنا السياحة الدينية والحج الديني في حديقة البطاركة وعلى درب من دروب لبنان درب مار بشارة بطرس الراعي". واعتبر أن "منطقة بشري واهدن وقاديشا والوادي المقدس هي من اجمل المناطق واروعها بشعبها وثقافتها وتراثها العريق". واستشهد بكلام السفيرة الايطالية بأن في كل ٢٥٠٠ متر مربع من لبنان موقعا اثريا وتراثيا". وقال: "أعتقد ان في لبنان مواقع كثيرة. وان السياحة الدينية مستدامة لأن المعالم الدينية لا تتغير. فإذا حصل زلزال يعاد إعمارها ونظل نتذكر انه كان يوجد كنيسة او جامع. فوزارة السياحة ستدرج هذه المواقع. واليوم سوف ندرج خمسة مواقع وسنعلن عنها لاحقا".


وأضاف: "إنه في ٢٧ و ٢٨ من الشهر الجاري يصادف الشهر العالمي للسياحة وهذه السنة تستضيفه المملكة العربية السعودية في الرياض وسنكون مشاركين بصورة فعالة وسيعقد اجتماع في السفارة اللبنانية في حضور وزير السياحة السعودي والامين العام لمنظمة السياحة العالمية في ٢٦ من هذا الشهر وسنستعرض رؤية لبنان ٢٠-٣٠ اسوة ب٢٠-٣٠ المملكة وسنعرض المقومات اللبنانية بعيداً عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نعيشها والرؤية هي لعشر سنوات للأمام. ونتمنى ان لا نبقى في هذه الازمات. وكما قال ولي العهد بأن هناك اتحاد اوروبي نأمل ان يكون اتحاد عربي وان يكون هناك خارطة سياحية عربية ويكون هناك تواصل وتبادل. وكما تسمعون ان في السعودية العلى والدرعية واليلاين والربسي، نحن نملك مقومات أكبر من المملكة العربية السعودية ورغم كل قدراتها المالية والمخزون لديها فعندنا الانسان والثقافة واللغة والخدمات. ففي هذه السنة استقبل لبنان حوالي المليوني سائح ودخلت كتلة نقدية تجاوزت العشرة مليارات دولار. وما معنى ان يدخل سواح اوروبيون الى لبنان أكثر من السواح الخليجيين؟ هذا شيء لا نتمناه. وبموقع لبنان الجغرافي يجب ان نكون في صلب الحلول وليس على الهامش. وهذه دعوة الى النواب والسياسيين الموجودين معنا بأن لبنان يجب ان يكون جزءا من الحل. وبالتفاهم نستطيع ان نضع لبنان على الخارطة العربية والاقتصادية. فالأخوة العرب بحاجة لنا أكثر مما نحن بحاجة لهم".


الى ذلك، كانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها: "نحن هنا على شفى الوادي المقدس في حضرة التاريخ المتأصل في وجداننا حضوراً متمادياً. لذلك اسمح لنفسي ان اقول يا صاحب الغبطة، شيئاً من التاريخ اخلص منه الى ما نعيشه في واقعنا اليوم دون ان اسيء الى احد. يحكي التاريخ يا صاحب الغبطة، أن أوروبا القرون الوسطى كانت تغلي شعوباً واوطاناً في طلب الحرية حتى بلغتها بعد الثورة الفرنسية ذات الشعار حرية مساواة اخوة. وفي الوقت الذي كانت فيه الامم الاوروبية تتصرف فيه، يا صاحب الغبطة، الى منح مواطنيها حق التمتع بمختلف انواع الحريات، كانت اساطيلها تغزو البحار والمحيطات وكان جنودها يحتلون البحور والقارات في اميركا وافريقيا وسفوح آسيا ويستعبدون شعوبها ويستغلون خيراتهم في سبيل رفاهية الاوروبيين. في ذلك الزمن، يا صاحب الغبطة، كتب شعب من المؤمنين سفراً من الحرية في هذا الوادي مضمونه لا غزو اراضي الآخرين واستلاب خيراتهم بل الالتصاق بالارض حتى آخر رمق يراق على صخورها. ومن معانيه ايضاً، الغوص في الإيمان ومنعرجات الروح تسامياً الى ملء الفضائل بالحياة النسكية والرهبانية والاجتماعية المستقيمة. هذا كان غوص ذلك الشعب المؤمن. لم يغص في لجج البحار ومناجم الخيرات الارضية لاحتكارها وتكديس الثروات. وكان لهذه الجماعة ان تكبر وتكبر لتنضم إليها جماعات سواها قادمةً الى هذه الارض من حيث اضطهدت طالبةً الحرية حتى كان ان ائتلف الساحل مع الجبل ونشأ هذا البلد العظيم الكبير رغم ضيق مساحته فضاءً باللقاء على قيم الحرية والخير والحق والجمال الحرية".


وأضاف: "إذاً، ليست بضاعةً نستوردها من الخارج او تدخل نظامنا المعرفي والثقافي بالتهريب. فالحرية هي حقيقة عيشنا كلبنانيين ولكن علينا التنبه كما يقول احد علماء الاجتماع الى انها تختلف صورتها بين قوم وآخر رغم تشابه مناظرها احياناً وذلك تبعاً لحاجة الناس اليها ولما درجوا عليه من تقاليد وعادات.


ليس رغبتي ان اقدم محاضرة عن الحرية، ولكن اود ان اقول هنا بحضوركم يا صا حب الغبطة في حدشيت بجوار الوادي المقدس، لأقول لهم وهم الذين يطرقون قيمنا بمطرقة الحرية ان الشعب البناني بأغلبيته الساحقة وبإجماع قياداته الروحية، يرفض ان تتسرب الى مجتمعنا افكار هدامة لا تأتلف مع تاريخه وثوابت معتقداته والحالات المرضية التي خلفها يتلطون بإلغاء ما يجرّم الشذوذ ولكن كأي جرم آخر او خطيئة أخرى والقضاء اللبناني يتعامل مع هذه الحالات بما يتلاءم مع الظروف الخاصة بها من ضمن القوانين النافذة والمعاهدات المرعية الاجراء. أما ما يسعى إليه أولئك الساعون فلن يوصل قطعاً الى المعالجة بل كفرض هذه الحالات كأمر واقعي على أبناء المجتمع كافة. وهذا حتماً لن يصير لأننا حريصون على سلامة مجتمعنا وعلى رسوخ مفهوم العائلة كثروة اجتماعية مقدسة لا بديل عنها".


وتابع: "أما عن مناسبة ترميم الاديرة في هذا الوادي المقدس، فالحقيقة التي ينبغي أن أشهد لها بلا تردد في حضرتكم يا صاحب الغبطة، أن السفارة الايطالية في بيروت كانت ولا تزال تعمل بدأب على نشر قيم التلاقي واهتمامها بالموروث الثقافي اللبناني من غير تسويق بين المنتمي الى الحقبة الرومانية التي تركت لدينا آثاراً عديدة وبين ذاك الذي يشكل ثروة معرفية للإنسانية جمعاء كهذا الوادي المقدس او المتحف الوطني وغيرهما من المواقع الأثرية في مدن وبلدات لبنانية عديدة وهذا العمل الجاري تحت إشراف سعادة السفيرة الصديقة ومتابعتها الحثيثة، يؤكد يا صاحب الغبطة متانة علاقات الصداقة بين ايطاليا ولبنان ورسوخ التعاون والتنمية مع الدولة الايطالية والشعب الايطالي وهو نموذج يجب ان يسود بين الدول بدلاً من سياسة الفرض والاحتلال والحصار والعقوبات.


يبقى أن أقول بخور الصلوات وأنفاس المصلين حين تجتمع بين صخور هذا الوادي المقدس، تتخذ شكل الضباب الذي يرتفع رويداً رويداً ليسقي شجر الأرز من أجل أن يبقى أخضر مقاوماً كل أنواع الفتن والضلالات والتهديدات. اللهم أسبغ على هذا الوادي المزيد من البركات والقدسية وخلّص بلدنا ووفقنا نحن اللبنانيين، أن نعمل ما تحب وما ترضاه. عشتم وعاش لبنان".


وفي الختام، كانت كلمة للبطريرك الراعي الذي اعتبر أن "الله اهدانا هذه الارض الجميلة". وتابع: "أتكلم اليوم حاملاً معي ثلاث كلمات هي: الجذور والجمال والثقافة. هذه هي الزوادة التي نأخذها معنا الى بيوتنا. وقبل ان اشرح، لا بد من اشكر معكم السفيرة الايطالية ومن خلالها الحكومة الايطالية وتحديداً وزارة الخارجية التي لديها برنامج التعاون من أجل النمو والذي تولى كل هذا العمل في الوادي المقدس. وأشكر معكم ما قاموا به من ترميم في الوادي المقدس. ونشكر ايضاً اليونيسكو على تسهيلها للأعمال التي حضرّت للسفارة الايطالية والتي امنّت هذه التغطية المالية الكبيرة. كما أوجه معكم التحية الى مؤسسة الآثار في لبنان التي لها الدور الخاص في هذا الموضوع. وأود أن أصارحكم أنه لا يزال في القلب جرحان: الجرح الأول الوادي الذي يوصلنا الى وادي قنوبين والذي يتعذر عليه وصول الكبار في السن والمعوقين علماً انه يقال قياس ثقافة شعب اهتمامه بالمعوقين فهم لا يستطيعون الوصول الى وادي قنوبين ورؤية جماله. فمنذ وصولي الى سدة البطريركية وانا انادي بهذا الامر ولم يتحقق الجرح الثاني ان قنوبين ليست مكاناً أثرياً فقط بل هي قرية يسكنها أناس وليس لها طريق".


وأضاف: "كيف نستطيع الوصول الى هؤلاء الناس اذا أصابهم أي مكروه؟ يموتون في أرضهم. فهذه بلدة لبنانية فيها شعب ومختار ويحق لهم ما يلزمهم مثل باقي المواطنين. لقد حملنا العودة الى الجذور من خلال الكنائس التي ترممت. جذور تاريخية وثقافية في هذه المنطقة. لذلك، لا نخاف طالما أن الأرزة تعبر عن ثباتنا وعدم اقتلاعنا. ويجب علينا الحفاظ على هذه الأرض وغيرها في كل المناطق طالما ان الله سبحانه وتعالى أرادنا عليها وفيها.


والكلمة الثانية التي احملها معي: لقد شاهدنا كل شيء جميل. فالجمال أهم شيء في الحياة. والجمال ليس فقط في وجه الإنسان إنما هناك جمال القلب وجمال الروح كما جمال العمل وجمال التعاطي كذلك جمال السياسة وجمال الاقتصاد والاعلام. يعني كل شيء يجب ان يكون جميلاً حتى يكون مقبولاً من الناس. وهذه دعوة لنا لنعيش الجمال.


والكلمة الثالثة هي الثقافة: وهنا أشكر وزير السياحة على إدراج الكنائس الخمسة من ضمن التراث العالمي السياحي. كما اشكر اليونيسكو التي ادخلت الوادي ضمن التراث العالمي. وأعتقد أن فرحة معالي وزير الثقافة كبيرة عندما يرى أن الثقافة محمية على كامل الارض اللبنانية وهكذا نفتح بلدنا لكل الناس في العالم كي يتنعموا بهذه الجمالات التي شاهدناها. جمال جذور وثقافة يعلموننا ان تكون أعمالنا مبنية على هذه الركائز الثلاثة الاساسية".


وتابع الراعي: "أما لأهالي حدشيت فأقول لهم: مبروك. وأهنئهم من كل قلبي على هذا الإبراز لهذه الكنائس الخمسة وهم يعيشون جذورهم الدينية الرفيعة وهي تفتح المجال لىسياحة واسعة على ارض حدشيت. وهذا يقتضي من مجلس بلدية حدشيت استقبال السواح الذين يتوافدون ليشاهدوا جمال الكنائس. لقد شاهدنا كل هذه الترميمات وتحدثنا عن الجمال الذي شكل هندساتها. ونحن في هذه الليلة، نعيش ليلة جميلة، ليلة ثقافية جذورية".


وتوجه البطريرك في النهاية، بالشكر الى السفيرة الايطالية ومديرة مكتب اليونيسكو على "التعاون الوثيق مع الوزارات المعنية وتمويلها من أجل إبراز السياحة الدينية".


بعدها، قدم كهنة حدشيت هدايا تذكارية وغرسات أرز للبطريرك والوزيرين والسفيرة ومديرة اليونيسكو. وأقيمت مأدبة عشاء تكريمية على شرفهم. 

MISS 3