النجم الأقوى مغناطيسياً ينذر بنشوء جسم غامض

02 : 00

إتّضحت أخيراً هوية نجمٍ حيّر علماء الفلك طوال أكثر من مئة سنة. يدخل نجم HD 45166 في خانة نجوم «وولف رايت» ويقع على بُعد 3 آلاف سنة ضوئية.

على غرار معظم النجوم في هذه الفئة، هو غنيّ بالهيليوم وله رفيق محدّد. لكن يتّسم هذا النجم أيضاً بسلوكيات غريبة وغير موجودة في أي نجم آخر من نوع «وولف رايت»، فهو يخسر كتلته بمستوى يفوق التوقّعات ويتبع نمطاً غير مألوف للتعامل مع رياحه.



اكتشف فريق بقيادة عالِم الفلك تومير شينار من جامعة أمستردام في هولندا أن هذا النجم الغريب يحمل حقلاً مغناطيسياً قوياً على نحو مدهش، ما يعني أنه يتحوّل إلى نجم مغناطيسي بعد انفجاره.

هذا الاكتشاف يجعل HD 45166 أوّل نجم مغناطيسي معروف من نوع «وولف رايت»، وهو يحلّ مشاكل كانت ترتبط سابقاً بالنجوم الثنائية ويسدّ بعض الثغرات في معلوماتنا عن تحوّل النجوم الضخمة إلى أكثر الأجسام مغناطيسية في الكون.

نجوم «وولف رايت» نادرة، لكنها تُعتبر من الأكثر إبهاراً في درب التبانة، فهي تصل إلى الوقود الذري الذي يغذّي الانصهار في نواتها. هي ساخنة وساطعة جداً وتقلّ فيها كميات الهيدروجين، لكنّها غنية بالكربون والنتروجين.

هي تخسر أيضاً جزءاً من كتلتها بوتيرة متسارعة عن طريق الرياح النجمية، وتكون مُصمّمة كي تتحوّل إلى سوبرنوفا خلال مدة قصيرة نسبياً من الزمن الكوني. حين ترسل موادها الخارجية نحو الفضاء، تنهار نواتها سريعاً وتتحوّل إلى نجم نيوتروني: إنه جسم شديد الكثافة يقتصر حجمه على 20 كيلومتراً ويحتوي على كتلة أكبر من كتلة الشمس بـ2.4 مرات.

في المقابل، تكون النجوم المغناطيسية نيوترونية، لكنها تشمل نسبة مبهرة من الحقول المغناطيسية، وهي أقوى بألف مرة من تلك الموجودة في أي نجم نيوتروني عادي وأقوى بكوادريليون مرة من حقل الأرض المغناطيسي.

لا تزال أسباب هذه الميزة مجهولة. تطرح النماذج المتاحة فرضية عن وجود الحقل المغناطيسي في النجم قبل تحوّله إلى سوبرنوفا وانهيار نواته. لكن لم يرصد العلماء أي نجم يحمل حقلاً مغناطيسياً قوياً بما يكفي في نهاية حياته.

بالعودة إلى نجم HD 45166، اكتشفت قياسات سابقة أن نجم «وولف رايت» غني بالهيليوم، ويساوي أربعة أضعاف كتلة الشمس، ويدور بمعدل 1.6 يوم إلى جانب نجم من النوع «بي». لكن تتعارض هذه الخصائص مع ما نعرفه عن تطوّر النجوم الثنائية وطريقة إطلاق الرياح النجمية.

يقول شينار: «لقد أصبحتُ مهووساً بهذا النجم. أتذكر أنني مررتُ بلحظة إدراك حين كنتُ أقرأ مقالة بعنوان: «ماذا لو كان النجم مغناطيسياً؟».

لهذا السبب، استند شينار وفريقه إلى مجموعة جديدة من الملاحظات بشأن النجم وبحثوا عن دليل على وجود حقل مغناطيسي. سرعان ما وجدوه إلى جانب مجموعة مختلفة من القياسات التي كادت تُجدّد مواصفات النجوم الثنائية بالكامل.

أولاً، يحمل نجم HD 45166 حقلاً مغناطيسياً بقوة 43 ألف غاوس: إنه أقوى حقل مغناطيسي تم تسجيله يوماً في أي نجم ضخم. ثانياً، يبدو النجم أصغر ممّا ظن العلماء، فهو يساوي حوالى ضعف كتلة الشمس فقط.

أخيراً، تصل مدة الدوران حول المدار إلى 8200 يوم، وهي مدة تفوق التوقّعات الأولية بكثير. تنجم الدورة التي تقتصر على 1.6 يوم عن التذبذبات الداخلية في النجم المرافق من النوع «بي».

لا تزال طريقة وصول نجم «وولف رايت» إلى وضعه الراهن مجهولة. يظنّ العلماء أنه تشكّل على الأرجح نتيجة اندماج نجمَين أصغر حجماً. يبدو هذا السيناريو خاصاً ونادراً نسبياً، لذا من المنطقي أن تبرز مسارات محتملة أخرى لتفسير طريقة تطوّر النجوم المغناطيسية في تلك المساحة.

في ما يخصّ وجهة نجم HD 45166 خلال بضعة ملايين السنين، من المتوقّع أن يتحوّل إلى سوبرنوفا. قد تنكمش النواة المنهارة وتُركّز الحقل المغناطيسي في موقع محدّد، ما يؤدي إلى نشوء نجم مغناطيسي تصل قوته إلى 100 تريليون غاوس.

قد لا نعيش حتى مرحلة حصول ذلك، لكن يمنحنا هذا الاكتشاف أداة جديدة لفهم طريقة تشكيل النجوم المغناطيسية وقاعدة بيانات للبحث عن أنظمة مماثلة في الكون.

في النهاية، يستنتج شينار: «من المثير أن نكتشف نوعاً جديداً من الأجسام الفلكية، لا سيّما حين نعرف أنه كان سهل الاكتشاف طوال هذه المدة».

MISS 3