تعرّف روي ولنر إلى أرييل رينو حين كانا في العاشرة من العمر، ودرسا في مدرسة واحدة ببروكسل، ثم تخرّجا في الجامعة ذاتها بلندن. في 2018، التحقا ببرنامج ماجستير إدارة الأعمال في المدرسة العليا للتجارة في باريس، لكنّهما سرعان ما وجدا أن ثمة نقصاً في البرنامج.
قال ولنر: «أغلب مدرّسينا كانوا من الأكاديميين أو الباحثين، وفي بعض الأحيان من الاستشاريين... كان هذا رائعاً جداً لزملائي ممّن أرادوا العمل في المجالين الاستشاري والمالي. لكنه ليس المكان الصحيح إذا أردت أن تؤسس شركة ناشئة». خلص ولنر ورينو إلى أن بإمكانهما أن يتعلّما أكثر عن تأسيس شركة من برامج «البودكاست» ومقاطع الفيديو على «يوتيوب». لذا؛ قرّرا أن يؤسسا كلية إدارة الأعمال على طريقتهما.
افتتحت شركتهما الناشئة، «Augment.org»، أبوابها الافتراضية في آذار للطلاب المستعدين لدفع 1750 دولاراً مقابل منهج على الإنترنت يتكوّن من ست وحدات أو دورات، ويشمل موضوعات أغلبها عن كيفية تأسيس شركة. تشمل الدورات مئات الدروس التي يستغرق كل واحد منها 15 دقيقة، وينبغي إكمالها على مدى بضعة أشهر.
المحور الأساسي للمنهج هو العروض التقديمية- وهي قطعاً ليست محاضرات- من مؤسسي شركات معروفين، مثل جيمي ويلز من موقع «ويكيبيديا»، وكريس بارتون من تطبيق التعرف إلى الأغاني «شازام» (Shazam)، وكلها مصوّرة بشكل متقن كما في مؤسسة «ماستر كلاس» (MasterClass)، أي دورة محاضرات يقدّمها خبير. التحق نحو 300 شخص بهذا البرنامج حتى الآن، وحصل قرابة 50 منهم على شهادات تثبت أنهم أكملوا البرنامج.
جاذبية البرنامج
تنضمّ «أوغمنت» (Augment)، ومقرّها باريس، إلى مجموعة صغيرة متنامية من الشركات، مثل «ألت إم بي إيه» (AltMBA) و»ذا باور أوف بيزنس سكول» (The Power of Business School)، التي تهدف لتوسيع جاذبية برامج ماجستير إدارة الأعمال.
لسبب ما؛ قرّر نحو 4% فقط من الطلاب ممن تخرّجوا من برامج ماجستير إدارة الأعمال حضروها بدوام كامل في الولايات المتحدة في 2022 أن يؤسسوا شركات، وفقاً لبيانات جمعها «إم بي إيه كارير سيرفسز آند إمبلوير ألاينس» (MBA Career Services & Employer Alliance)، الذي يرصد نتائج برامج ماجستير إدارة الأعمال. بالمقارنة؛ قال ولنر إن نحو نصف طلاب «أوغمنت» يخططون بشكل نشط لتأسيس شركة، أو هم باشروا بذلك، كما أن أغلب من يملكون الوظائف يهتمون بتأسيس شركتهم يوماً ما.
في رسالة بالبريد الإلكتروني، كتب براد هاريس، مساعد عميد برامج ماجستير إدارة الأعمال في المدرسة العليا للتجارة في باريس، أن 20% من خريجي برامج ماجستير إدارة الأعمال وماجستير إدارة الأعمال التنفيذي في الكلية يؤسسون عادةً شركات بعد التخرّج، «ويأخذ العديد منهم» تلك الخطوة خلال العقد التالي لتخرّجهم. قال: «نشيد بأرييل وروي. هدفنا هو أن يُغيّر الطلاب العالم بطرق إيجابية، هذان الطالبان يحقّقان ذلك».
بدايات ولنر ورينو
على الرغم من شكاوى ولنر بشأن منهج المدرسة العليا للتجارة في باريس؛ فإنه قد أسّس أولى شركاته أثناء دراسته هناك خلال الجائحة، إذ كان ينتج مشابك لأقنعة الوجه للحيلولة دون تكثّف البخار على باطن عدسات النظارات بسببها. باع ولنر أكثر من مليون مشبك منها لصيدليات ومتاجر بقالة في شمال أوروبا، قبل أن يتعاون مع رينو في أيار 2022 ليؤسسا ما أصبح بعد ذلك شركة «أوغمنت».
كان رينو يعمل في شركة «جيلي سماك» (Jellysmack) التي تعتمد على تحليلات البيانات لنشر مقاطع الفيديو للمؤثرين على موقع «يوتيوب». رأى رينو أثناء عمله بالشركة كيف يضفي المشاهير مصداقية على منتج ما ويعزّزون المبيعات. في ذلك السياق؛ قال ولنر إن «أوغمنت» ستستميل «أفضل قادة جيلنا في مجال الأعمال»، وهم مؤسّسو شركات يعرفهم الطلاب، ويقدّمون مصداقية للشركة الناشئة.
كان بارتون، مؤسس تطبيق «شازام» الذي يتعيّش الآن من محاضراته، أول رائد أعمال يرسل رداً على الرسالة غير المرغوبة التي أرسلها ولنر ورينو. قال بارتون: «حين تكون أحد قادة الفكر؛ عليك أن تتحلّى بعقلية منفتحة تجاه أي فرصة تتيح لك تحقيق مكسب من تلك القيادة الفكرية».
أبرم ولنر ورينو الصفقة مع بارتون خلال عشاء جمع الثلاثة في سان فرانسيسكو. قال بارتون: «يُقدّمان أنفسهما على أنهما يجمعان بين عالم (ماستر كلاس) وبرنامج ماجستير إدارة الأعمال عبر الإنترنت. يودّ الناس أن يشاهدوا مقاطع فيديو تجذب انتباههم. كان ذلك ما يفتقر له التعليم عبر الإنترنت، إلى أن برزت فكرة (ماستر كلاس)». سرعان ما أدرك رينو وولنر أن خطوة تلميع الاسم التجاري كانت مهمة للطرفين. قال ولنر: «كان بحاجة إلى أن يثق بنا لنشرح قصة تطبيق (شازام)، ونلمع صورته أمام الكاميرا. حين أبرمنا الصفقة مع كريس بارتون؛ بات بعدها إقناع مدربين ممتازين آخرين بالانضمام إلينا أسهل بكثير».
تطوير المحتوى
في تلك المرحلة، بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر من تأسيس «أوغمنت»، كانا قد عثرا على تمويل، واستخدماه في تطوير المحتوى. بعد استقطاب مؤسس شركة مشهور، يتولى العاملون بـ»أوغمنت» مهمة فحص كل ما كتبه أو قاله، بحثاً عن مادة تعكس المبادئ التي حدّدتها «أوغمنت» في خطط دروسها.
قال ولنر: «نحن نستخرج النظريات ممّا حدث في الواقع حين كانوا يؤسّسون شركاتهم، وليس العكس». قال بارتون إن استخلاص التجارب المستقاة هو «أحد أفضل ما ينجزانه». تنقل «أوغمنت» المدرّب إلى باريس جواً من أجل بضع ساعات من التصوير، حيث يقدّم عرضه في موقع تصوير أُعدّ خصيصاً ويعكس شخصيته وإنجازاته. كان موقع تصوير بارتون عبارة عن نموذج بالحجم الطبيعي لغرفة مكتب بسيطة الأثاث وعلى جانبيها مكبرات صوت عملاقة.
يصرّ ولنر على أن «أوغمنت» تفتح آفاق السوق لتعليم إدارة الأعمال لمن ليس لديهم الوقت والمال لحضور برنامج تقليدي. لكن أحد العوامل التي لا تستطيع «أوغمنت» حتى الآن أن تضاهيها هي شبكة العلاقات. التقى رينو في نهاية المطاف مموّلي «أوغمنت» خلال تدريب في شركة لرأس المال الجريء بمساعدة المدرسة العليا للتجارة في باريس. قال ولنر: «صحيح أنه قد تبين لنا أن تلك ميزة كبيرة حين قررنا أن نؤسس الشركة».
على الرغم من أن «أوغمنت» تعد بتعليم «الأساسيات في برنامج ماجستير إدارة الأعمال»؛ فإن المحتوى ليس معقّداً بصفة خاصة. لا تتعمّق العروض التقديمية في الموضوعات المعقدة، كما أن دراسات الحالة والاختبارات التي تصحب مقاطع الفيديو لا تتعمّق بشكل أكبر في المادة. على الرغم من ذلك؛ فإن هذا يمثل إحدى الميزات وليس عيباً، بالنسبة لبعض الطلاب على الأقل.
برنامج غير تقليدي
قالت كاثرين بولدو، المسؤولة عن قسم الاتصالات في منظمة غير هادفة للربح: «(أوغمنت) هي بالضبط المؤسسة الملائمة لأشخاص مثلي». بعدما التحقت ببرنامج ماجستير تقليدي لإدارة الأعمال؛ انسحبت بولدو من الدراسة بسبب «ضغوط تقديم الواجبات الأسبوعية». أضافت بولدو أيضاً أن بعض الكتب الدراسية عفّى عليها الزمن.
قال ولنر إن المنهج سيتعمّق فيما تنمو «أوغمنت»، على الرغم من أنه يقرّ أن البرنامج لن يتطلب أبداً القدر نفسه من المجهود الذي يتطلّبه برنامج تقليدي. ستضيف الشركة قريباً دورات عن المبيعات والمحاسبة. حصلت الشركة أيضاً على مزيد من التمويل، وتخطط لإنفاقه على تطوير مزيد من المحتوى وبيعه لشركات تسعى لتزويد موظفيها بسبل التطوير المهني. يحصل أوائل مشتركي «أوغمنت» على حق الاشتراك في البرنامج مدى الحياة لكي يتمكنوا من متابعة الدروس الجديدة حين تُتاح عبر الموقع.
يُدرّس دورة المبيعات جيفري غيتومر، الذي ألّف العديد من الكتب عن فن المبيعات، كما تواصل مع «أوغمنت» بخصوص تقديم الدورة بعد أن رأى أحد إعلاناتها على «إنستغرام». أبدى غيتومر إعجابه بإخلاص «أوغمنت» للتجارب الواقعية: «لقد تخلصوا من الهراء. لا أحد يقول: دعونا ننظر إلى الفصل الأول من الكتاب».